الزاحفون
2012-01-31
مازلنا كما نحنُ. لم يتغيّرْ شيء فينا.مازالوا هم. لم ، ولن يتغيّروا
جلستُ إلى موائدهم غريبة يقتلُني الشعورُ بالوحدة.
جلسوا إلى مائدتي مثلَ أهلِ الدّار. كنتُ غريبةً عنهم أيضاً عندما تصرّفوا كأصحابِ البيتِ.
خجلتُ من نفسي لأنّني منكمشةٌ لا أجيدُ التواصلَ مثلهم. قرّرتُ أن أصلحَ خطأي تجاه نفسي ، ذهبتُ إليهم كي أتمتّع بمرونةٍ كتلكَ التي يتمتّعون بها. أغلقوا بوجهي الباب دون أن ينظروا أنّ أصابعَ يدي مازالت داخلَ فتحته. قُطعتْ يدي على أبوابهم ، وهزمتْ نفسي في رحابهم. تركتهم خلفي يعملون بحرفةِ النضال. انصرفتُ إلى وحدتي. بكيتُهم كما بكيتُ كلّ الأشرار. أبكي كلّ الناس. أشعرُ بالذنب عنهم عندما يرتكبون الحماقاتِ وكأنّني أنا من فعلها. أو كنتُ متسبّبة بها.
الفرقُ بيننا كبيرٌ.كبيرٌ إلى حدّ الانفجار.
هم أذكياءٌ يجيدون القراءة ، وأنا مغفّلةٌ أقعُ في شرّ أعمالي ، وأكثرُ أعمالي شروراً. أنّ داخلي يرفضهم. كلّ ذرةٍ في جسدي تتلفّظُ بلغتها حولهم وأكبتُ مشاعرَ جسدي عن ذاتي ، كي أبقى بذاتٍ صافيةٍ لا تسيءُ لهم.
كثيرةٌ هي الأمور التي لا أجيدها.
لا أجيدُ العتاب ، ولا الوقوف خلف الأبواب.
أبحثُ عن نفسي في نفسي.
أرغبُ أن أعيشّ الحرية كما أراها.
حريّتي جعلتني مغلوبة على أمري. في الأمسِ القريبِ. قبل ثلاثين عاماً. شعرتُ بالوحدة. تركتُهم بينما يتحدثون عن مواهبهم.. تتضخم ذاتهم. تصبحُ كالبالونِ ترتفع.
أبقى مكاني ، وينساني زماني.
أعاتبُ نفسي على الدوام على تجاهلي الداخلي لعظمتهم.
ماذا في الأمر لو أنّي سمعتُ ما قالوه عنيّ ؟
يومها كنتُ أفكّر في أمرٍ واحدٍ : أن أتركهم إلى الأبد. أصبحتُ وحيدةً بعدهم. تبكيني وحدتي أحياناً.
أفكّرُ أن أنضمّ إليهم من جديد. عادوا. عادوا. تراجعوا عن الخطأ تجاه أنفسهم. تحوّلوا من بابٍ إلى بابٍ. أسمعُ الناس تصفّق لهم. أذبلُ وأنزوي على نفسي مرةً أخرى. أشعرُ أنّ التاريخَ يعيدُ نفسه ، وأنّي مكتفيةٌ بذاتي. . أراهم في كواليس النّضالِ يتكتّلون من جديدٍ. يصفون بعضهم بالعظماء ، والأذكياء. ويربتون على أكتافِ بعضهم كنصحاء. ينتفخُ داخلهم من جديد. يصعدون ثانية إلى الفضاء.
ومن مكاني أراقبهم. أعود إلى خلوتي. وسجادة صوفيتي. لا يعني لي طيرانهم شيئاً. ذاتي تطالبني أن أكون أنا. لغةُ جسدي تعيدني إلى روحي المفقودة ، وأعطفُ عليهم من غرورِهم ، والزحفِ إلى مصالحهم.
الزاحفون. على اثنتين ، وعلى أربع يتّجهون الوجهة الصحيحة. يبتسمون في سرّهم لأنّهم يجيدون اللعب. البارحةُ كانوا عبيداً عند سجانهم ، وملوكاً علينا. سيعيدون الكرّة. هذه لعبتهم. يجيدونها على الدوام. لعبوها على مدار حياتهم. قاموسُ كلماتهم يعلو علينا ، وجيوبهم محميّةٌ فينا. لا تصيبهم الضائقات. ماداموا يعملون لأجلِ قضيّة. علينا أن نموّل حاجاتهم بدمِ الشهداء ، وخبز الأبناء. نحنُ ندفع ، وهم يدافعون. عندما نكتشف الحقيقة. يكونوا قد أصبحوا في مكانٍ ما خارج البلاد. ويرحلُ أبناؤنا إلى الغربة. يعملون عندهم أجراء. وهكذا هم دائماً يزحفون...
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |