سحبان السواح بنكهة مديحة المرهش ..

الشام ليست دمشق فقط . قد تكون سورية أو ربما أكثر من سورية بكثير .سورية هي الحضارة والتاريخ . يختصرها المفكر سحبان السواح بشخصهِ الذي يَختزن في داخله الشخصية َ السورية َ المميزة َ . يعمل لساعاتٍ طوالٍ في كلَّ يومٍ وكأنّهُ يتقاضى أجراً ضخماً مقابل هذا العمل الفكري .
عرفته في لقائين بين عائلتي وعائلته . كدتُ أشعرُ به يبحثُ عن الاحتضان كي يفرِّغ جعبته التي تحتوي الكثير . ليس خسارة أن يحتضن أحد الأثرياء أو جهات أخرى مشروعاً حضارياً ثقافياً يتلخص باسم مفكر لم يطلق العنان لفكره حتى الآن بسبب ضيق فضاءاته المادية والمعنوية . هو مع أفراد عائلته فريق عمل متجانس تديرهم سيدة قوية بداخلها .. مضيئة في خارجها..
أمتن لمديحة وسحبان على احتضانهما لي .. والامتنان والشكر هو ما يمكن أن أتحدّثَ به وهو ليس مديحاً ولا نفاقاً فهذا ما رأيته حقيقة رغم تباين وجهات النظر بيني وبينه - أعني سحبان –وليس مديحة..

حسكور...

سبق أن قلتُ لكم : في حياتي أكثر من حسكور .. حسكور الأساسي هو صديق قديم وهو من طلب أن أسميه حسكور لكنني أدعوه ( أستاذ ) وهو يعرف أنني لست متجاوبة كثيراً مع ما يطلبه .
عندما رأيتهُ على متن الطائرةِ ابتسمتُ له,اعتقدتُ أنه أتى من حلمٍ قديم .دعاني إلى الإفطار في اليوم الثاني لوصولي في مطعم ( شاميات ) كان مضيئاً في ذلك الصباح الذي جلسنا به معاً على طاولةٍ نتناولُ الفتة الشاميةَ والمقبلات .
بشكل لا شعوري تناولت البصلات الأربع من فوق صحن المقبلات ..
قال لي : لم تتركي لي مجالاً لأتغزل بشعار بلدتنا المشترك ((البصل)).
الحقيقة كنت باهتة إلى أبعد الحدود. أفكاري وذهني يرحلان إلى الماضي حيث البيادر التي كانت أمي تجلب القش منها لتصبغه وتصنع منه الأطباق المزخرفة ..ليس ما أراه حلماً, إنها أطباقُ أمي معلقة على جدران ( شاميات ) الخشبية .
سطل أمي النحاسي .. ويقطينتها التي كانت تجوفها وتجففها لنضع فيها الملح في الشتاء .. هي حاضرة معي .
حبيبي خلفي يدعوني لأن نسهر معاً في ( الفورهندرد ) في الصالحية ونأكل طبقا من ( البوظة مع النار ) . لم أتفوه بكلمةٍ واحدة .. حاولت تثبيت قدمي على الأرض فكنت حائرةً بين الأرض والسماء . حسكور كان دافئاً يحاول أن يواسيني ويقول لا تحزني .. أنتِ الشام .. بل أنتِ ذلك النبيذُ المعتَّقُ الذي يُسكرُ من يعشقها.

صديقتي التي لم أكن أعرفها ..

ربما شعرت أنّ داخلي مملوءٌ بطاقاتٍ كبيرةٍ مثلما هو داخلها .. ممثلة وصحفية رآها أكثر أبناء الوطن العربي في المسلسلات .. إنها ( عزّة البحرة ) التي اجتمعت معها لمرتين فقط .. إحداهما كنت فيها أحد المدعوات على طاولتها في مطعم دمشقي في مساءٍ ماطرٍ دافئ ..قرأتُ لغة جسدها التي تقول : ما لم تقرؤوه عني أكثر مما قرأتموه بكثيرٍ.. أبحثُ عن فرصةٍ مناسبةٍ لأقول لكم من
أنا من فوق مسرحٍ يطلُّ على العالمِ..مازلتُ طفلةً تبحثُ عن الاحتضان .
مديحة وعزة ..

الفن والأدب يتنافسان في انسجامهما في الغناءِ ومحاولة نسيان الواقع وتجاوزه في لحظة قد لاتمرُّ كل يوم..
كلُّ من رأيتهم روادٌ في الفن والأدب . لديهم طاقات تبحث عن سوقٍ يعترفُ بها ويقدمُها . لكن السوق الآن هي سوقُ التجارةِ بالشعارات..

ميه الرحبي ..

طبيبة اختارت أن تعمل من أجل قضية المرأة ومن أجل الإنسان .. تتحدثُ عن المجتمع المدني بحماسِ الشباب أراها تحمل شمعة في يدها نسير معها .. اختارت أن تدافع عن قضايا الإنسان .
تحدثت لكم عن أسماءٍ رافقتني في رحلتي ومن بينهم أيضا أهلي وجيراني . ذلك الدفء الذي غمرني لمدة أسبوع كاملٍ ربما يستطيع أن يزيل تلك الغمامةَ عن عيني أو نظاراتي التي أرى من خلالها وطني والعالم التي كانت ألوانها رمادية على الدوام ...
رأيت الأشياء بلا ألوان .. اكتشفت الخطأ هناك ألوان تحاول أن تصعد إلى السماءِ لكنّها مازالتْ محجوبةٌ بالغيومِ السوداء. الجو مازال مدلهماً ماطراً إلى وقت السفر .. لم يتسن لي رؤية الألوان. فقط شعور بالدفء والامتنان . أرى نفسي في كل الذين قابلتهم.فأتوه بيني وبينهم وأعتقد أنهم أنا أو أنني هم أو بعضهم
ناديه خلوف