بيني وبينَهم. . .
خاص ألف
2011-01-10
ضمنَ يومياتي التي أدوّنها أحياناً على سحابةٍ عابرةٍ . تسكنُ الأشباحُ وتستقرُّ . هم موجودون في عالمي دائماً . عندما يتغيبون عن مواعيدهم أحزنُ لفراقِهم . أقومُ باستدعائهم . قرينتي سيدةٌ لها ثلاثةُ عيونٍ . تبتسمُ لي. يرتعدُ جسدي كلّهُ من ابتسامتها . هي لا تأتي إلا في أوقاتٍ أكونُ بحاجةٍ لمن يفكُّ عني السحرِ كي يكفّ جسدي عن الارتجافِ . معَ هذا أفتقدُها . الرعبُ الذي تبثّه فيّ . قد يكونُ ضرورياً . هي صديقةٌ وفيةٌ . تساعدني على تصوّرِ الرعبِ في الحياةِ . أي تعرضُ أمامي الحياةَ بشكلٍ واقعيٍّ .
لستُ من هواةِ التصوفِ. لماذا ننصرفُ عن الدنيا ؟ نعيشُها مرةً واحدةً . ثم نفارقُها إلى الأبدِ . كنتُ البارحةَ في حالةِ غضبٍ وعتابٍ مع نفسي . كلّما حاولتُ أن أعيشَ . ُيمنعُ عليّ ذلكَ لسببٍ ما . أعيشُ تائهةً بينَ رأيّ البشرِ في عالِمٍ لا يعلمُ ، وفقيهٍ لا يفقهُ ، أصرخُ كي يفهمَني أحدٌ ما . لا حياةَ لمن أنادي . عندما أكونُ حقيقيةً . أرى الناسَ يديرون ظهورَهم لي . عندما أكتبُ أشياءَ ساذجةً أو أوجهُ تهماً للناسِ . تنهمرُ علي أبواقُ المديحِ كالمطرِِ . المديحُ الذي تعودنا على سماعه مثل كلمةِ عظيمٍ وأعظمِ شيءٍ في العالمِ ، وما إلى ذلك من كلماتِ الابتذالِ التي نصفقُ لها ونحنُ مقتنعونَ بعظمتِنا . طبعي أن لا أردّ . أذهبُ إلى معتزلي الذي اخترتُه منذُ طفولتي رغماً عني. أصرخُ دون صوتٍ . وتكونُ حشرجة في صدري . لا أحبُّ اعتزالَ الحياةِ ، فقلبي مملوءٌ بحبٍّ لا يمتُّ للحبِّ الصوفي بصلةِ . حبٌّ مبنيٌّ على الإحساسِ .
في الليلِ . وتحتَ جنحِ الظلامِ .كأنّ شخصاً ما في الخفاءِ . يصنعُ لي معتزلاً خالياً إلا من ضوءٍ خافتٍ ، وفراغٍٍ يملؤني بالرهبةِ والخوفِ . أصرخُ: أغيثوني . تحدّثوا معي أيّها الجانُ . لا يأتونَ إليّ إلا عندما أنساهم !
ليلةَ ما قبل أمسِِ . رأيتُ شيخاً جليلاً يجلسُ أمامي في ثيابٍ صوفيةٍ .
- جئتُ أباركُكِ . "تتحدثينَ بالهمس معَ ذاتكِ و إلى ذاتكِ . ما حاجةُ من يسمعُ همساً للكلامِ ؟ إنني أكتبُ كلماتي من أجل الذينَ يحتاجونَ للكلماتِ كي يفهموا "
أدارَ ظهره لي .
- أيّها الشيخُ . عدْ . لا أريدُ أن أتحدّثَ معَ أحدٍ . حدثني أنتَ . كيفَ عرفتَ أنني أصرخُ ؟ سمعتُه وروحه تصعدُ إلى السماءِ. يعرّفُ بنفسِه : "جلالُ الدين الرومي " قفزتُ لأنّني عرفتُ الجوابُ . فاتَ عليّ أن أقولَ لكم: "كنتُ في مسابقةٍ " .
هذا هو الوحي . أتى ليقولَ لي بأنّ الشيخ الصوفي جلال. هو من قالَ هذا الكلام . لا أحدَ يعرفُ ذلك غيري . لقد فزتُ بمسابقةِ أفضلِ جوابٍ .
غيروا النتيجةَ . فازَ بتلكَ المسابقةِ شخصٌ لم يأتِ إليها . وقبضَ ثمنَ النجاحِ .
بعدها كانت ليلتي ليلاء . هربتُ منها . احتميتُ بشجرةٍ في حديقةٍ قبلَ أن يحلّ الصباحُ . وقربَ الشجرةِ رأيتُ ظلاً يبتسمُ لي : واو ! شبحٌ يبتسمُ . استيقظي أيتُها الطيورُ . اطلعي أيتها الشمسُ في الحالِ . قالَ : "أنا الحقُّ " يا للهراءِ ! من هذا الزنديقُ ؟ أغثني يا رب
مضى في طريقه وهو يقولُ : موعدُنا في الليلِ .
في ليلِ الأمس كانَ لي نوباتُ ذعرٍ أفقدُني قدرتي على الحراك . أتى من أوّلِ الليلِ . قالَ : ضميني بينَ ذراعيكِ لأشعرَ بالأمانِ . لن تفهمَني إلا امرأةٌ أضناها الحنينُ إلى الحبِّ .إنّني عاشقُ الرحمن ضميني أكونُ أنا ذلكَ الحبُّ الصوفي وأنتِ بهجةُ الاندماجِ والإيمانِ .
- من ؟ الحلاجُ يطلبُ مني الحبّ ! يا للهولِ ! اعتقدتُ أنّكَ عاشقٌ يذوبُ في حبّ الإلهِ .
- لم تخطئي . قرأتِ جيداً .
طلبتُ منهم أن يقتلوني لأتحدى عقولهم . قتلوني لم يعرفوا أنّني لم أمتْ . قمتُ . المسيحُ أيضاً قامَ .
قولي لهم: أن يقتلوكِ أفضل من أن تكوني قتيلةًً على مدى الأيامِ .
- مالكَ أيّها الصوفي ترغمُني أن أقولَ لهم اقتلوني ؟ سيقتلونني إن قلتُ هذا . كما فعلوا بكَ .ومن سيضمنُ أنّني سأقومُ مثلما قمتَ أنتَ ؟ ! . لن أقولَ ذلكَ أبداً . أخافُ القتلَ والموتَ .
أنا لستُ أنتَ أيّها الحلاّج. تريدُ أن تطارحني الهوى والغرامُ . وأنتَ صوفيٌّ تجرّدَ من الرغباتِ
- كيفَ تتجرئين ؟ "أنا الحقُّ. تسكنُني روحُ الإلهِ ". أرغبُ أن تكوني تحتَ عنايتي .
- أردتُ أن أطردَه معَ أفكاره من حياتي . جرى عراكٌ بيني وبينه بالأيدي . ابتعدَ عني .
- أنتِ جاهلةٌ مثلهم . حاكمي وعيكِ فيما أقولُ . اجعلي الشطحاتِ الصوفيةَ تنطلقُ منكِ عندما تكونينَ في حالةِ نشوةٍ روحانيةٍ بينكِ وبينَ الإله .
اقتليني لو شئتِ مرةً أخرى . "توحدتْ روحي معَ روح الإلهِ . منذُ جردتُ نفسي من الشهواتِ وأفنيتُها . لم أعدْ أشعرُ بها . لا أرى سوى الله ولا أشعرُ إلا بفعلهِ "
- أيّها الحلاجُ . ابتعدْ . لن أقتنعَ بما تقولُ أبداً .أخشى على نفسي من الاتهام .
أعرفكَ نعم . إنّكَ الحلاّجُ الذي يدّعي أنّ روحُ الله حلّتْ بهِ . أنتّ ذلكَ الشخصُ الذي تعتقدُ أنّ الله يدلّلكَ " لا يتركني الله معَ نفسي فأهنأُ بها ولا يأخذني من نفسي فأستريحُ منها . لا أطيقُ ذلكَ الدلالِ "
أقنعَني بالحبِّ . لعبنا أنا وهو - أعني الحلاج – لعبةَ الاختباءِ . كان سعيداً معي يضحكُ كالأطفالِ . كادَ يموتُ من الحبّ . قالَ لي هنيئاً لكِ ثم اختفى .
أيها الحلاجُ . أيّها الحلاجِ . لم يستدرْ . تابعَ صعودَه إلى السماءِ .
كان هناكَ سلّمانِ من وإلى السماء . أحدهما يصعدُ بمنْ يخرجونَ من عندي ، والآخر يهبطُ بمن يريدون زيارتي .
رأيتُ رجلاً يهبطُ . يلبسُ عمامةً والسيف بيدِه .
- "إني أرى رؤوساً قد أينعتْ وحانَ قطافُها "
- الحجاجُ ! لماذا أتيتَ إليّ . هل ستقتلني ؟
- لا أنا لا أكفّرُ ولا أقتلُ إلا من يخرجُ عن سلطاني . هل ستخرجين ؟
- لا. لا. سأكونُ كما تريد
حبيبي . . زارتني الأشباحُ اليومَ . لم تأتِ روحك إليَّ . عسى المانعُ خيراً . إياكَ أن تخونني مع إحدى النساءِ ! أخبرني بمن التقيتَ بها منهنَ . إذا رأيتَ مارلين مونرو . إياكَ أن تخدعكَ وتأخذكَ لها . إني قادمةٌ لن أتأخر عليك . اسأل مارلين من قتلها ؟ قل لها : اكتشف العالمُ أنّك لم تكوني جميلةٌ فقط . بل كاتبة أيضاً . الرجالُ الكبارُ أشاعوا أنّك جميلة وغبية .
اذهبْ إلى أمي التي زرعتْ في قلبي الخوفَ من الرجلِ ، فتحوّلَ كلّ الرجالِ إلى أشباحٍ . قل لها : أحبّها . كنتِ جميلةً يا أمي على الدوام .
أبحثُ عن عالمٍ لا تطاردُني به الأوهام . عالمٌ حقيقيٌّ . منذُ تركتني وأنا أبحثُ عنهُ . . العالمُ الحقيقي ركبَ في صحنٍ طائرٍ ورحلَ. لم يعدْ حتى الآنَ .
تقولُ ارجعي إلى ذاتك . ما هذا الهراء ؟ أصبحتَ مثلهم تؤمنُ بداخل الإنسانِ . فقطْ من خسرَ أوراقَهُ يرجعُ إلى داخلهِ .
يريدُ أن يدعمَ نفسه بقولِهِ سيكونُ كلّ شيءٍ بخيرٍ ، لأنّ داخلي يقولُ هذا . استخدمتُ هذه الكلمات الروحيةِ زمناً . إنّي ثائرةٌ اليوم عليها . وضعتُها في صرةٍ رماديةٍ قذفتُ بها باتجاه البرق .
أبحثُ عنكَ في كلماتِ حبٍّ ؛ حبٍّ لا يبقى محاطاً بالكتمانِ ؟
اليوم كان لي لقاءاتٌ معهم . حكاياتٌ . كادوا يقنعوني بأفكارهم .
هل أرحلُ إليهم وأقتلُ . أم أرحلُ إلى الحجاجِ . أركعُ أمامَ قدميهِ أو أقولُ له طرفةً يضحكُ عليها ، ويجعلني من حاشيته .
حبيبي قد لا تكونَ فهمتَ حديثي . قد يكونُ انتهى زمنُ العشقِ . لم تعدْ تعرفُ بماذا أفكّرُ . ألهتكَ أخرى عن حبّي . هل أقمتَ علاقةً حميميةً مع "كلارا زيتكن " أعرفُك تحبُّ النساءَ المميزات .
أرغبُ أن أقولَ لكَ : تغيّرتُ قليلاً بعدَ فراقكَ . بتُّ لا أؤمنُ بالقضيةِ والإيديولوجيةِ . أصبحتُ من أنصارِ الفنِِّ للفنِّ .الأدبِ للأدبِ ، والحبّ من أجل الحياة ! !
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |