دائرةُ الخوفِ
خاص ألف
2011-08-01
أغني على جرحي . نزفُ الدماءِ مازالَ يطربُهُ الغناء .
لا تهدروا معنى الحياةِ. سئمتُ لونَ الموتِ، وكلَّ أساطيرِ الرياء
لن أعتلي موجةََََ الرقصِِ على الزيّفِ ، أخجلُ منه . كلّي حياء
الماضي يرحلُ إلى حاضرٍ . عنوانُه "القتلُ" ، و " بحرٌ من دماء "
لم أعهدُ يوماً أمناً . كلّ زوايا بلادي تنزفُ خوفاً . منذ أيام كان يا مكان . تاريخنا مملوءٌ بالقتلِ والغزو ، وسبيُ النساء . نتغنى بالماضي . نقولُ : حضارتنا . عروبتنا ، لو عدنا إلى الحضارةِ، لوجدنا أنّ اللغة العربية ما هي إلا لهجة من اللهجاتِ . ماذا يضيرنا أن نكون أمّةً متنوعة القوميات ريثما نعرفُ من نحنُ ؟ ودونَ أن نرغمَ الآخرَ على أن يكون عربياً رغماً عنه .
لو عدنا إلى الماضي البعيد ربما نكتشفُ أنّنا أصبحنا عرباً ومسلمين رغماً عنّا !
الماضي يلاحقنا . أرغبُ أن أهربَ منهُ إلى ماضٍ أبعد .
إلى الآلهة التي ابتكرها الإنسان ، ليقهر الخوفَ .
أحاولُ جاهدةً أن لا أفكّرَ بهِ، بيدَ أنّي لا أفكّرُ إلا به - أعني الماضي -
الظلالُ تملؤني .
أشبهُ كتاباتٍ قديمةٍ تركتُها على رفٍ في مكتبةِ منزلنا. يغطّيها الترابُ . سيدفنُها مع الوقت .
أشبهُ بركاناً أحاولُ تهدئتَه على الدوام ، كي تعودَ نفحات ٌ من صيفٍ دافئٍ إلى قلبي المتجلّد ، ومعَ الصيفِ تهبُّ رياحُ بلادي . تتجمّدُ أطرافي من الخوفِ ،أفقدُ الأمنَ والأمان . ولا أدفأُ أبداً . فتحزنُ شمسُ الصيفِ على لهيبها ، وتختبئُ في الظلام .
مالنا وللماضي ؟ علينا أن نعيشَ لحظاتِ حياتنا الحاليّةِ.
نحنُ فعلاً نعيشُها . على وقعِ أصواتِ الطلقاتِ ، وصراخِ الأمهاتِ .
افتقدَ البعضُ ما ُيدعى : قيمة الحياة .
لا . ليسَ هناك أيّ قيمة للحياةِ . ما أرخصَ الإنسان !
الأفضلُ أن أعيشَ بالماضي . أندبُ، وأبكي حظي ، بدلاً من أن أرتجفَ عندَ رؤيةِ المشاهدِ التي لا يمكنُ أن يراها إنسانٌ في عصرِ الهاتفِ المحمولِ ، وسرعةِ الاتصالات.
يسجّلُ التاريخُ الآن مرحلةً من النّكوصِِ في العالمِ. عودةٌ إلى مراحل ما قبلَ الحضارةِ البشريةِ .سيدينُ العالمَ نفسهُ عندما يصحو من سكرته التي أغرقته في السُبات. بعدَ أن تتحوّلَ الكرةُ الأرضية إلى قريةٍ صغيرةٍ . يحكمها إمبراطورياتٌ تضمُّ أفراداً قليلين متعدّدي الجنسيات. ستعودُ العبوديةُ من جديدٍ . هذهِ المرحلةُ نحنُ فيها الآن . العالمُ سوفَ يطبقُ أسنانه على أصابع الندم . بعدَ فواتِ الأوان .
لم أشعرْ بالأمنِ يوماً .
في طفولتي :
لاحقني القهرُ ، والجنيّات ، وبكاءُ أمي .
وفي شبابي :
شعرتُ بجسدي يرتجفُ، وأسناني تصطكُّ خوفاً :
من البردِ . من الرجلِ . من أن لا أجدَ ثمن طعامٍ . من الدركي . من أن أكونَ خائنةً دون أن أدري . ما أسهلَ أن تكونَ في بلادي خائناً ، وعميلاً يستحقُّ القتلَ ! كم من الأشخاص سقطوا شهداء دون أن يموتوا ! أو حُكمَ عليهم بالموت لأنّهم شرفاء . كان الخوفُ دائماً ونوباتُ الهلعٍ تسكنُ جسدي.
وفي أرذلِ العمرِ :
أخافُ من المذلةِ . من الموتِ غريبة . من المرضِ ، ومن صوتِ الموتِ يرتسمُ ابتسامةً على وجه الشباب .
عندما وضعتُ ثوبي في فمي ، وهربتُ من الخوفِ .كانتْ مئاتُ الأشباحِ تطاردني . كدتُ أعودُ ، فضّلتُ الموتَ على العودة . بحثتُ عن لقمةٍ أتقاسمُها مع الطيورِ . حنيتُ رأسي، وأنا أحملُ ذلَّ قومي كلّهُ . ركعتُ على شواطئ ليست لي . بلادي الواسعةُ لم تحمِني من ذلكَ الخوف الأزلي الذي حملته بين أضلعي ، ولا بيتي الذي غرستُ أشجار حديقته بيديّ . المكانُ كان أضيق مما أريد ، والزمانُ ليس زماني . اعتقدتُ أنّني سوفَ أنسى مكاني الأوّل وزمانه . لكن هيهات !
أردتُ أن أمحو الذكرياتِ ، وإذ بي لا أستطيعُ محوَ أي شيءٍ . أوروبا مازالتْ على الخارطة ، رغمَ أنّي حاولتُ أن أحفظَ درسي جيداً .
ذكرياتي تحاولُ أن تضخم الأنا فيها ، البركانُ يتفجرُ ثانيةً بعد أن اعتقدتُ أنّني أخمدته ، وفي لحظةِ أمانٍ للزمانِ . طرقَ البومُ بابنا . أضعنا الأمان !
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |