"رؤيةُ العدلِ بحروفٍ كبيرةٍ"
خاص ألف
2011-07-11
في نفسي شيءٌ من الازدراء لنفسي . مازالت تميلُ نحوَ الزيفِ في تفسيرِ العدلِ . أتحدّثُ عن العدلِ والعدالةِ دونَ أن أعرفَ عنهما شيئاً ، أرغبُ في إيجادِ فكرةٍ مختلفة عن فكرةِ أفلاطون . أزورُ جمهوريتَهُ الفاضلةَ التي رغبَ أن يرى فيها العدلَ بحروفٍ كبيرةٍ . رأيتُه يقبعُ في زاويتِها .نادمٌ على أفكارِهِ .
لما رآني قالَ لي :
تحدثتُم عن مدينتي ولم تعرفوها . أنتِ لستِ يونانية . أتيتِ إلى هنا لتزوري جمهوريتي التي لم تصبحْ حقيقةً بعد . معَ هذا : ستكونين فيها عبداً . أمسكني من يدي . وضعني في منزلِ فلاحٍ ليس لديه عبيدٌ سوى ثورٍ، وأنا . .
أصبحتُ من المتوحشين .
رفعتُ صوتي عالياً : يا لعبوديةِ أثينا !
- يمكنُ للمرأة اليونانيةِ أن تنالَ منصب ” الملك الفيلسوف” في الجمهورية لأنّ الذي يحكمُ بفضلِ حكمته وحسن مشورته ، وانتخابه من قبل الشعب لا فرقَ فيه بين امرأة ورجل ، الكلبُ الأنثى تقوم بدور الولادة والحمل ، كما تقوم بالصّيدِ والاقتناصِ والحراسة مثلها مثلَ الكلب الذكر .هذا ما قالهُ لي . لكنّ "المتوحشين ".هم الغرباء والعبيد .
صرختُ به : هل هذه هي جمهوريتك الفاضلة ؟ أين العدلُ في هذه الجمهوريةَ التي أفنيتَ عمركَ في التخطيطِ لها ؟ بل أين حروفُه الكبيرة التي أفردتَ لها الكتبَ ؟
ردَّ عليّ المعلمُ الأوّلُ ، وصاحبُ نظريةِ المعرفة.
- العبيدُ هم أحياءٌ . كتبتُ هذا في كتابي " هم آلاتٌ حية "!
سألتُ الجميعَ هناكَ في الجمهوريّةِ : عن الغايةِ من الوجود . أجابوا بأجوبةٍ لم أقتنعْ بها ، وما فهمتُ منها شيئاً منها التعبيرُ عن ذلك : " العمل بالفضائل كي تستكملَ الذّاتُ الإنسانية وجودَها الإنساني" .
فتشتُ في ثنايا روحي . ما وجدتُ فيها شراً . لكنّ ذاتي لم تستكملْ وجودها الإنساني . بنفسِ الوقتِ لم أصلْ إلى طريقةٍ أفهمُ من خلالها الغاية من الوجود !
البارحةُ اشتريتُ نظاراتٍ مكبّرةٍ لقراءةِ حروفِ العدلِ . منذُ أن نسيتُ القراءةَ والكتابة قبل عقودٍ من الزمان . لم يكنْ معي ثمنُ الورق ،لجأتُ إلى رُقمٍ طينيةٍ . كانتْ تفرطُ كلما كتبتُ عليها سطراً . لم أستطعْ قراءةِ حروفِ كلمة العدلِ الكبيرة . أحضرتُ محاضراً من الجامعةِ متخصّصاً في علمِ الاجتماعِ . كما أحضرتُ محاميّاً وقاضياً . ليقرؤوا الكلمةََ . قرأها كلُّ واحدٍ منهم بلهجته ، ولكنتهِ . كلّهم أجمعوا على أنّها : " الذُّلُ " عددتُ حروفَ كلماتهم على أصابعِ يدي . اعتقدتُها ناقصةً . حروفُها أكثرُ من حروف الذّل بحرفٍ واحدٍ . عندما وصلتُ إلى الحرفِ الخامسِ . رأيتُ شاباً مضرجاً بدمائهِ . انتفضَ.
- تبحثين عن العدالةِ . أسرعي . غادري المكان !
- لماذا ؟
- لأنّ راعي مواشي الملك. أخذَ الخاتمُ من قلبِ الجثةِ في الكهفِ . راودَ الملكة عن نفسها ، واغتصبَ العرش .
لو وجدتِ خاتماً آخر في إصبع ميتٍ آخر ، ربما تكون المعادلةُ صحيحة .
أسألُ سقراط السؤال الذي سألَه تلميذاهُ : "هل تستطيع يا سقراط أن تبيّن لنا أنّ العدالةَ بطبيعتها أسمى من التعدي؟ وأنّ الأدبَ أصلحُ من فسادِ الأدب ؟ إذا كان ذلك في طاقتك . فبرهن عليه إذا أردت"
منذُ بدء الحياةِ تمكّنَ البعضُ من استعبادِ البعضِ بإعطائهم جرعةَ طعام تبقيهم على قيد الحياةِ . ومعَ الزمنِ تحوّل العبيد إلى عبادةِ الأسياد . ارتقى العبيدُ إلى مرحلةٍ عرفوا فيها مطالبَ السادة . عينهم السادةُ وحوشاً كاسرةً على المتوحشين . حيث يتساوى الإنسان والحيوان .
الفلاسفةُ اليونانيون لم يخرجوا عن هذه الرؤيا ، والرومانيون زادوها بشاعةًً . كل الزعماء يؤمنون أنّ هناك سادةً ومتوحشين .. قد أكونُ من بين المتوحشين ، أو تكونون أنتم . الكلمةُ تعني في النهايةِ : الذين لا حول لهم ولا قوة .
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |