اللغة العربية في مهبِّ الريح
خاص ألف
2011-09-26
أضحتْ أبجديتنا مكوّنةٌ من ستةٍ وعشرينَ حرفاً. حرفان حذفا دون العودةِ إلى مجمّع اللغة العربية. حرف " ث، ذ" في مهبّ الريح.
يبدو الموضوع كأنّهُ جاء في غير وقته. أرى أنّه وقته. اللغة التي نتحدّث بها. تعبّرُ عنا، وعن ثقافتنا. هي ليست فقط وسيلة تفاهم. بل تعبيرٌ عن الذات بواسطة المفردات.التي تحدّدُ عمق ثقافتنا.
عندما أستمعُ إلى المحطات الغربية التي تبثُّ بالعربيةِ. أجدُ أنّ جميع المذيعين، ومقدمي البرامج فيها. يجيدون اللغة العربية. هي شرطٌ للقبول. وهناك مدقّقٌ لغوي في كلّ محطة. حتى في بعض المحطات العربيةِ مثل محطة الجزيرة تهتمُّ باللغة العربية، بغض النظر إن كنّا نتفق أو نختلف حول ما تبثّهُ.
لستُ متخصصةً في اللغة العربية. أسعى أن أتلافى الأخطاء في الحديث، أو الكتابة عن طريق استعادة بعض القواعد عندما أكون غير متأكدة منها.
كلما أطلّ السوريون على الفضائيات محللين. مؤيدين، ومعارضين أخجلُ من لغتهم.
مهما حصل الإنسان على شهادات. لا أعتبره متعلماً حقيقة حتى يجيد الحديث باللغة التي يستعملُها في التعبير عن الأشياء.
الأمر يحتاج إلى معالجة منذ الدراسة الابتدائية. أي معالجة في القبولِ للمعلمين والمعلمات. كي يستطيعوا النهوض بمستوى طلابهم في شتى المجالات ومنها اللغة.
يظهرُ من يدعون أنفسهم محللين من المعارضين والمواليين بنفس اللغة. أغلبهم نسخةٌ طبقَ الأصل في اللغةِ والإلغاء.. السأسأة ظاهرةٌ قاتلة لديهم. فالثورة تلفظ سورة، والذي. تلفظ الزي. بينما يلفظها المستشرقون بشكل سليم.
هل نحذف حرفين من الأبجدية هما : الثاء والذال ؟
لماذا يتحدث الكرديّ بلغة سليمة إلى حدٍ ما أكثر من العربي. وكذلك الآشوري والسرياني. قد يقولُ البعض : لأنّ لهجتهم هكذا. أبداً. عندما درّست التلاميذ الأكراد في الماضي في عامودة، والقامشلي. حيث عملت معلمة لمدة خمسة عشر عاماً. كان التلميذ يدخل إلى المدرسة ولا يعرف التحدث إلا بالكردية، أو السريانية. هي لغته الأمُّ، وما إن ينتهي من الصف الأول حتى يجيد العربية. درّست في مدارس ليس فيها عرب.. أغلب التلاميذ أتى من بيوت فقيرة مهمشة. يحاولون الوصول إلى مرحلة عالية من التعليم. هم محرومون حتى من التحدث بلغتهم. رغم ذلك كانوا يتلهفون لإجادة العربية كتابة وقراءةً، أحبّوها ودرسوها في الجامعات. يكتبون فيها أفكارهم. هي لغتهم الأم. في غياب تعليم الكردية في المدارس.
هبت على بلاد الشام موجة أصبحت اللهجة اللبنانية المخلوطة بنكهاتٍ من كلّ حدبٍ وصوب. هي دليل التمدّن. ُتقدّم بواسطتها البرامج الإذاعية والتلفزيونية،قلّدها الكثير من السوريين الذين يرغبون في الانتماء إلى المجتمع الراقي، وما زالوا يقلدونها في المحطات السورية بتغيير حرف الألف مثلاً، فبدلاً من ثمانية يقولون: تمينة !
بعد المسلسلات الشامية التي غزت الوطن العربي. والتي تعتمد
على البطولات الزائفة، واللهجات المنقرضة. ضاعت بعض حروف اللغة في الحديث بين أبطالها.
هل علينا إلغاء بعض الحروف مثل " ذ. ث" ؟
إذا كان هناك ثورة اليوم في سورية. على هذه الثورة أن تشمل اللغة بطريقةٍ ما. وأن تتمّ المحاسبة على الارتجال والضياع في وسط الكلام، وبين بلع قسم من الحروف، وتبديل بعضها.
حتى في اللغةِ الإنكليزية، والتي يدعي البعض من السوريين إجادتها فإنّ " ذا تلفظ زَ " أي أنّهم لم يتعلموا أصول لغتهم، ولا لغة غيرهم.
لا أجد أكثر تعبيراً عن هذا الوضع من قصيدة حافظ إبراهيم " اللغة العربية تعاتبُ أبناءها" لأنّ غير أبنائها يتعلمونها بشكلٍ سليم. إن كانوا مستشرقين أو طلاب جامعاتٍ غربيةٍ.
اقتبستُ منها بعض الأبيات :
أَنا البَحرُ في أَحشائِهِ الـدُرُّ كامِـنٌ فَهَل سَأَلوا الغَوّاصَ عَـن صَدَفاتـي
فَيا وَيحَكُم أَبلـى وَتَبلـى مَحاسِنـي وَمِنكُـم وَإِن عَـزَّ الـدَواءُ أَساتـي
فَـلا تَكِلونـي لِلـزَمـانِ فَإِنَّـنـي أَخـافُ عَلَيكُـم أَن تَحيـنَ وَفاتـي
أَرى لِرِجالِ الغَـربِ عِـزّاً وَمَنعَـةً وَكَـم عَـزَّ أَقـوامٌ بِعِـزِّ لُـغـاتِ
إِلى مَعشَرِ الكُتّابِ وَالجَمـعُ حافِـلٌ بَسَطتُ رَجائي بَعدَ بَسـطِ شَكاتـي
فَإِمّا حَياةٌ تَبعَثُ المَيـتَ فـي البِلـى وَتُنبِتُ في تِلـكَ الرُمـوسِ رُفاتـي
وَإِمّـا مَمـاتٌ لا قِيـامَـةَ بَـعـدَهُ مَماتٌ لَعَمـري لَـم يُقَـس بِمَمـاتِ
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |