تحية إلى الشهداء
نحتفظُ بحبّنا لكم في قلوبنا إلى الأبد . تعيشون داخلنا ، لا أحد يرحلُ إلا إذا أردنا أن لا نتذكرهُ . . لن ننساكم . الموتُ كلمةٌ تصفُ حالةَ غيابٍ قد نعيشُها حبّاً إلى الأبد . نسمحُ لكم أن تقيمون في قلوبنا .
كم أمّ سعدتْ بقدوم طفلٍ إلى الحياةِ !
زحفَ ثمّ مشى ، وعبرَ الطريق إلى مدرسته الأولى
عندما أصبح في عمرِ الزهور
غادرَ . آثارُ العذابِ على ظهره ويديه .
لا تبكي أمّ الشهيد .كلّنا نعيشُ حالةَ الهروب الكبير. . .
نزوع الأرواح . فراق الزمن . صمت الحياة يقتلنا .
قالتْ أمٌّ ثكلى :
يلّفني ظلامُ الليل . لن يأتي الفجرُ بعد اليوم
ذهبَ حبيبي ، ولن يعودَ . يتفتّتُ الآن مع التراب ويصبحُ غباراً .
حضوره دائم في ذهني . لا يفارقني . أشعرُ بالشوقِ إليه . بالجنون
أتذكّرُ جيداً . آخر مرةٍ رأيتُ ابتسامته .
آخر مرة سمعتُ ضحكته .
الليالي تسخرُ مني عندما أناديه ، ولا ُتسمعني صوته .
تمتلئُ وسادتي بالدموع . لا أرغبُ أن أصدّق أنه لن يعودَ ثانية .
تعالي معي أمّ الشهيد . كانَ حبيبي شاهداً .
قتلَ أيضاً .
حبيبي هو ابنكِ . رأيته على أرصفةٍ تصرخُ .
وقعتُ في حبّهِ لحظةَ داسوا على رقبته . ليهزموا الحياة .
دعينا نرحلُ إليه في السماء.
قابِلْني حبيبي بين النجوم . إنّني في الانتظار .
رغبتي في التعاطفِ ترتفعُ . أجدُ نفسي قربك . أنتَ يا من وقفتَ بين الصفوف .
أسميتك ملهماً . ثائراً حبيباً ، أو وطناً . عليك يقعُ عبء الاختيار .
. تسبحُ روحي في منتصفِ كلّ ليلةٍ بين النجومِ . بعيداً عن القراءةِ ، والحبِّ ، ومتاعب الحياة . أراكَ في السماء .
قابلني هناك . أحلمُ بالحقيقةِ عندما أتواصلُ معك. تكونُ أنت وطني. أكونُ لك الغطاء .
والنجوم قناديل حبّ وانتصار .
أغلقُ عيني كي أنام ، ومعَ ذلك الحزن العميق . تنفلتُ مني الدمعات .
أحلمُ بالتواصل معك .
كي تقولَ لي : الفرجُ قريبٌ .
أردُّ : ليلتكَ سعيدةٌ . هانئةٌ .
فرّقتنا المسافات . نسيتُ أنكَ لست هنا .
لن نتعانق بعدَ اليوم .
أراكَ واضحاً . أمسحُ دمعي . تظهرُ ظلالك بين الأبعاد .
فجأة تعزفُ موسيقى أغنيةٍ قديمةٍ . نبدأ بالرقص .
لم أرَك لبعض الوقت . خذني إلى مكانٍ بعيدٍ .بعيد
لا أرى إلا شجرةٌ سوداء تشبهني. تقفُ عارية .
ظلالها تلوحُ في الظلام ، ونجومٌ تتحركُ كالأحياء .
أفتّش بينها . عن وطنٍ . عن حبٍّ . عن ذاتي . وعن كلّ الترهات .
الشمسُ تطلعُ ، ثمّ تؤولُ إلى غياب
النهرُ يغادرُ منبعه ، ويصبّ في المحيطات .
والظلمُ له ميعادٌ . سينتهي الظلمُ مادام يوجدُ على الأرض إنسان .
حبيبي . هل سيعودُ الفرح ؟ أم نرحلُ دون أن نلاقيه ؟
يقولُ لكم : صنعتُ الفرحَ بيديّ .
تركتُه لكم ذكرى . احتفظوا بالذكرى . هي أمانةٌ عندكم. نحنُ على الموعدِ غداً في عرسٍ كبيرٍ . هو ليلةٌ للفرحِ . كونوا على استعداد . . . .