رحلةٌ إلى محيطٍ
خاص ألف
2011-12-26
سألتُ نهراً متدفقاً , عن سرّ مسيره. عن وقعِِ رحيله . .
ركضتُ خلفَه أنادي : خذني معكَ . خبئني .
إنّي هاربةٌ . خائفةٌ . أرغبُ بالذوبانِ في المستحيل .
انتظرني . أرسلتُ معكَ مراكبي الورقيةَ منذُ دهرٍ
وضعتُ عليها أعلامي . انتظرتُها . لم تعدْ .
لم أبرحِ المكانَ منذُ عقودٍ . أنتظرُ مراكبي أن تعودَ
هيّا . تعالي. إنّي على عجلةٍ من أمري. لديّ الكثيرُ من المواعيد
رميتُ بنفسي إليه . كانَ مشغولاً . لم يداعبْني إلا قليلاً
سقطنا معاً في عمقِِ المحيط .
. . .
أسماكُ القرشِ تطاردُني . لم تأكلْني .
سلّمتني إلى حوتٍ أبيضَ
لحسَ جلدي . بصقَ . لم يعجبْه طعمي
- لماذا لم تأكلني ؟
- لا آكلُ من تيبّستْ أطرافُه .
لديّ من الرحمةِ ما يكفي لأعفوَ عنك
الحوتُ الأبيضُ يمسحُ على شعري . يمازحُني !
عيناهُ تلمعان . يرغبُ في قولِ بعض الأشياء
عرفتُ أنه يغازلني . معَ أنّ طعمي لم يعجبه
ابتسمتُ وأنا أرتجفُ من الخوف .
إلى أن سمعته يقول : حبيبتي !
سقطتُ مغشياً عليّ من الحبِّ
. . .
على أرضٍ صخريةٍ هناكَ .
كنتُ أقيمُ مع مخلوقاتٍ تشبهُني .
صدورُها مصنوعةٌ من صخرٍ
عيونها مصنوعةٌ من قنصٍٍ
عقولُها لا تعملُ إلا إذا غاصتْ في الطين
الطينُ مفقودٌ هناك . لا يوجدُ سوى الصّخر
الأمطارُ تسقطُ فوقَ محيطٍ . لا تسقطُ على أرضي
هل تعرفني من قبلُ أيها الحوتُ النبيل ؟
نعم . نعم . رأيتُكِ من قبلُ .
قبلَ ألفِ عامٍ كنتِ حبيبتي . ألا تذكرين ؟
أذكرُ . أذكرُ . عانقني إذن . أتعبني الشوقُ والحنين
. . .
أسألُ : عن شكلِ المستحيلِ . طعمُهُ . لونُه .
يبدو سهلاً هنا . هل كنتُ أحلم بحبّ كائنٍ لطيف ؟
حقّقتُ المستحيلَ . الحبُّ أعادني إلى وعيي
حبيبي يلمعُ . ما أجملَ طلّته . فمَه . خاصرته
عندما أتجوّلُ فيه أتعبُ . أغفو .ويرحلُ بي إلى أعلى وأسفل
أنامُ كالقتيلِ في أرجوحته
أخرجُ عندما يعطسُ من أنفه
أشعرُ بالمستحيلِ يعانقُ فرحي .
أجملُ الأشياء عناقُ المستحيل.
في حضرةِ حوتٍ أبيض
. . .
في القاعِ وجدتُ كلّ أحبتي الذين نسيتُهم .
بعضُهم أسماكٌ، أكثرُهم ديدان. عرفتُهم من لكنتهم
عشنا قبل ألفِ عامٍ معاً . نعم قبل ألفِ عام
آخرُ حياةٍ لي : كان عمرُها أكثرَ من ستين عاماً
مرّت بسرعةٍ . قبلَ أن أتعلّم الكلام
مازلتُ وليدةً تبكي . تريدُ العودةَ إلى رحم أمّها
عدنا جميعاً إلى القاع . نصيبُنا قيعان
كنّا في أسفلِ أرضٍ صخريةٍ
عدنا مع النهرِ إلى قاعِ المحيط .
حيثُ حبيبي هو ملكٌ في العالمِ السفليّ
يا فرحي. لم أكنْ أعرفُ أنّهُ سيحبّني !
. . .
عندما كتبتُ هذه الكلماتُ . لم أكنْ أفهمُها جيداً
كتبتها بلغةِ القيعان .تعلّمتُها في مدارس السلطان .
محكومٌ على كلماتي بالموتِ .
على روحي بالفناء ، على جسدي بالنّزفِ
لمْ أنجُ . الحوتُ يتأمّلُني بنظرةٍ لم أعهدْها
أخافُ نظراتكَ حبيبي . قبلَ ساعةٍ لم تكنْ مثل الآن .
آسف حبيبتي .سآكل بعضاً منك . إنّي جوعان !
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |