جوانب من سيرة ذاتية
خاص ألف
2011-10-03
أحاولُ أن أحافظَ على نوع من التوازن في حياتي. أحافظ على أصدقائي من كل الأجناس والألوان ، دون أن أقلّدهم ، أو أحذو حذوهم. أرى البعض منهم يضع على صفحته على الفيس بوك. مقاطع لأغنيات حماسية من الماضي ، أو رأياً ما حول كاتب مثل أدونيس أو أنسي الحاج. أو. أو، وكلّ ما يضعونه من الماضي. ليس له ملامح جديدة. مع إيماني العميق بحرية الاختلاف. أتمنى من الماضي أن لا يعود.
أتحدّث في الكتابة، وليس في السياسة
يكتبُ البعض تعليقاتهم على يومياتي. بعضهم يمتدح كتابتي بشكلٍ مبالغٍ فيه. البعض يدعوني إلى إظهار موقفي من الثورة بصراحة.
أهتمُّ برأي الآخر. لكنّ المعلّق اليوم لا يعيشُ المأساة التي يعيشُها ثائرٌ قطّعت أوصال أخته، أو قطعَ عضو أخوه التناسلي. أو فقئتْ عينه. هذا الأخير لن يقرأ، ولن يعلّق. ليس لديه الوقت. ولا المزاج.
من حقّ المتصفح إبداء الرأي. ليس من الضروري أن يكون ثائراً.
حذفتُ من على صفحتي على الفيس بوك أصدقائي الذين يحملون أسماء مشفرة. كما حذفتُ أسماء بعضهم عندما انضموا إلى جيش الأسد الالكتروني. من أجل أن لا يتمّ استغلال صفحتي في الإساءة للغير.
يوجد شعارات للساحات يقولها المتظاهرون ، ومنها أغنية القاشوش:" سورية بدها حرية " وهناك كتّابٌ لأدب الثورات ، وأدب الحياة. الأدب يسجل المعاناة ، ولا يسجّلُ الشعارات ، إلا من خلالِ حديثه عن أصحابها. يمكنّنا أن نسجلّ أغنية القاشوش ، واقتلاع حنجرته ، أو تخريب يدي علي فرزات كي لا يرسم. ضمن نصٍّ جميل.
لا أعيش في سورية. يمكنني أن أهتف بشعاراتٍ نارية دون خوف. كتلك التي أقرؤها. وأعرف بعض أصحابها عن قربٍ ، أعرف أنّهم مزيفون.
لستُ سياسية. اعتزلتُ العملَ السياسي. لكنّني إنسان كامل العضوية في الحياة. أتأثر بما يجري حولي ، ولو أردت الانضمام إلى صفوف المعارضة التي تمثلُ أجيالي لفعلتُ. أغلبُ المعارضين التقيتُ بهم في الماضي ، وفي الحاضر. في مكاتبهم ، في المطاعم ، وصالات الاحتفالات. لم أنضم إليهم.
لم أنضم إلى أيةِ منظمةٍ تعنى بحقوق الإنسان. بسبب التكتّلات والأحلاف ، والسلوكية المشابهة لسلوكية الأحزاب. ولمعرفتي لأكثرهم ، وكيف أنّهم لا يعترفون بحقوق زوجاتهم وأطفالهم ! وهم دكتاتوريين في بيوتهم.
كان بإمكاني حضور بعض المؤتمرات التي جرت في الآونة الأخيرة. كما عرض علي بعض المقابلات على المواقع وفي بعض الفضائيات. لم أفعل. ليس لأنني مع السلطة. بل لأنها والمعارضة. وجهان لعملة واحدة. أحدهما "طير والآخر نقش " سيسقطان معاً ، والكلمةُ الحسمُ هي للثوار.
بعد الحسم سيكونُ كلام آخر. لن يأتي نظام حكم كما يحلم الثوّار. الذين تسلقوا في الماضي، سوفَ يتسلقون في المستقبل بأسماء جديدة وعناوين جديدة. مع الثورات المستمرة سيتم التغيير. الثورة الفرنسية استغرقت عشرات السنين. بعد بدء الانتصار الأوّل .
أكتب في كلّ يوم ، مقالة يومية في نور الشرق " الموقع الإماراتي الذي أعمل فيه " استطعتُ من خلاله جذب القراء إلى اهتماماتٍ حديثة في التنمية الذاتية ، كما استطعتُ أن أضع بصمتي على الموقع ليكون محلّ اهتمام بالحوار ، وقبول الآخر ، والشعور بالتحرر عن طريق إشراك الكثير من الكتاب معي. و للثورة السورية حصة كبيرة فيه.
أكتب مقالة "افتتاحية نارية" يومية. لموقع حديث ،كنوع من الدعم لأصدقائي وباسم الموقع دون توقيع. إضافة إلى يومياتي في ألف.وكتاباتي الخاصة ، وممارسة عملي.
منذ بدء الثورة وعلى مدى أكثر من شهر. كان لي مقالات يومية اسمها صباح الحرية. بعدها غيرتُ إلى أسماء أخرى ، وعندما أرسل لي بعض الأصدقاء أن عليّ أن أحدّد ما أريد. كتبتُ مقالةً قلتُ فيها : إنني مع الثورة
أقولُ ذلك منعاً للّبس.
ليس ذنبي أن أحدا لا يقرأ الأفكار.بل يقرأ الشعارات. لا أخافُ أن أقول أنني مع الثورة ، ومع تداول السلطة ، مع حقوق الأقليات كما تراها الأمم المتحدة ، ومؤمنة أنّ العربَ لن يحرّروا فلسطين. سيكون التغيير في فلسطين كلّها ، بعد أن ُيسقطَ الشعب الفلسطيني الزعامات المستبدة.
لا أؤمن بنظرية المؤامرة ، ولا الدعوات الجهادية ، ولا بالتشدد الديني أو القومي أو المذهبي. ولا بحزب البعث. الشيوعي. الناصري. ولا بالرموز من الحكام أو الكتاب، ولا بكلمة عظيم وعظمة ، ولا بالمداراة عند الحديث.
أحيي الذين يتفهمون ما أتحدث عنه ، عندما كتبت " في دارة أم العبد". حاربني الشيوعيون ، وطلبوا منع اليوميات من النشر، بينما تعاطف معي الأستاذ خالد الذي عرّفني بنفسه ، ولم أعرفه طبعاً إلا من خلال تعليقه. أمتن له : من أجلِ الإصغاء إلى صوت الحقيقة ، كونه من نفس المنطقة. التي عشتُ بها زمناً. تحدّث بأشياء أعرفها.والأشياء المحلية التي تحدّث بها صحيحة. بغض النظر عن الرأي السياسي.
ليس صحيحاً أنّنا مجتمع غير طائفي. نحنُ طوائف وقوميات مهمشة جميعها وملغاة. لذا تعمل هي أيضاً على التهميش والإلغاء للآخر . قد تكون الثورة في بعض مناحيها طورت الوعي إلى البدء بالتغيير تجاه مواقف غير طائفية. لكن كلما عزفَ أحد على هذا الوتر. هبّ الجميع للغناء. تلك العزلة الطائفية والقومية لا تعني التحارب كما يدّعي النظام. تلك الطائفية موجودةٌ في ذهن النظام ظناً منهم أن طائفتهم المظلومة ستساندهم إذا عملوا تحت هذا الشعار. ستنتهي الطائفية مع دولة مدنية تفصل الدين عن الدولة ، وتحترم جميع الأديان.أو عدم الاعتقاد بدين معين.لأنّ الله هو الذي يحاسب البشر.
. عشت في الجزيرة السورية أربعين عاماً. الجزيرة مهمشة عرباً وأكراداً وسرياناً. أتمنى على "المعارضين العرب " أن يأخذوا باعتبارهم: أنه لا يمكننا القول للسرياني أو الآشوري أو الكردي أنت عربي رغماً عنه. هذا لا يعني أن كل ما يصدر عن هؤلاء ليس فيه أخطاء. هناك الكثير من الحقد القومي الذي كان يؤججه زعماء الأحزاب. البعث وبعض الأحزاب الكردية المتوافقة معه. أو بعض الزعامات السريانية. والذين يتلقون توجيهاتهم ، من الأجهزة الأمنية. لم تجرِ حتى اليوم المصالحة والمسامحة. قد تجري في يوم من الأيام.
أعزائي هذه اليوميات الطويلة لكم. إنني أعرّفُ بنفسي. من أجل أن تعرفوني. بإمكانكم أن تقبلوني كما أنا ، أو أمتنع عن الكتابة في مواقع سورية. قد يكون ذلك تصويتا على قرار سأتخذه في المستقبل.
أسعى جاهدة أن لا أعود إلى سورية ولو تغير النظام. لأن النفوس التي تلغي الآخر. تحتاج لسنوات لتتغيّر . وليس لدي طموح من أي نوع من الحياة في وطني. إن عدت سيكون ذلك رغماً عني لأنّه لا مكان لي في هذا العالم غير تلك الأرض التي هربت منها . هذا ليس جبناً. عندما سكت العالم عن ظلم الأكراد كنتُ مع زوجي مناصرة لهم ، وفي أحداثِ ملعب القامشلي كان في مقدمة الذين شيّعوا الشهداء. وكنت أنا وابنتي في المؤخرة , نحاور الشباب. يقولون لنا سنزيل التمثال اليوم. ونضحكُ معاً. السوريون لم يتعاطفوا معهم. ماتوا بصمت. مات زوجي أيضاً. عوقب لأنّه وقف معهم. حرضوا عليه عملاء السلطة من الأكراد والعرب. سرقوا ماله. مات مقهوراً ، ولو عاش حتى اليوم. لكان معَ الشباب في قلبِ الشارع. يفرّغ ما تعرض له من ظلم.
لن أكتبَ إلا ما يعبّرُ عما أشعرُ بهِ في تلك اللحظة التي ترتجف أصابعي معلنة الاستعداد لكتابة موضوع ما في لحظة ما.. ولن أركب الموجة التي ركبها اليوم أناس كانوا إلى قبل دقيقة. يرفضون كتابتي ، خوفاً أن تتأثّرَ صفحاتهم بأفكاري. لأنّها لا تخدم مواقعهم.ولا تمجدهم ، واليوم يلّحون علي أن أمتطي صهوة جيادهم.
الحياةُ مستمرةٌ. هذه الدماء التي تنزفُ هي من أجل لحياة. هم يعيشون الحياة حتى لحظاتهم الأخيرة. علينا أن نعيش حياتنا. ليس نهاية الكون أن نكتب أشياء لا تخصّ الثورة أحياناً . الثورة أعادت الحديث عن أشياء كثيرة : القيم ، الحق. الكرامة. البطولة. الحب. الموت. الظلم. النجاح. السعادة. هي بدء جديد للحياة. نحن نسجل هذا البدء بتنوعه. يوماً نتحدّث عن الأبطال ، وأخرى عن الحبّ ، ودائماً تلهمنا القصص التي تأتي منهم إلى المؤخرة التي يقفُ فيها قلة من الكتّاب ، لأنّ الأكثرية على السطح تكتب الأدب الممانع ، أو الفاجر دون أدب حقيقي. فليس عند نجوم بلادنا سوى الزيف. لكنّ المرحلة المقبلة على الأبواب. لن يكونَ فيها نجماً فرداً. فكما كانت الثورةُ جماعيةُ سيصبح الفنّ والأدب والعلم متنوّعٌ لا تسيطرُ عليه مؤسسات دولة قمعية. ترفع الأفراد ليكونوا كلّهم مثل الحكام إلى الأبد.
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |