ضجيجٌ
خاص ألف
2011-07-18
لا أعرفُ من أين يأتي ذلك الضجيج .
لم أكنْ أشعرُ به يوما.
عندما أغفو . أكرّرُ نشرةَ الأخبارِ التي تبثّها قناة مواليةٌ . أقولُ : لا . أنتم تكذبون . لا يوجدُ في بلادي مجرمون. . .
ويديرُ ذهني المفتاحَ إلى نشرةٍ أخرى . فأصرخُ بها . لا . لا يمكنُ أن أرى كلّ هذه الدماء .
أستيقظُ على كابوسٍ اسمُه : أخبارُ بلادي . أهرعُ إلى الثلاّجةِ أشربُ ماءً بارداً جداً لأطفئَ حرائقي ، ثم أشربُ ثانيةً ، وثالثةً ، إلى أن أشعرَ بالحرارةِ تجتاحُني . . .
.أتناولُ قرصاً مهدئاً .
أحصلُ على مكافأةٍ : التهابُ اللوزتين . . .
الكثيرُ من الضجيجِ في الخارجِ .
الكثيرُ في داخلي أيضاً . يمنعُ عقلي من التفكير أحياناً .
الطائرُ الذي يرتِّبُ أفكاري . يرفرفُ بشكلٍ عشوائيٍّ من قضيةٍ إلى قضيةٍ ولا يحسمُ الأمرَ . . .
كم أتمنى أن يتوقّفَ ذهني بضعَ دقائق عن الثرثرةِ والضجيج !
أرغبُ أن يعمّ المكان الهدوء .
الهدوء في الأذن والروح والعقل .
هيهات !
يأتي الصباحُ . أذهبُ إلى عملي . تهدأ نفسي قليلاً . لا أخبارَ . لديَّ عملٌ عليّ إنجازهُ أوّلاً . . .
يرنُّ هاتفي
- ماما : إلى متى الانتظار ؟
- حتى أنتِ أيّتها الشقيةِ تهاجمينني في عقرِ استقراري .
أعتذرُ عن ردةِ فعلي على الفورِ . كنتُ أمازحكَ فقط . في غدٍ . حبيبتي انتظري . صبراً قليلاً يا ابنتي.
لا يمكنُ اختصار الأعوام في يومٍ واحد .
يرنُّ هاتفي ثانيةً .
- صديقتي : هل سمعتِ أحدثَ الأخبار ؟
ويسقطُ الهاتفُ من يدي .. أستعيدُه . . . ودونَ أن أعقّم يديَّ . أقضمُ جزرةً كانتْ قد وقعتْ أيضاً .
ماذا سيصيبُني إن لم أعقّم يديّ أو الجزرة ؟ لديّ مناعة ضد كلّ أنواع الجراثيم ، فأنا لم أشرب يوما ماء نظيفاً، كانتْ أمي تصفّي ماءَ البئر بقطعةِ قماشٍ بيضاء ، أكلتُ الخضار من الحقلِ دون غسيل ، لم آخذُ يوماً حماماً دافئاً ، فالبترولُ والكهرباء هي استثناء في حياتنا , وبعد موتِ أمي ، لم يعد في حقلنا حطب.
مملوءةٌ حياتي بالارتباكِ والصراخ .
في منزلي : أغلقتُ النوافذ . التلفاز . الكهرباء . الهاتف .
جلست متربعةً على الأرض . أرغبُ أن أمارس قليلاً من التأمل علّه يأخذ جزءا من ذلكَ الضجيجُ في روحي ، ويترك لي مساحة داخلية . .
لم أتمالكْ نفسي .
فتحتُ التلفاز على محطةِ أغاني . ما أسخفني !
خرجتُ إلى الطبيعة . سأمارسُ تمارين رياضيةٍ في الحديقةِ . ربما أركضُ . . رأيتُ بعضهن . . . تحدّثنا .
- هل سمعتِ الأخبار ؟
- لا . تحدّثوا لي بالتفصيلِ عن أخبارِ اليومِ مع رأي المحللين من الطرفين قارنوها بأخبار البارحةِ . استعرضوا المواقف .سخروا ممّن سمّوهم الأبواقِ . مصطلحاتٌ جديدةٌ . تبدأ بالمندسين والجراثيم وإلى آخر ما هنالك من كلماتٍ وألقابٍ جديدةٍ .
عدّتُ إلى المنزلِ . وضعتُ الوسادة على رأسي وكلما أغمضتُ عينيَّ : أسمعُ نشرةً جديدةً للأخبار ، وأصواتُ صديقاتي وهنّ يشرحن لي . ..
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |