نحنُ من يزرعُ الزهور
خاص ألف
2011-08-15
عندما ينطلقُ أريجُ الوردِ في ربيعٍ دافئ . ننسى أنّنا زرعناهُ في موسمٍ سابقٍ . لم نكن نتمتّعُ برائحةِ الزهورِ يوماً . هي ليست لنا .
لم يكنْ الياسمينُ لنا . والقمحُ والشعير . وكلُّ أمرٍ جميلٍ . ينهبُ من بيتنا
لم نكنْ نعرفُ الفرقَ بين الحياةِ والموتِ . نسألُ بعضنا بعضاً : عن غايةِ وجودنا .
يمرُّ العمرُ في دوّامةِ القهرِ، ونصمتُ . نستسلمُ للأمر . . .
اعتقدنا أنّ الصّمتَ هو قدرنا ، والفقرَ هو إرثنا ، والموتَ هو الموتُ . فلنمتْ ريثما تحين ساعته . هكذا كان وضعنا .
في ساعةِ الصفرِ. استيقظتْ بعضُ أرواحنا . تقولُ : كفى موتاً وقهراً . ما أمتعَ الدنيا بلا قهر . صرختْ بعضُ الأرواح "حرية"
ومعَ نداءِ الحريةِ الأوّلِ . وضعنا على آذاننا قطناً كي لا نسمعُ صوتنا . فالحريةُ عارٌ في وطننا ، ضريبةُ العار قتلٌ ، وحربٌ على وجودنا .
وكانَ يا ما كان : جيلٌ لم يبلغُ سنّ الرشدِ بعد . هو جيلٌ من الفتيانِ . كانوا من الدفعةِ الأولى في مدرسةِ تحرير عقولنا .
أجسادنا منكمشةٌ . ترغبُ في الاختباء . أرواحنا تسابقهم في معزوفةٍ اسمها حريّة الإنسانِ والعباد .
تحقّقت الحرية . نحنُ اليوم أحرارٌ . وهل هناك حرية أكبر من الانتصارِ على الخوف ؟ هؤلاء الفتيان نضجوا . كبروا في ليلةِ ظلمٍ وتنكيل . توزعت أرواحهم على الدنيا . هبّ الرجالُ والنساءُ والأطفالُ ليقولوا : كلّنا أحرارٌ اليوم . فكان مهرجانُ الحرية . الذي يردّدُ أناشيده العالم أجمع . يفخرون بالإنسان فينا الذي اكتشف أن الغاية من وجوده هي :
أن نتذوّق طعم تجاربنا لأقصى درجةٍ ، بشغفٍ ودونِ خوفٍ من التجاربِ الجديدة التي ستأتي لاحقاً . لابدّ أن نحتفي بأنفسنا وكلّما احتفينا بها يأتينا المزيد من النجاح . لا تقاسُ الحياةُ بعدد ما تنفسناه ، وكم من الوقتِ أمضينا على هذه الدنيا ، بل بقدرِ ما جعلنا وعينا يرتبطُ بتذوّقنا لكلّ لحظةٍ منها . سعيدة كانتْ ، أم لم تكنْ . نحنُ اليوم لسنا أموّات . نتذوّقُ تجاربَ الحياةِ الجميلةِ . نعيشُ الساعةَ عمراً كاملاً ، ولحظاتِ الاحتفاءِ بأنفسنا في ساحاتِ الحرية .
قد يغيّبُ الموتَ أحدهم . هذا ما نراهُ أو يهيئ لنا . الشهداء لا يموتونَ. هل ماتَ القاشوش ، ونحن نسمعه يغني في جميعِ أرجاءِ المعمورة ؟ هو بيننا . يراقبنا منتشياً . ينعمُ بالسلامِ . لأنّه دافعَ عن وجوده ، ووجد أنّ له معنى . لم يعدْ شهيد سوريا فقط . بل هو شخصيةٌ إنسانيةٌ عامةٌ . لذا هو شهيدُ الضميرِ والإنسانية . عرفَ أن الحياة . تستحقُّ العيش . فعاشها في أبهى معانيها في ساحة العاصي . وفي ساحاتِ الحرية .
الدماءُ تنزفُ في وطني ، والعالمُ يتفرّجُ لا تعنيه هذه الدماء . الرؤساءُ في العالمِ ليس ضميرهم هو الميّتُ . بل هم في حالةِ موتٍ سريريٍّ . سيأتي عليهم يومٌ . تحاسبهم فيه أرواحُ ملايين الشهداء الذين قضوا يوماً . من أجل الحرية . هم يعيشون في ذاكرة شعوبهم . سيكون للشعوبِ وقفةَ اعتزازٍ بشهدائنا . الذين بعثوا الصحوة ضمائرهم .
منذُ اليوم : الياسمين لنا . عبيرُ الورودِ لنا . لن نموتَ ونحنُ على قيدِ الحياةِ . اليوم حانت صحوتنا . نحنُ من بذرَ الزهورَ . ستنبتُ ورداً وحريةً في ربيعنا .
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |