جدل بيزنطي
خاص ألف
2011-02-28
طق براغي :
يشعرُ البعضُ منّا أنهُ يتألّقُ بينَ مجموعةٍ من الناسِ قد يكونونَ أصدقاءهُ عندما يلقي عليهم طرفةً تثيرُ البهجةَ والضحكَ . ليسَ دائماً تكونُ الطرفةُ سارةً للجميعِ . قد تتناولُ أحدَ الموجودينَ أو الغائبينَ بأفكارهم أو معتقداتهم ، وربما بأشخاصهم في بعض الأحيانِ . قد تكونُ الرسالةُ من الطرفةِ تقليلَ شأنِ الآخرِ مما يجعلُ الشخصَ المعنيَ مربكاً لايعرفُ ماذا يفعلُ للوهلةِ الأولى . عندما تصلُ الرسالةُ إليهِ يتهيأُ لردِ الصاعِ صاعينِ بطرفةٍ قد تكونُ أشدُ إيذاءً .هذهِ هي نظريةُ طقِّ البراغي التي تنتهي بالعداوةِ لأنّها تحملُ في طياتها الحقدَ والكراهية . لم يكن طقُّ البراغي منتشراً كثيراً، وربما كانَ منتشراً في الريفِ وفي غيابِ الشخصِ المعني بسببِ الفراغِ . اليوم أصبحتْ ظاهرةً منتشرةً بشكلٍ عامْ بسببِ الفراغِ الكاملِ في الحياةِ من بطالةٍ وفراغٍ روحي . إنّ ذلكَ هو طريقةُ عيشٍ أساسُها قتلُ الوقتِ عن طريقِ المماحكاتِ والمهاتراتِ غيرِ المجديةِ في كلِّ مناحي الحياةِ .
كالعواءِ :
قد يحاولُ أحدُهم الظهورَ على حسابِنا فيرمي بطرفةٍ تطالُنا . ماذا نفعلُ لهُ ؟ في رأيي أنّهُ علينا أن نفوّتَ عليهِ الفرصةَ فلا نوليهِ اهتماماً . قد يكونُ تركُ المجلسِ بهدوءٍ هو الردُ الكافي أحياناً . لأنّ الردّ يجعلُ الإنسانَ يقعُ في موقعِ الدفاعِ عن النفس ومن تجربتي الشخصيةِ والتي تتلخصُ ِبحياتي عندما كنتُ أعيشُ في بيئةٍ تؤمنُ بهذهِ النظريةِ باعتبارِ أنّ زوجي ينتمي إلى عائلةٍ فيها ضرائر ، وسياسةُ التحالفاتِ المملوءةِ بالشحنِ السلبي للعواطفِ كانت هي السائدة . كانَ لابدّ من الانضواءِ تحتَ رايةِ حلفٍ ما . في إحدى المراتِ شعرتُ أنّ أحدَهم استهدفني . كانَ كبيرهم . خرجتُ بهدوءٍ لم أعدْ إلى الجلسةِ . عندما تعاطفَ معي زوجي قالَ لي : لاتنزلقي معهم . أنتِ أكبرُ من هذا . لايمكنُ أن تردي كلما سمعتِ عواءً .
على المواقعِ الالكترونيةِ :
العالمُ الافتراضي هو مرآةٌ لعالمِنا الحقيقي . يعبّرُ عنّا بطريقةٍ ما، لكنّهُ بنفسِ الوقتِ يمنحُ جرأةً على المواجهةِ أكبر للبعضِ الذين يخافون المواجهةفي العالم الحقيقي.
أقراُ التعليقاتِ على النصوصِ التي تكتبُ على المواقعِ وأراها تتضمّنُ إما مديحاً للكاتبِ أو مساجلةً تتناولُ الكاتبَ بشكلٍ شخصيّ . كما أنّ الكاتبَ يردُّ بكلماتٍ لاتليقُ بهِ ، وبذلكَ يتحقّقُ هدفُ المعلّق الذي قد يكونُ دخلَ إلى الموقعِ باسمٍ مستعارٍ . يضيعُ جمال النصّ لأنّ المتصفحَ سينشغلُ بذلكَ التعليقِ، ومعَ أنّ مبدأَ الحرية في الرأي يجبُ أن يكونَ سائداً ، لكنّ هذه ليسَت حريةً على أيةِ حالْ . إنّها ثقافةُ الكراهيةِ التي تحاولُ التقليلَ من شأنِ أي عملٍ قد يكونُ فيهِ بعض الإبداعِ ، فلو كانَ الهدفُ إبداءِ الرأي لتمكنَ المعلّق من إيصالِ رسالتهِ بشكلٍ راقٍ لايُشعرُ الكاتبَ بأنّهُ يتناولُهُ بشخصهِ من خلالها .
التعليقاتُ التي تمجدُ الكاتبَ ليستْ أقلَّ تأثيراً في النفسِ . نقرأ التعليقات التي تصفُ الكاتبَ بالشفّاف والعظيم وما إلى ذلك . الإعجابُ بالنصّ يجبُ أن نعبّر عنهُ بلغةٍ حضاريةٍ تعطي الكاتبَ حقّه ، وليس بطريقةٍ تجعلُنا أحلافاً وثللاً على المواقعِ كما نحنُ عليه في الحياةِ العاديةِ الكاتبُ :
تضجُّ الصفحاتُ الألكترونية بأسماءِ الكتّابِ . تضجُّ أيضاً بالأخطاء اللغويةِ . علينا أن نعترفَ أنّ الأدبَ والفنّ في انحدار . قد يكونُ هذا العصر هو عصرُ الثورةِ الألكترونيةِ بامتيازْ . هناكَ قلةٌ تجيدُ التواصلَ والكتابةَ . لكنّنا مازلنا أقلُّ إضاءةً ممن سبقونا . كانوا يحاولونَ أن يتميزوا ويقدموا كل جديد . نحنُ اليوم نحاولُ أن نقتبسَ من أفكارِ غيرنا أو بمعنىً آخر "نسرقُها" . ..
الكتابةُ فنٌ راقٍ تحتاجُ للكثيرِ من الدأبِ . بصماتُ الكاتبِ تبقى من خلالِ لغته التي يخاطبُنا بها والتي قد ترقى بالمجتمعِ عندما تكونُ الكتابةُ بذهنٍ منفتحٍ حرٍّ لايقيّدُهُ إرضاءُ أحدٍ ولا أيديولوجيةٍ معينة . القارئُ يشعرُ بداخلِ الكاتبِ الجميلِ ،كما أنّ الكاتبَ يشعرُ بإمتاع القارئ حتى لو لم يعلّق على نصّه . التعليقُ ليس ضرورياً في كلّ مرةٍ .
بالنسبةِ لي :
منذُ السنواتِ الأولى من المدرسةِ كانتِ الكتابةُ تشكلُ لي هاجساً على الدوامِ . أتركُها وأعودُ إليها . كتبتُ على صفحاتِ صحيفةٍ نسويةٍ مؤدلجةٍ مواضيعَ عن أمورٍ حياتيةٍ كانَ أبرزُها الزواجِ وقضايا المرأةِ . تركتُ الكتابة فيها عندما تركتُ الجماعةُ التي تنتمي الصحيفة إليها . حرقتُ أوراقي مراتٍ ومرات لكنّني لم أستطعْ مغادرة هذا الألم –أعني الكتابة- الذي أعيشُ من خلالهِ حالاتي وحالاتِ المجتمعِ الذي أنتمي إليهِ . يضيقُ بي المكانُ والزمانُ أحياناً . أعيشُ كلّ ما أكتبُهُ . أبكي عندما يبكي أبطالي ...
راسلتُ بعضَ المواقعِ . كلّهم نشروا لي الكتاباتِ الوجدانيةِ لكنهم لم ينشروا لي الأشياءَ البحثية التي تتناولُ قضايا المرأةِ مثلاً مع أنّهم يضعونَ شعاراتٍ مثل " لا لقانون الأحوالِ الشخصية " و"لا لجريمةِ الشرفِ، ولاءاتٍ كثيرةٍ أخرى " لذا اكتفيتُ بالكتابةِ حالياً على موقع عملي " نور الشرق " و " ألف " .
أعتقدُ أنّني أجيدُ الكتابةَ . أخطئُ في بعضِ الأحيان بعض الأخطاء "المطبعية" . أغلبُها سببهُ العملُ الكثيرُ وليس عدمُ المعرفةِ . ما أكتبُهُ يعبّرُ عني . أقرأُ التعليقاتِ لأنّها أحياناً تكملُ فكرةَ النصّ . أتجاهلُ التعليقات الناصحة والعارفة بكلّ الأمورِ فهي لاتعنيني . إنّني مؤمنةٌ بأنّ ما أكتبُهُ يمثّلُ رؤيةً تتجاوزُ رؤيةَ الكثيرين من الكتابِ . أنظرُ إلى أدائي بعينِ الرضا في البدءِ ، وما إن ينشرْ حتى أتمنى لو أني لم أكتبه ، ولو كانَ الأمرُ لي لحذفتُه .
الجدلُ العقيم :
على الفضائياتِ والمواقعِ الالكترونيةِ يناقشُ البعضُ أموراً هامةً مثل الوطنِ والانتماءِ والموقف من القضايا المختلفةِ . وتحسمُ النتيجةُ قبل البدء فقد قرّر طرفٌ من الأطرافِ إلغاءَ طرفٍ آخر ، أو تخوينهُ . يقذفُ الجميعَ بالشتائمِ والسبابِ .
في برنامجٍ حواريٍ على فضائيةٍ عربيةٍ لها دورٌ كبيرٌ في تشويهِ أذهاننا . كانَ مقدّم البرنامجَ ومعدّه " النجم الإعلامي كما يصفه البعض" يُجلِسُعلى يمينِهِ شخصٌ تآمرَ معهُ على شخصٍ يجلسُ على يسارِهِ .توجه للشخصِ الذي على يسارِهِ قائلاً: يقولُ عنكَ بأنّكَ حقيرٌ فبماذا تردُّ ؟ بماذا سيردُّ ؟ هل هذا حوارٌ؟ بالطبعِ لا. إنّهُ الانحدارُ . ربما يكونُ نوعاً من التسويق الذي يكسبُ من خلالِه النجمُ والمحطةُ المالَ والانتشارَ، ونخسرُ نحنُ من خلالِ ذلك حسّنا الإنساني بالانتماء الحضاري.
ما أضيق فضاءاتنا عندما نوظفُها من أجلِ مراقبةِ الآخرِ لاصطيادِ بعض هفواته . ثمَّ نعملُ على تضخيمها .نكرّسُ لها الكثيرَ من الوقتِ. ألا يجدرُ بنا بدلاً من التوجهِ إلى الشتائم المبطنةِ أن نعملَ على ذواتِنا كي نتخلصَ من سواد داخلنا لنحلّ محلَ ذلكَ السلام الداخليَّ. .؟
لا أدري إن كان يتحتّمُ علينا البدء بمراقبةِ داخلِنا لنكتشفَ أماكنَ الضعفِ فيه كي نبني من جديد كلّ ماتهدّم !
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |