مقابلة تحت السطوح الجزء 2 والأخير
خاص ألف
2010-12-01
- كنتِ متألقةً فوقَ السطوحِ . لماذا تبكين الآن ؟
- الحقيقةُ أنّني متألقةٌ عندما أكونُ فوقَ السطوح . أعرفُ أنّ جارتنا تتجسّسُ عليَّ . أشعرُ بالعنفوانِ . أصبحُ مملوءةً بالقوةِ الداخليةِ . ربما يمكنكِ القولُ أنّني أتحولُ إلى فريقٍ كاملٍ يتحّدُ معي ، ويستطيعُ مجابهةَ قوةٍ عسكريةٍ
معَ هذا هي من تنتصرُ في النهايةِ .
- ولماذا تسبّبُ لك جارتكِ كلُّ هذا القلق ؟
- لا . لا تسبّبُ لي القلق . أشعرُ فقط بالإحباطِ من سنواتِ عمري التي كرّستُها للدراسةِ والعمل . هل تدرين أن جارتي تحملُ الشهادةَ الإعدادية فقط ؟ معَ هذا لا يكفُّ الناسُ عن طرقِ بابِها طلباً لمشورتها . تعرفُ كلَّ مفاتيحِ الحلِّ لأيّةِ قضيةٍ . هاتفٌ واحدٌ منها يحلُّ الموضوعَ. وزوجها معجبٌ بها . صحيحٌ أنّه سوقيٌّ . لكنّه يقدّرُ ذكاءَها وعفّتها . فهي لا تحيدُ عن الأصولِ . لباسُها يتماشى مع لباس المرأة الشرعي . كلامُها رقيقٌ مع كلِّ الرجالِ الذين يقصدونها . ومع الذين تطلبُ خدماتٍ منهم أيضاً . إذا رأتِ امرأةً تجاهلتْها وفتحتْ ملفاً أمامَ بابها تقرؤهُ بعنايةٍ . تقولُ لها بلغةِ النساءِ إنني أفضلُ منكِ .
- ما دمتِ معجبةً بها لهذه الدرجة ، لماذا لا تسألينها عن سرِّ نجاحِها ؟
- اغفرْ لي يا رب . لن أقولَ شيئاً . إن بعضَ الظّنِ إثمٌ .
- هل تعنين أن جارتَكِ امرأةٌ ساقطةٌ ؟
- لم أقلْ هذا فا لشرعُ يطلبُ منّا أن يشهدَ على ذلكَ أربعةُ شهودٍ . إنّني لم أرَ شيئاً . فقط حركاتُ غنجٍ . أو مكالماتٌ مع رجالٍ متنفذين . حتى ابنتها التي لم تبلغ سن الرشدِ ماهرةٌ مثلها أيضاً . هيّ تدّعي أنّها أشرفُ النساءِ . لكنّ أحدَ جيرانِنا يتحدثُ معها من فوقِ السطوحِ . يقولُ لها : ما أرقَّ صوتكِ . إنّ الإيمانَ مرسومٌ على وجهكِ . أرى فيكِ صورة رابعةَ العدوية .
- إذن دعيها وشأنها مادمتِ غيرُ قادرةٍ على أن تكوني مثلَها .
- عليَّ أن أقومَ بذلك .
- إذا تجاوزنا موضوعَ جارتك ، فإلى ماذا تطمحينَ في حياتِك ؟
- إلى تغييرِ كل شيءٍ في حياتي . مكانُ سكني . بلدتي . بيتي . زماني .
- هل ترغبين بتغييرِ زوجكِ ؟
- أرغبُ أن يتغيرَ من تلقاءِ نفسه . لم أعرفْ غيرَهُ هو أوّلُ رجلٍ في حياتي وسيكونُ آخر رجلٍ . لذا لا أرغبُ أن أغيّرهُ فقط أرغبُ أن يتغيرَ فهو غير موجود في حياتي . أرغبُ أن يحضر َإلى حياتي مبتسماً .
- نحنُ اليوم نحقّقُ ما نطمحُ إليه في الحياةِ، حيثُ يقولون أنّ كلَّ ما يجري لنا هو ما نقولُه لأنفسنا في عقلنا الباطن . فهل هذا الأمرُ يجري معك ؟
- لا تقولي لي هذا أرجوكِ . كلما قرأتُ كتاباً في التنميةِ الذاتية أمرُّ بحالةٍ نفسيةٍ أشدّ من الاكتئابِ . هؤلاء الذين يكتبونَ عن تجاربِهم ويعطون الزبدة مرقمةً بالأعداد . ليسوا صادقين . هم ربما أثروا بسببِ هذا النوع من الكتابةِ ، لذا أتركُ الدنيا تمشي وهي تنظرُ في اللاشيء . مثلما أفعلُ تماماً .
- ما هذا الغضبُ الذي يسكنُ في داخلك ؟ تعلّمي كيف تسيطرينَ عليه .
ألم تقرئي عن كيفيةِ السيطرة على الغضب ؟
- إنْ لم تكفي عن هذا الكلام. سأمتنعُ عن الحديثِ معك . قرأتُ كثيراً ، ورأيت فيلماً عنهُ . عندما اكتشفَ البطلُ أنّ أمَّه الحقيقيةَ فقيرة . أصبحَ الغضبُ هو الذي يقودُه ، فيتصرفُ كالمجنون . مع أنّه هو مؤلفُ كتابٍ عن السيطرةِ على الغضبِ .
- هدئي من روعكِ. سأنتقلُ إلى سؤالٍ آخر .ما هي أمنيتكِ في الحياةِ ؟
- أن أكونَ امرأةً متعلمةً . تجيدُ كتابةََ الشعرِ والرسمِ . يشاركُها في حياتِها رجلٌ اسمه زوج . يأتي إلى المنزلِ ليقولَ لها ما أجملَك ! ما أذكاك ! وما أجمل الحياةَ برفقتك ! تبتسمُ لهُ لأنّهُ عادَ مبتسماً . تتألقُ معه ، وبعينِ أولادها . يكونُ لديها المالُ الكافي لتأمينِ حاجات المنزل .
- ألا يقولُ زوجُك لكِ أنكِ جميلةٌ ، وأنّه يحبُّك ؟
- قالها منذُ زمنٍ لي . مرةً قبلَ الزواج . وبعدها أصبحَ يقولُها بالسّرِ . ربما يقولُها اليوم أيضاً خارجَ المنزلِ لواحدة أخرى، لكنّني لا أسمعُه العذرُ فيَّ وليسَ فيه .
- ما هي النشاطات الاجتماعية التي تقومينَ بها ؟
- الكثيرُ من النشاطاتِ . أجاملُ بعضَ الجيرانِ كي أستعيرَ منهم ملعقةَ بنٍّ أو كأسَ زيتٍ ، أو أستدينَ بعضَ النقود . أزورُ أمَّ زوجي. أطلبُ منها بعضَ المؤونة . هي تعطيني . تقولُ أنّها تحبُّني . لكنّني أعتقدُ أنّها تكفِّرُ عن ذنبها معي . فعندما تزوّجنا . صنعتْ لي فراشاً . قالتْ أنّه من الصوفِ ِتبيّنَ فيما بعد أنّه من الخرق ، وفي يومِ العرسِِ أهدتني طوقاً ذهبياً طولهُ أكثر من متر ، تبيّن عندما ذهبتُ لبيعهِ أنّه ليس ذهباً .من نشاطاتي أيضاً آخذُ أولادي إلى بيتِ أمي في يومِ الجمعةِ ، فهي تطبخُ الطعامَ الجيد ليأكلوا ، كما أنّني أطعمهم ثانيةً قبلَ أن نعود .
- وزوجُكِ هل يبقى دون طعامٍ ؟
- لا . أجلبُ له حصّته فهو لا يذهبُ إلى بيتِ عائلتي .يقولُ : أنّهم ليسوا متمدنينَ كفايةً ليزورهم . فهم لا يعرفونَ قيمته !
- ما هي علاقتكِ معَ الأصدقاء ؟
الحقيقةُ هناكَ عرفٌ يجعلُ أصدقائي يتعاطفون معي كلّما حلّتْ بي مصيبةٌ . بلْ إنهم يبكوني أكثر مما أبكي نفسي ، وعندما أنجحُ بأمرٍ ما يقلّلون من قيمتِه . ويتمنونَ لي المصيبةَ . إنّنا بشكلٍ عام نؤمنُ بالتشفّي . بالتعاطفِ عند المصائبِ الكبرى، وبالغيرةِ . هذه هي القواعدُ أو القيمُ التي يؤمنُ بها أكثرُ الناس . لكن عندما أتحدثُ عن نجاحاتي أجعلُهم يسكتون . هم أيضاً يبالغون. معَ أننا جميعاً ليسَ لدينا نجاحات تستحقُّ الفخرَ .
هل تؤمنينَ بالأحلام ؟
- لا أعرفُ ، لكنّ
مناماتي
تأتيني على أربعةِ مراحل
في مرحلةِ ما قبل النوم
تكونُ جميلةً
فيها ورودٌ ووعودٌ
أرى الدنيا فيها بلا ألمٍ
وآملُ
أن يكونَ في الغدِ
رخاءٌ
عالمٌ أجمل
ومني الاغترابُ يرحلُ
أقولُ للحياةِ:
تعالي في غدٍ
سأكونُ على موعدٍ معكِ
سنبتسمُ معاً
نفرحُ معاً
لا تتأخري
- ما أجملَ أحلامكِ !ليست كأحلامي .هل تخططين لها ؟
- لا . هذهِ أحلامُ ما قبلَ النومِِ فقط .
ألا ترينَ الأحلامَ وأنتِ نائمةٌ ؟
- أوه . هي كوابيسُ تطاردني طوالَ الّليلِِ .
تقولُ لي أنّني من الأمسِ
تفترسُني
لا أحدَ يوقظني .
أتمتمُ بيني وبين نفسي قائلةًً :
ليتَه حلمٌ !
وتخرجُ من حلقي حشرجةٌ
من الخوفِ
- عندما تستيقظين . بماذا تفكرين ؟
- في الانتحارِ
هو يناديني إليه
يقولُ ضميني إليك
لنرحلَ ضمنَ فقاعةٍ سوداءَ إلى السماءِ
استديري فقط نحوي
سأطلقُ عليك سهام القتلِ من الأمامِ
وليسَ من الخلفِ
فأنتِ ليس إلا قتيلةً
اليومَ
وفي غدٍ
و الأمس
أرى نفسي محمولةً
على أكفٍّ سوداءَ
أنظرُ لها
ولا أبكي نفسي
- لقد سرتْ لي طاقةٌ سلبيةٌ من خلالكِ . ما هذا الاكتئاب ؟ تحدثي بتفاؤلٍ.
. تحدثي يا هذه عن الفرحِ ، فالعصر الحالي هو عصرُ الفرحِ ، والأدبُ المقبلُ أيضاً ، أم أنكِ نسيتِ ذلكَ ؟
- إذن لابد أن أعودَ إلى الحياةِ
من أجلكِ فقط
بعدَ موتٍ قصيرٍ
حياةٌ ليس فيها أي اسم
يحملُ رمزاً
فلا قضية تقتلني
سأجلبُ معي أسمائي الجديدةِ
أحلامي التي قد تكونُ
مثلي وليدة
سأعيشُ بكم مرضاً
يطالبُ بالشفاءِِ
من كلِّ الحكاياتِ
لنفتحَ صفحاتٍ جديدةٍ
وأبقى معكم
أقولُ أحبكم
فقد قلتُها
على مدى العمر
لم تسمعوها
ترغبونَ أن أكون
نسخةً مقلدةً عنكم
كي تسمعوا ما أقولَ
لكنّني
سأعودُ لأشفيكُم
فانتظروا مولدي الجديد
- هل تهذين ؟ أم تقولين شعراً ؟
- أهذي . أهذي . أرغبُ أن أشتمَ أحداً . فأشتمُه بغنّةٍ .
- قولي لنا شيئاً من وجدانكِ نصيحةً منكِ للقارئ .
- وجداني يا حبي مجروح
وكمان القلب والروح
عيش يومك آمن وراضي
بعّدْ عن الحكي الفاضي
وعن الهم وكل شي جرى
بحياتك وماضيك
لأنو الشمس رح تطلع كل يوم
والحياة ماشية . ما رح تنتظر
وإذا معرفت كيف تعيش
رح تبقى خلف الزمن
وتقول يخسارة ضاع العمر
ضيعت نفسي وين ألاقيها
معليش . لا تزعل . أبدأ
لسا في عندك وقت لنفسك
أبدأ . لا تنتظر. من اليوم
خلي تبدا سنين العمر
نادية خلوف
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |