تعلم أبجديةُ الغربِ ج6 هيلاري جينكنس / ترجمة /
خاص ألف
2011-05-01
المراحيض
في أوّلِ يومٍ من الفصلِ ، وبينما أنا ذاهبٌ إلى مبنى كلّيةِ اللغةِ الإنكليزيةِ وإذ بي أرى المعلّمين ينظّفون المراحيض . وونغ ، ووو . كانا يلبسُ كلُّ واحدٍ منهما جزمة . . يسحبان الماءَ بواسطةِ دلوٍّ مملوءٍ بالرائحةِ الكريهةِ . حاولتُ أن أقولَ لهما كلمةَ رثاءٍ فيما يفعلان .لكنّ الأمرَ بدا معقولاً بالنسبةِ لهما. أن يقضيا يومهما وهما ينظفانِ بدلاً من تحضيرِ الدروسِ . قد يكون شعورهم باستعطافي دفعهم أن يقولا لي: سننظّف لك مرحاضكَ لو أردتَ مقابل سلوكِك معنا طوال الفصل . تركتُهما بسرعة قبلَ أن يسألاني أن أشاركَهما العملَ . عليّ أن أذهبَ إلى أيّ مكانٍ غيرَ هذا المكانِِ القريب من تلك الرائحة الكريهةِ . لا يمكنُني الاقتناعَ أنّ هذا النّتن الذي يتموّجُ حولَ غرفِ الصفوف سيزيلُه أي شيء جيّد يعملونه من أجلِ ذلك، وسيستمرُ ُذلكَ طوال العام .
لا يوجدُ خبرٌ عن مينغ مينغ . كنتُ منزعجاً لأنّها لم تأتِ لتراني في الليلةِ السابقةِ . عليها أن تعرف أنّني عدتُ . والداها مرّا من أمامي بسرعةِ البرق . كلّ شخصٍ يعرفُ كلّ شيءٍ هنا . وبخاصة عنّي . عندما كنتُ بعيداً نفّذتُ ما يعادل ثلاثة أضعافِ الخطّةِ التي كنتُ أقوم بها هنا في تعلّمِ الصينيةِ ، ليس هناك من طريقةٍ تجعلُني أبقى حتى نهاية العام دون جنسٍ . إضافةً إلى اعتقادي بأنّني وقعتُ في حبّها . . هنّ صغيراتُ الحجم . صدورهن صغيرة . ليس لديهن أردافٌ تتحدّثُ عنها . لكنّها تتمتّعُ بوجهٍ جميلٍ ، كما أنّني أشعرُ أنّها تحدّثني كما لو كنتُ طفلاً صغيراً يحتاجُ للبقاءِ تحتَ العنايةِ الحقيقة . أنّني دائمُ التفكير بها . وفي كلّ الوقتِ الذي كنتُ بعيداً فيه عنها . بالطبع لم يكن هناك نساءٌ عليهنَّ القيمة كي أنظرَ إليهن . أغلبهنّ يلتحفنَ بلباسٍ طويلٍ وشعرهن أشعث . الشاباتُ تبدو كأمهاتهن . عندما عدتُ إلى هان . كانت الفتياتُ تبدو إيجابياتٍ ومتحرّرات بلباسهن القصير ، وجواربهن المصنوعةِ من النايلون . كما أنّني لم أنسَ تلك القبلة عند العبّارة . أحد ما يخبرني أنّها كانتْ قبلتُها الأولى . أتوقعُ منها أن تأتي إلي من أجلِ المزيدِ الآن .
مهرجان القمر
عندما كنتُ طفلةً كنتُ أنتظرُ مهرجانَِ الربيعِ ، حيثُ الثياب الجديدة ومغلفاتُ الحظ الماليةِ ، والألعاب النارية ، لكّني بتّ أعتقدُ أنَّ مهرجانَ القمر هو المفضّلُ لديّ . أحبُّ الطريقةَ التي نستعدُّ بها لاستقبالِ القمر الجديد ، ونحنُ نلاحظُ كيف يملأُ الليل كلّه . قليلُ الاستدارةِ ، كثيرُ النعومةِ . يبقى هكذا حتى يكتمل . أحبُّ أقمارَ أمي من الكعكِ الذي تشتريه من الدكاكينِ . هي المرةُ الوحيدة خلالَ العام التي تشتري بها طعاماً جاهزاً . أحبُّ صناديقَ الكعك المغلّفةِ بشكلٍ يدعو إلى المرحِ . الورقةُ المزركشةُ التي تغلّفُ الصندوقَ . الألوانُ الذهبية ، وأزهارُ الأقحوان ورسوم الأشخاص المحظوظين عليها . لذا فإنّ تناولَ قطعةٍ من الكعكِ يشبهُ قرضَ أبياتٍ من الشعر . في داخلِ كعكات القمر يوجدُ بذور اللوتس ومعجون التمر ، أو البيضِ والكستناء، وأشياءَ لذيذة نادراً ما نأكلُها .أرغبُ أن أتخيّلَ أنَها تشبهُ قليلاً فطائر اللحم المفروم الإنكليزية . نقرأُ عنها في دراستنا الموسعة في المدرسةِ . إنّنا نأكلُ الكعكَ للذكرى .
لديك فانوسٌ ورقيٌ أبيض . تعلّقُه على نافذتك . خلفَ الزجاج الذي علّقتَ عليه الفانوسَ. ينعكسُ الضوءُ . القمرُ الحقيقي منخفضٌ في السماء خلفهما . هما الآن قمران . سعادتان أيضاً . جلبتُ لكَ صندوقين من كعكِ القمرِ الأحمر . أحدُهما من أمي والآخر منّي . كلّ واحدِ فيه أربعُ كعكاتٍ . إنّها تكفي لوليمة . سأريكَ كيفَ تفتح كلّ واحدة من الكعكات . تقطعُ واحدة من تلك الكعكات الخاصة التي ملئت بالبيض ونأكلها معاً ، أو بالأحرى آكلها أنا . ستسعلُ قليلاً ثم تقول : إنّها لذيذةٌ .
في ذلك المساءِ تطفئ الضوء . نجلسُ بجوار النافذة نستمعُ إلى الفئران وهي تحفرُ حفرة في القمامة تحتنا . نراقبُ ارتفاعَ القمر . أقرأُ لكَ الشِّعرَ . مازلتُ أذكرُ قصائدَ المدرسة . سأقرأ لك ما يخصُ مينغ . . " عندما أشاهدُ القمر يرتفعُ أتذكر حبيبي ، وكذلك عندها أشعرُ أنّني سعيدة جداً. لم أفقدْك حبيبي . أنتَ قربي تماماً تتأبّطُ يديّ وتمسحُ على شعري "
اليوم الوطني
يسعدني أن أفكّرَ أنّ الأمورَ قد سارتْ على ما يرام في تلك الليلةِ . كانتْ تبدو لي أنّها قد تغيّرتْ . و أنّها سعيدةٌ لإلقاءِ الشعر . أخبرتني كم من الجوائزِ فازت بها في المدرسةِ من أجلِ ذلك الكمالِ في اللغة ! لم نكن نعرفُ أنّ الكعكَ فاسدٌ. إنه يدعو إلى الاشمئزازِ : ذلكَ المزيجُ من الحلو والحامض . التناسقُ في المظهرِ هو ما جعلَني أسكتُ . أكلتُ شظيةً فقط ، لكنّها استحوذتْ على قطعتين وأكلتْهما ، وقبلَ أن تبدو شاحبةً ثم تتلوّنُ بالأخضرِ . قضتْ أغلبَ المساء في الحمِّام . اتضح أنّ كلَّ الكعكِ في هذا العام هو فاسدٌ ، لأنّهُ من إنتاجِ العام الماضي . بدلاً من إنتاج كعك جديد. فإنّهم ببساطة أعادوا طبخَ كعك العام الماضي . باعوه كما لو كانَ طازجاً كلُّ من في الكليّة هو الآن مريضٌ . الفئرانُ يجبُ أن تكونَ مريضةً أيضاً وبينما كنتُ ألقي بكعكاتِ القمر . رأيتهم كلهم يذهبون معاً في ليلةٍ واحدةٍ.
لم أعدْ أراها لعدةِ أسابيع بعد ذلك . عندما أفاجئُها في الكلّية تقولُ : أنّها تحضّرُ من أجلِ اليوم الوطني . يبدو أنّهم جميعاً يقرؤون لماركسِ أو ماو كنوعٍ من طقوس التنقيةِ ، والاستعدادِ لليوم العظيم . لا أعتقدُ أنّني أصدّقُها . تحاولُ اللعبَ على موضوعِِ هام : أن تكونَ نموذجاً صينياً تقليديّاً
البرتقال
تشتهرُ مدينة هونان بالأرزِ والأسماكِ والبرتقالِ . عندما يخبروننا أنّ هناك برتقالاً للبيع في حانوت الحرم الجامعي . أسرعُ أنا ووالدتي وننتظرُ لمدة ساعتين . نشتري صندوقين . واحدٌ لنا وآخر لكَ ، وأريكَ كيف تلفُّ كلَّ برتقالةٍ في ورقة من أوراقِ صحيفةِ الشعب اليومية. سيبقى البرتقالُ معك لكاملِ فصلِ الشتاء . أحياناً تتلامسُ يدانا بينما نعيدُ ترتيبَ البرتقال الملفوف في الصندوق .
سأريكَ الورقةَ التي أعطتني إياها شركة البرتقال . يريدون تصديرَ فاكهتهم وأن أترجمَ منشوراتهم إلى الإنكليزية .أخبركَ أنّني ترجمتُ الصفحةَ كالتالي " ورقُ حفظِ الفاكهة العذب " أجدُكَ تضحكُ ، وتقول لي: ليس هذا ما تريدين قوله بالإنكليزية، لكن أكثر ما ستضحكُ عليه . القليل الذي أعترف به هو" ترجمتي " لقد قمنا بتسويةِ الورقةِ الخاصّة التي تحافظ ُعلى نضارة الفاكهة ، أعرفُ أنّ الجمعيةَ ستفضّلُ ترجمتي لذا أحتاجُ لمئة ين كمكافأة .
سأسألك أحياناً في الخريف عن البرتقال , تكون قد نسيتَ الأمر، وتكونُ جميعُ الصناديق قد تعفّنت . لن أقولَ شيئاً . سأبكي : يا لها من نفايات ! أرغبُ أن أخبرَك بكلّ الحكاياتِ التي أخبرتني بها أمي حول الأشياء الصعبة التي حصلتْ في الماضي . كيفَ نحرصُ على عدم إتلافِ شيء بسببِ تلك الأوقات العصيبة ؟ عندما بدأتْ حملةُ التنظيفِ الثقافي ، وأغلقتِ الكلّياتُ . كيف ذهبت أمي إلى البيت في القرية مشياً على الأقدام ! مشت لأربعة أيامٍ متواصلة ، وكيفَ ملأتِ الدماملُ قدميها . انتفخت كالبرتقالاتِ الذهبية . كان ذلك سيئاً . الفلاحون أروها كيف تنزعُ شعرةً من رأسها . تغرسُها بلطفٍ في مكانِ الورمِ وتسحبُ السائلَ بعيداً . هذا هو ماضيّ . لا تعرفُ شيئاً عن معاناةِ والدي. و عن كلِّ الناسِ هنا . كم الأمر قاسٍ بالنسبة لي . ما أقولُه هو تحذيرٌ لكَ. أعلمُ ما أفعلُ سأبذلُ ما بوسعي للابتعادِ عنك !
آلةُ طبخِ الأرزِ
تكادُ دماؤنا تتجمّدُ لا يوجدُ تدفئةٌ في شمالِ اليانغستي . نحنُ على بعدِ عدةِ كيلو متراتٍ من شمالها . إنّهُ لأمرٌ قاسٍ أن تثلجَ . فلا يوجد تدفئة . جلبَ لي العجوز تشو منقلاً مملوءاً بالفحم . أراني كيفَ أجلسُ ورجليّ فوقهُ وكيف أبقي النافذة مفتوحة كي أتجنبَ الغاز . قرّرتُ أنّهُ أدفأُ لي أن أبقى في السريرِ ، لكنّ هذا يجعلُني محرجاً منها عندما تأتي إليّ بسترتها السميكة وسروالها . هذا يجعلها تشبه السيد ميشلين ! كما أنّها أوضحت لي بأنّه لا يمكنُ أن أستقبلََها وأنا في السرير . لذا جلسنا في غرفةٍ ثانيةٍ . يدانا المتجمدتانِ تحيطان بفنجانِ الشاي الأخضرِ . أتوقُ إلى فنجانٍ من الحليبِ مع قطعتي سكّر. ليس من أجلِ تذكرِ التدفئةِ المركزيةِ فقط .
في غرفِ الصفوفِ يجمعون قطعَ الورقِ ويشعلونها على الأرض الخراسانيةِ . علّمتُهم بعض الأغاني مع تحريكِ اليدينِ من أجلِ دوران الدم في الجسم . تحريكُ الرؤوس والركبِ وأصابع القدمين . عندما قمتُ بهذا .رأيتُ أنّهم سيستعملون هذا التفكير في المستقبل . نظروا إلى الأمر بشكّ لكنّهم فعلوا كلّ الأشياء معي ، لأنّ دروسي هي أسهلُ من الدروس الأخرى فقط . وأنا أحبّ أن أفكرَ بكثير من المتعة .
تماماً بعدَ هذه الجولةِ بالرؤوس والأذرع والركب ، وأصابع القدمين . سمعتُ ضجةً . أحدُهم يصرخ بإصرارٍ . سألتُ مينغ مينغ : ما هذا . من يجلسُ دائماً أمام الصفّ مقابلتي . لاحظتُ أنّ بقيةَ الطلابِ يتركون بينهم وبين مكاني مسافةً .
قالت: هو الرجلُ الذي يطبخ الأرز . يمكنك أن تأخذَ أرزك ويطبخهُ لك بواسطة الآلة . أضافت : يوجد نارٌ بداخلها .
قلتُ : هذا مذهل . تركتُ الصفَّ . ركضنا إلى شقتي وملأنا المقلاةَ بالأرزِ ، وشاركنا طابوراً يشبه النملَ مؤلّفٌ من ربّاتِ البيوتِ والأطفالِ الثرثارين. فجأة رأيتُ الناسَ يصمتون ويحدِّقون بي . لم ينتظروا لآخذ دوري وفرصتي . كان طبّاخُ الأرز يرتدي معطفاً عسكرياً أخضرَ مبطناً وقبعة خضراء مع غطاء للأذنين . أعجبني لباسهُ لولا تلك الثقوب التي تبرزُ منها بطانةُ القطن .
صرخ : اجلب أرزك . أعطني الأرز لأطبخَه . هنا فقط خمّنت أن آلته هي التي تصدرُ الضجةَ باستمرارٍ . صبّ الأرزَ في الوعاء وأغلقَ الغطاء . هناكَ فرقعةٌ . قطعُ الأرزِ تصبُّ من الجهةِ الأخرى . شيءٌ سحريٌ . أعطيته المبلغُ المطلوب ، وأسرعنا معاً إلى المنزلِ أتذكرُ أنّه لا يوجد عندي حليبٌ بالطبعِ . ليس الأمرُ هاماً . الطعامُ لذيذٌ لوحده . أكلتُ كامل الزبديةِ ، وأنا جالسٌ في السرير بثيابي الكاملةِ ، وقد غطيتُ نفسي بثلاثةِ لحفٍ . جلست هي أمامي تنتظرُ حتى انتهيتُ . بمساعدةِ طبّاخ الأرزِ في ذلك اليوم البارد جداً . استطعتُ في النهايةِ أن أمسكُ بها !
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |