باقون من عيد وحطام
خاص ألف
2010-09-10
وارتحلتُ و ارتحلتُ …
من وإلى هنا إلى هناك ،إلى ذاك الفجرِ الدامي الذي يخوضُ بالهجرانِ ،إلى شرفاتِ ذاك الصباح الذي يرتدي ثوبَ النكرانِ، والذي يوغلُ الجرحُ فيه من الخاصرةِ إلى الخاصرةِ ويحتدمُ فيه الزمان .
إلى عادته حين يمضي بكم بعيداً عن أي مكان، حيث يقتنصُ الألوهةَ المجسدةَ فيكم يحشدها بحقائبِ الوداعِ إلى السفرِ القسري إلى نفي النفي كل حينٍ وكل أوان.
إلى تلك المواقيتِ التعبةِ المنتشرةِ على امتدادِ الأجسادِ المثخنةِ بمفرداتِ القهرِ والمزكاةِ بغزارةِ الحرمان .
من هناك من أوّل الريحِ من كنائسِ الحزنِ ومدائنِ الاحتضارِ، من حاضرٍ لكم يتحطمُ حائطهُ وينهارُ،
إلى هناك إلى مجازر أزمانكم المليئة بالأزمان، إلى أحداثكم المفعمةِ بالأحداثِ، حيث لا يشاطئني إلا مجهولُكم، ولا يحاصرني إلا ماضيكُم، وأحلامٌ لا تشبهُ كلَّ الأحلام .
لقداسِ عيدكم قادتني خطواتي لأعبرَ بوابةَ الكوابيسِ لأفتحَ قواميسَ المعاني لأحطَ الرحال .
فها أنا أعودُ إليكم ممزقةَ الفؤادِ ملتهبةً بأوجاعكم أغتسلُ بطُهرِ دمعاتكم، فأسخرُ كثيراً من معاناتي ، أميدُ بزلزال أهيم بزلزال !.
عدت إليكم حيثُ عشراتُ الرماحِ تخزُ الروحَ ونصلٌ لتأوهاتكم وشهقاتكم يمزقُ القلبَ إرباً إربا، يبقيني دهراً لديكم أقفُ على مفترقِ الذهولِ ويقتلني الهذيانُ .
أحملُ بعضَ مما تبقى من بعضي، أضربُ أوتادَ ذاكرتي وأغزوها بذاكرتكم المجروحةِ النازفةِ التي تشتعلُ بالنارِ ملوحةً بحكايا الموتِ والكتمانِ .
فتزدهرُ بي الأسئلةُ الحائرةُ وتذبلُ بي الأجوبةُ الفاترةُ أمام عوسج ِ هذه الأحزان أُشهرُ حروفي أمام مصائركم علّني أختلقُ ذاكرةً جديدةً مفعمةً بذاكرةِ الآن .
أفليسَ من رحمِ الحزنِ تتوالدُ الأفكارُ ؟ ومن صُلبِ ظلامِ الليلِ ينبثقُ النهارُ ؟
******************
من هناك من حطام ِأيامهم المطوقة بالانهدامات حيثُ ومازالتْ تبدأ كلَّ يومٍ فصولُ روايةٍ موشحةٍ بتموجاتِ الحجارةِ تنتحبُ فيها الضحكاتُ، ولا يسمعُ فيها إلا صهيل الرصاصِ ودوي الطلقات .
تفتحُ بحوارياتِ القتلِ تنتهي بمسيراتٍ من جثثٍ لأجسادٍ برئيةٍ طريةٍ غضةٍ تتكسرُ بفؤوسِ المكائدِ ووحشيةِ الاغتيلات .
ارتحلتُ إليهم إلى ذاك الحطام ِ …
التقيتهم فيضاً جميلاً من الآمالِ، مراكبَ مبحرة في بحيراتِ الدمِ يعانقون الصرخاتِ يكابدون الأنـَّات .
التقيتهم أطفالاً … كانوا أطفالاً …
في منتصفِ الوجعِ يقيمون موائدهم، يقتاتون من عدمٍ يعيشون فوقَ الحطامِ، يرتدون خفَّ الموتِ يحملون ضحكاتهم الصفراوية، يركضون ويركضون ويحلمون ويحملون ما تبقى من ألعابهم من دفاترهم وحجارتهم ويحلمون، يتجلى في عيونهم جموحُ الغدِ وجنونُ الوقتِ، يضحكون يلعبون ويرسمون ويهندسون الأمل بالحرية والطيران .
ويحاولون ويحاولون و فرحا ً يختلقون .
هناك عندهم وقفتُ عُمْرَاً وقفتُ وبكيتُ وبكيتُ ...
وهناك شردتُ بكيتُ …
نعم بكيتُ لأجلهم بكيتُ فنحن في زمنٍ لم نعد نبكي فيه على شيءٍ ولا لأجلِ شيءٍ ولكن لأجلهم بكيتُ وتساءلتُ في نفسي وسألتهم :
كيف لكم أن تقاوموا،كيف باستطاعتكم أن تعيشوا ؟؟؟
قالوا : إننا باقون للأزلِ … باقون …
ما عدنا بحاجةٍ لأعقابِ الضمائرِ ولا لعتادٍ من أموالٍ وذخائر، فالقبرُ هناك واقفٌ لنا بالمرصاد ِعلى بُعدِ غيمةٍ أو غيمتين من جوعٍ وخواء .
قلت : وأغنياءُ العالم كيف يبتهجون؟ يعيشون وأنتم تتمزقون تتوالدون في بوتقةِ الجوعِ و الآلامِ ؟؟
قالوا : نحن لم نعد بحاجتهم لا بأس إن مُتنا مع اليباسِ لكننا باقون .
نحن ضيقون واسعون نلتمُ على الحُلمِ ونُبعَثُ ونحيا على الأحلام .
لا بأس فخلف كلِّ غيمةٍ رعدٌ وخلف كلِّ رعدٍ رحمةٌ .
لا بأس فالله لا يتخلى أبداً عن الأيتام .
قلت: لكنني أرى طفولتكم بلا طفولةٍ وأيامكم بلا أيام !!
قالوا: سيأتي الوقتُ سيعلو الصوتُ وسيحينُ حينها موعدٌ للكلام .
قلت : كيف و متى فقد مرت سنونٌ وتوالت أعوامٌ ؟؟
قالوا : لاتسألونا كيف جُرِحَ العيدُ ؟ و مَنْ جَرَحَ العيدَ ؟ سواءٌ كان حاكماً أو حكاماً.
توقفتُ حينها و ابتعدتُ ،لملمتُ نفسي وهربت إليها بعيداً بعيداً، وإحساسي بالبردِ بالعجزِ بالإهانةِ بالغثيانِ .
انكفأتُ على جُبْني هناك في زاويةٍ أرمقُ موتهم أخجلُ من طريقةِ موتي .
أعلنُ العصيانَ عند كلِّ عيدٍ كان لهم حطاماً .. أبكي به أمزقُ خارطةَ الأكفانِ .
وما بوسعي إلا أن أنذرَ ساعاته للشمس ،لآلهة ِالعدلِ . ورحمةِ الأكوان
08-أيار-2021
20-تموز-2013 | |
26-حزيران-2013 | |
فيلم آلام المسيح (The passion of the christ) إدانة للعنف وتجسيد للصراع العقائدي الإيدولوجي |
15-حزيران-2013 |
06-حزيران-2013 | |
11-نيسان-2013 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |