من أرشيفِ عائلتي
خاص ألف
2012-04-02
في مدينتي " السلمية " يكثرُ الآلهة والأنبياء . تستطيع أن تصنّفَ أغلبَ النّاس في مرتبةٍ أعلى من مرتبةِ الإنسان . وما تبقى هم من الأولياء الصالحين .
في عائلتي : يوجدُ ثلاثةُ أنبياء . ارتقى أحدهم إلى مرتبةِ الآلهة
كنّا نتلقى أوامرنا من ثلاثِ جهاتٍ تعملُ بطرقٍ مختلفة لهدفٍ واحد .نادراً ما ننفّذُ توجيهاً من توجيهاتهم .
التعامل مع الآلهة والأنبياء ليس سهلاً . . لكم أن تقدّروا صعوبته .
ذهبتْ أمي وأبي إلى القريةِ في رحلةٍ صوفية ، وعمليّة هدفها إحياء الأرض ، وعاشوا في الحقل .
كانت أمي أنثى جميلةٌ . تحبّ الذهبَ والدلال ، والثياب الجميلة . هي سيدةً من الطراز الأوّل . هذا ما قاله لي والدي بعد أن توفيت . كنتُ أعرفُ أنّها أمي فقط، وأتساءلُ إن كان يوجد في الدنيا أمهاتٌ غيرها . .
جلبتْ أمي جرواً صغيراً من قريتها أسمته : بيوض . كان أبيضَ الصوفِ . خصّصت له وعاء يستحمّ به بالشامبو . تعاملتْ معه برقّةٍ وحزم . إلى أن كبر . من رآه . أجزم : أنّه يصلحُ سفيراً في الأمم المتحدة .
جلبتْ قطّاً أيضاً . بذلت جهدها معه كي يكونَ لطيفاً . بقي تأثيرها به محدوداً . كان القطُّ يشبهُنا . حازمٌ وجدي ، رافضٌ للأوامر . مخادعٌ . فقط قتل أفعى كانت ستقضي على حياة أحدنا . بقينا نمتنّ له طول العمر ولم يبتسم مرة في وجهنا .
كلّ الأمور التي كانت تقومُ بها أمي ، يعتبرها والدي ملهمةً دون أن يبوح بذلك بشكلٍ مباشر ، ومن الأشياء التي ألهمته هو تربيتها ل "بيوض " . قبل أن يخرج في الصباح . يتحدّث إلى بيوض :
عليّ نذرٌ . إن نجح ابني أن أجلب لك "شعيبية " ، ويجلبها له حتى إن لم تظهر النتائج . يأكلها بيوض بينما والدي يبتسم وهو مملوء بالرضا عن النفس .
لم نشعرْ أنّ من حقّنا أن نتقاسم مع بيوض الحلوى التي نحبُّ . هي له !
بيوض يضحكُ ويقهقه . يسلّم ، ويفهم مشاعر العائلة تجاه الضّيوف . إن كان الضّيف غير مرحّبٍ به لا يستطيع الدخول أبداً . كنّا جميعاً نستغربُ كيف استطاعتْ أمّي تحويله إلى أكثر من كلب ، وربما أرفع قيماً من الكثير من البشر . البشرُ لا يرحمون أحياناً .
العذرُ دائماً في القنص . أراد أحدهم أن يقتلَ بيوض . قنصه ، وكاد يودي بحياته من أجل بعض العنب . لم يمتْ . أصابته الطلقة في رجله . أخرجتها أمي وضمدت له جرحه . أصبح أعرجاً .
غادر أبي وأمي القرية ، بقي بيّوض وحيداً يذهبُ إليه أبي عدة مرات في الأسبوع ليأخذ له الطعام .. كان يرفض أن يأكلَ . يلوح برأسه يميناً ويساراً مهما دعاه أبي إلى وجبته يرفضُ الطعام . فقط يبحثُ عن أمي .
ليس الكلاب فقط تموتُ حزناً . البشرُ والأشجار تموتُ من الحزن .
مات زوجي حزناً على فراقِ المكان ،وربما يكون قد قنص . لم نكن حين مات ، وكان حصاراً قد فرض عليه ، وكسر مكتبه وسرق . قد يكون قد . . !
ماتت أشجار حديقتي حزناً على فراقي .
إخوتي الأنبياء الذين تحوّل أحدهم إلى إله . لم أكن أنفّذُ ولا كلمة مما يقولون . واليوم أعيدُ النظر في مواقفي . أجد أنّهم كانوا يستحقون . لسببٍ وحيدٍ أنهم لم يخضعوا للزيف .هم فعلاً أنبياء .
الأوّل : قانوني الذي كان في الإدارة المركزية للرقابة والتفتيش ، اعتقدَ أن من واجبه أن يحافظَ على النزاهة في العمل ، والعدل في الحياة . كان مصيره خمسة آلاف ليرة تقاعد بعد إنهاء خدمته في وقتٍ مبكّرٍ ،هذا حوّله إلى مرحلة متقدمة على النبوّة .
الثاني: كان مدير إداري في حقول الرميلان ، وعندما صار استفتاء للرئيس في الثمانينات . أرسلوا له صديقه ليحذره إن لم يذهب إلى الاستفتاء سيخسر عمله ، ولم يذهب . أقيل من عمله . بقي كما كان نبيّاً . .
أمّا الثالث : هي أختي الكبرى التي أشرفت على تربيتنا وجزء كبير من حياتنا . واستطاعت أن تبدأ حياتها دون مساعدتنا . لم نعترفْ لها بالجميل ، وربما بعضنا يعتبرُ زيارتها عبءٌ عليه خوفاً من العتاب . وبعد مضي هذه العقود من السنوات . آمنتُ بنبوّتها . أنظرُ لهم ثلاثتهم كأنبياء .
أتهيبُ في حضورهم ، ولا أتجرّأ على مخالفتهم بالكثير من الأشياء .
كنوعٍ من الاحترام ، وربما من الخوف في بعضِ الأحيان !
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |