تعلم أبجدية الغرب 4 / هيلاري جينكنس/ ترجمة
خاص ألف
2011-04-12
شبح كرين
اسمي : مينغ مينغ . يمكنكَ القول أنّها تعني : مضيء . مشعٌ ، أو جمالٌ مضاعفٌ . شيءٌ ما من هذا القبيل . إنّهُ اسمٌ تقليدي يعطيهِ الآباءُ للأبناءِ . العديدُ من أصدقائي لهم أسماءٌ ثوريةٌ مثل " كن أحمر " أو " الصين القوية " سأبلغُ عامي الثامن عشرة في مهرجاناتِ الربيع من عام الأرنب . العام الذي أتى بهِ إلى جامعتنا . فجأةً أخبرونا أنّ قادتنا قد استدعوا خبيراً أجنبياً من أجلِ أن يعلِّمَنا . إنّها لمعجزة . لم يحدثْ شيئاً مثيراً من قبل في جامعاتنا . لا يعرفُ أحدٌ أن يتوقّعَ كيفَ سيكونُ ذلكَ الخبير ؟ هل سيكونُ مثلَ هؤلاء الأمريكيين كبيري الأنفِ الذي ينامُ كل واحدٍ منهم في سريرٍ مزدوجٍ ناعم . في غرفةٍ منفصلةٍ عن زوجته ؟
في اليوم الأوّل من الفصل أعطانا العجوز تشانغ كتباً كتبنا عليهم تعليمات " السيد كرين في المحادثةِ الإنكليزيةِ " ِ . يا للعجب ! كيف يدعى الخبير بلونٍ غير اللونِ الأحمرِ ." الشبحُ الأخضر" سوفَ يعلّمنا في كلّ يوم ٍ ساعتينِ بدءاً من الساعةِ السابعة والنصفِ صباحاً ، وبدءاً من اليومِ علينا أن نراعيَ الدقّةَ والتهذيبَ والطاعةَ ، والتعلم منه كلّ ما نستطيعُ دون أن نتحدّثَ معهُ كصديقٍ . بل كشبحٍ غريبٍ فاسقٍ وغير جدير بالثقةِ . فقط مشرفةُ الصفّ هي من تستطيعُ التحدّثَ معه . ضمن قانونِ رصد ذلك الشبح ، والمشرفةُ هي أنا .
زملائي كانوا قلقين عليّ ، كما أنّ والديّ كانا خائفين . أخبراني : بأنّ اختياري للمهمةِ ليس امتيازاً . إنّها تجربةٌ . هم يريدونَ تجربتك . نقسِم بأنّ هناك تقريراً عليكِ أن تقدميهِ إلى القادةِ في كلّ أسبوع . تخبرينهم عن كلّ ما يقولُ أو يفعل ، وأي محاولةٍ للمس بكِ، وأيّ كلماتٍ غير وطنيةٍ عليكِ مراقبتها .
قال والدي : لقد اختاروكِ لأنّ شقّته مجاورةٌ لبيتنا . حيثُ يمكنُكَ أن ترصدي ذهابَه ومجيئَهُ وليس لأنّكِ شخصٌ مميزٌ . في ذلكَ اليوم كنتُ عصبيةً المزاج بعضَ الشيء . جميعنا كنّا كذلك . العجوز تشانغ يقدّمُه ويخبرنا أن نكونَ طلاباً جيدينَ . عندئذٍ يجلس في الصفّ الأمامي ويبقى السيد كرين وحده على المنصة . اعتقدتُ أنّهُ أجملُ رجلٍ رأيته في حياتي . أسامُحه على أنفه الكبير وجلده الوردي اللون . نظرَ إلينا ثمّ نظرنا إليهِ . استدار بعدئذٍ إلى السبورةِ وتحسّس مكانَ الطبشور . نهضتُ . أريتُه المكان الذي يوضع به الطبشور . نصفُ قطعةٍ لكلّ معلم في الأسبوع . لم ينظرْ إليّ . رائحةُ الحليبِ تفوحُ منه . يقولُ أن اسمه السيد تين كرين ردّدنا خلفه . . اسمي هو السيد " كرين " عندئذٍ استدار إلى السبورة وبدأ يكتبُ : اسمي هو . . . عندها انفرط قالبُ الطبشور . امتلأ السيدُ غرين بسحابةٍ من الغبار
كانَ يقولُ " . . ! . ." كرّرنا الكلمة خلفه وكلّ واحد منا نحنُ الستين طالباً كان يقول : اسمي هو " . . ! . . " وهي كلمةٌ بذيئة
أرنب
- هل سمعتَ بالقصةِ الصينيةِ القديمةِ عن الأرنبُ الذي يبحثُ عن القمر ؟ هل كان شجرة ؟ أمي لديها على أنفعها وشم أرنبٍ مزخرف يطير في الهواء . أدبياتنا تقولُ : لا تتوقعْ أن يأتيَ الحظُّ السعيد أكثرَ من مرةٍ
- على أيةِ حالٍ إنّ الأمرَ حولَ كيفَ ينظرُ التلاميذُ إليّ . هذه هي الدروس القليلةُ الأولى بصوتي . تهامسوا خلفي بكلّ شيءٍ قلتُه . وعن وجهي . عن شعري البني. لكنهم يقولون عني : إنّهُ أشقر مقاسه الكبير 11 . يقولون إنّه ضخمٌ . الاستغرابُ في وجوههم . بل خوفٌ مع تهذيبِ . هل يمكنُ أن يبدو جسدي مثيراً للسخرية ؟ إنها صدمة ! كنتُ على الدوام أشعرُ بأنّ جاذبيتي لا بأس بها حتى اليوم .
أدركتُ منذ اللحظةِ الأولى أنّهُ سيكونُ من الصعبِ عليّ أن أعلّمَ ستين طالباً . لا أحدَ يجيبُ على سؤالي مباشرةً – ليس هذه هي عاداتنا – ولا أحدَ يحاورُ رفيقه عندما أطلب الحوار المشتركِ في الإنكليزيةِ . تبين أنّ الرجلَ الذي قدّمني في البدءِ لم يكن يعرف الإنكليزية أبداً . كان يجلسُ في الصفِ الأمامي ويستسلمُ للنوم . بينما أتكلّمُ معَ نفسي ، وبدلاً من الكتابةِ عن روعةِ الحزب الشيوعي في الصين في المقال الأول . طلبتُ منهم أن يكتبوا عن أنفسهم ، وكذلك في المقالِ الثاني . هما مقالان اثنان عن الذات ، وأنا على وشك أن أتّهمَهم بالنقلِ لأنّ المقالاتِ الستين متطابقةٌ . يجبُ على أحدٍ ما أن ينظّمَهم . يخبرُهم ماذا سيكتبون . سأحضرُ مرشدتي . عندما سألتُها كانت ساخطة عليهم . أرتني إجاباتهم الأولى في كتاباتِهم في الفصلِ . جميعُهم نسخوا الأسئلة وترجموها إلى الإنكليزية .
قلتُ : ألا يمكنكم التفكير بأنفسكم ؟
- ليس لأنّنا لا نملكُ العقل . لأنّ معلمينا الصينين يريدون ذلك . إذا أردتَ أمراً مختلفاً قله لنا فقط . نحنُ حريصون على ما نكتبُ . علينا أن ننظرَ إلى مستقبلنا .
أقول لكم : أنا من سيقرؤها فقط . يمكنكم كتابةِ ما تريدون . نظرتُ بشكِ . عندئذٍ قرّرت أن أجلب بعض قطعِ الأدبِ . بالتأكيد سوف يتناقشون .
سألت : لمن سنقرأ ؟
لشيلي . قصيدةٌ عن الرياحِ الغربيةِ . هكذا هي شيلي .
لماذا تكونُ الرياح الغربيةُ ؟ جميعهم تجاهلوا . الذين لا يسرحونَ بنظرهم من النافذةِ ، ينهون واجباتٍ أخرى تحتَ سطح المقعدِ .
" لأنّها الرياح الساخنةُ التي تجلب الربيع "
مينغ مينغ: ليس هذا في الصين . هنا الرياحُ الشرقيةُ هي التي تجلبُ الطقسَ الساخن . أصبتُ بالذعرِ . ما الذي أعرفُه عن أي شيءٍ هنا ؟ لماذا أدرّسُ الأدبَ الإنكليزي في الصين ؟ لا يريدون سماعَ شيء حتى عن ميكي ماوس . لذا طلبتُ منهم أن يكتبوا مقالاً عن شعورِهم تجاه قصائد شيلي . حصلتُ على تسعٍ وخمسين مقالاً عن الحرصِِِ على الروح الثورية .وواحدةٌ كتبتْ كم هو أبٌ وزوجٌ رائعٌ . سألتُ الفتاةَ المسكينة : من أينَ أتيتِ بهذه الصيغةِ ؟
أرتني من أين أخذت النص . " من البرنامج التلفزوني : كانَ أباً وزوجاً رائعاً لأنّهُ حافظَ على روحِ الثورةِ .
وفيما بعد أخبرتني مينغ مينغ : أن ما جعلَها تفقدُ ماء وجهها أمام زميلاتها لأنّها لا تفهمُ لماذا عليها أن تعيش هنا ، و تتعلم لغة أخرى بينما لاتصلُ الكتبُ إليها سوى ما يطلقون عليه الفيلم الأمريكي .
- حاولي أن تري الموضوع من خلال رؤيتنا له .
قالت بغضبٍ لكن بإثارةٍ : أقسمُ أنّني لن أعاهدَ النساء على شيءٍ في المرة القادمة . لكنني فعلتُ. لم يكنْ هذا ما فكرّت أن تكون عليه الصدمة الثقافية .
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |