يومٌ مع التّصييفِ
خاص ألف
2011-09-12
نادراً ما أعودُ إلى ذاتي وأختلي بها. كلّما اختليتُ بها مرةً. أشعرُ بالإحباطِ. ذاتي مولعةٌ بالكلام عن الليلِ، والحبّ ،والحياة. وكما تدرون لا يوجدُ في بلادنا سوى الموتُ بالمجّان - هربتْ مني ذات مرةٍ من كثرةِ ما صفعتها وأجبرتُها على الانحناء. في حديثها المستمرً لي تقولُ : اخرجي من هذا الحزن الذي تعيشينه من أجلِ الأحياء والأمواتِ. ليس عليكِ أن تنغمسي هكذا في الهمّ.
أجيبها : عفوا يا ذاتي. إنّها العاداتُ ، وربما الجينات !
في الجمعةِ الفائتةِ وبعد الصلاةِ تحديداً. عندما بدأتِ المظاهراتُ. أتاني سيلٌ من التلفوناتِ من أصدقائي يطلبون مني تحليل الموقفِ في سورية. أجبتهم: أنّني في هذه اللحظة بالذات. قد أغلقت التلفاز والانترنت. اتهموني بأنني مغفّلةٌ لا أكتبُ التاريخ معهم. أتتني دعوة منها -أعني ذاتي - كي أجلسَ معها جلسةَ ودٍ. غبتُ عنها منذ أوّلِ جملة قالها السوريون: " الشعب السوري ما بينذل " ولم تكنْ الأحداث قد بدأت بعد. بل كان احتجاج على سجن أحد الشباب ظلماً ، عندما بدؤوا يصرخون بالشرطة " حرامية ". مددت يدي على جسدي لأعرفَ أنّ من يصرخ لستُ أنا، ولستُ واهمة أنّه يمكنُ أن يكون للسوري فمٌ ينطق به!
في يوم الجمعة ومع سيل التلفونات الذي أتى من أصدقائي - كلهم بعمر أولادي، وأولادي من بينهم - يسألوني عن التحليل السياسي للأحداث. طلبوا مني أن أكونَ صادقة ، طبعا كلّ مكالمة تجاوزت الربع ساعة. يعني أنّني أصبحت في حالة يرثى لها. وضعت الهاتف جانباً ثم أجهشت بالبكاء. بدأت أبكي بصوتٍ مرتفعٍ تدريجياً. هم يريدون أن أقولَ لهم: غداً ستحسمُ الأشياء ، وأنا لا أستطيعُ أن أقول هذا. لطمتُ خديّ. نبشتُ شعري. ثم حصرتُ نفسي في زاوية المنزلِ وحيدة كالجرذ. تذكرت نظرة القذافي إلى الناس ، لاشك أنّه كان يستمتعُ وهو يراهم متلطين في زاوية مثلي عندما ُيعتدي عليهم. من هنا أتت التسمية.أعني تسمية القذافي للشعب بالجرذان - أصدقائي لم يطلبوا تحليلاً. بل جواباً قاطعاً !
نفسي تريدُ أن تعطيني درساً ، أن لا أسمحَ لأحدٍ بالتجاوزِ عليّ ، ولو كانَ من أهلِ الدار ولأوّلِ مرة أستمعُ لها. عاقبتني. هي أيضاً رحلتْ عنّي.
فتحتُ التلفاز على محطة أغاني هابطة. رأيتُ أحدهم يغني أغنية فيها جنسٌ ولمسٌ وغمزٌ، واستعراضُ لأجساد فتياتٍ في مقتبلِ العمر، يمارسن الفنّ شكلاً والجنس بدون تشفير. لم أتحمّلْ عبءَ الكلماتِ. قفلتُ التلفازِ. ذهبتُ إلى الحانوت. اشتريت كولا وشيبس وكاتو. طبعا. ابنتي" الطبيبة" في إجازة لذا يمكني أن أمارس ملذات الموت بسهولة. فلا أحد سيمنعُني. كما أني لا أجدُ أنّ من واجبي القيام بالطبخِ من أجلي فقط ، فأنا غيرُ موجودةٍ بنظرِ ذاتي. أكلتُ كلّ ما جلبتُ. ثمّ شربتُ كأساً من العصير المحلى. بدأت الحرارة في أقدامي. عرفت أنّني في أزمة ارتفاعِ السكر في الدم ، هرولتُ إلى الطبيبِ. كانَ لي بضعُ ساعاتٍ من الإغماء السكريّ ! كانت عقوبةٌ من ذاتي. من أجلِ أن أعترفَ بها وأحترمها !
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |