Alef Logo
يوميات
              

في سورية التي أحبُّ

ناديا خلوف

خاص ألف

2012-04-09

تحيّة إلى الثوّار . . .
كلّما حاولتُ أن أسرقَ بعض كلماتكم لأكتبَ يومياتي . أشعر بالتطفّل . كلماتُ الثورةِ هي للثوّار . دفعوا ضريبتها . أحترمُها كلّها سواء كان اسمها حرية أو أزادي ، أو غير ذلك من الكلماتِ العربية أو الغربيةِ . الحريّة عندكم تنزفُ من أجسادكم . المحبّة والإجلالِ لطهارةِ نفوسكم الحيّة .
ومعذرةً منكم ، لأنّني لم أتمكن من ركوب الموجةِ ، بينما أنعم بالغذاء والمأوى . شعوري يبقى ناقصاً . إن لم أعش حالتكم .ليتني معكم !
أرغبُ أن أحدّثكم عن سورية التي أحبّ أن أعيشَ فيها ، أو يعيش فيها أحفادي .
تساءلتُ دائماً عن معنى الوطن . بحثتُ في القاموس . لم أجد له تعريفاً . سأستبدلُ كلمةُ الوطن الفضفاضة ، بكلمة المجتمع . المجتمعُ الذي نرغبُ بالانتماء إليه ، والذي نعثر فيه على هوّيتنا ، ونشعرُ معه بالأمان وإمكانية تطوير أنفسنا .
لن نتحدّث عن المجتمع المدني ، وعن السياسة . بل في لغتنا البسيطة المفهومة لكلّ شخص ، والتي تتلخّص في: أن ننتمي إلى مجتمعٍ ما . لا بدّ أن يكون مكاناً نرتاحُ فيه ، ويمكنُه تضميد جراحنا العاطفيّة ، يملأ حياتنا بعملٍ منتجٍ ، ولا يقتلنا فيه الفراغُ ويدفعنا إلى الجلوس على الفيس بوك مثلاً إلى حدّ الملل ، ولن يكون الجنس من خلال خطوط ساخنة بسبب الإحباط . هذا إن توفّرَ ذلك .
نحنُ لا نعيشُ في جزيرةٍ معزولةٍ . إنّنا جزء من العالم ومن الجنس البشري ، ولا يمكنُ أن نكون نحنُ . إلا إذا أصبح الآخرون هم . نسعى إلى تطوير أنفسنا من خلالِ مجتمعٍ يرعانا . ويغذي مواهبنا . ويدفعُ بنا إلى الأمام .
في الماضي كان هناك نوع من التعاطف الاجتماعي بين أفراد المجتمع السوري . ولم يكونوا يقلّلون من شأن الآخرين ، فلكلّ شخص دوره .. حتّى أنّ التوجه القومي لم يكن موجوداً إلا بعد أن غذى حزب البعث فكرة القومية ، وعملَ على مبدأ الوحدة العربية كي يخرج من متاعب الدائرة المحلية ، وكثرت الأحزاب القومية في الوطن العربي للقفز على الأمور الداخلية . الخطاب القومي فضفاض وعاطفي ومعدّ للاستهلاك ، وليس للتطبيق . كل الخطابات القومية في العالم بدءاً من هتلر وانتهاء بعبد الناصر زعيم الخطاب القومي .تمجّدُ الأفراد ، وتخنقُ الأقليّة . بموجب الخطاب القومي أصبحت جميع مكوّنات سوريّة البشريّة عربية ، ولم يكن أحد يعترض على ذلك في البدء . فقط يريدون أن يكونوا مواطنين يستطيعون التّحدث بحاجاتهم ، والوصول إلى حقوقهم .
لم يكن مسموحاً للكردي في سورية أن يتحدث لغته العاميّة ، والتي قد لا يجيدُ غيرها ، أما الفصحى فتعلّمها جريمةٌ لا تغتفر .
خضعتُ لتحقيقٍ من لجنة تربوية أمنية في عامودة في عام 1966 لأنّني كنت أستعينُ بتلميذٍ عربي يفهم اللغة الكردية . كي يترجمها لي لأتعرف على طلبات أطفال الصف الأوّل الذين لم يتحدّثوا العربية في بيوتهم أبداً . ووجه لي إنذار بأن لا أكرّر الموضوع لأنّه ممنوع قانوناً . أتحدّث في أمور اجتماعية وليست سياسية ، والأكراد كسوريين لو تمّ الإحصاء الحقيقي لهم لكانوا ثلث السكان . هم موجودون في سلمية وحماه وحمص ، وحلب ودمشق ، وليس في المناطق الكردية فقط . بل كعرب من أصول كردية لا يجيدون الكردية .ولا يرغبون بنقل إقامتهم إلى مكان آخر غير المدن التي يعيشون فيها .
هل هذا هو المجتمع الذي نحبّ ؟ أن نرغم الإنسان أن يكون نحن ، وليس هو !
في المجتمع الذي أحبّ أن أنتمي له، أو سورية المستقبل: أرغبُ أن يسود الحبّ . نتخلّص من ثقافة الاستعلاء والكراهية التي كنّا نتلقاها في المدارس وأصبحت جزءاً من السلوك . اخترقوا العائلات وعملوا لها رؤساء وجمعيات . اليوم هناك عائلاتٌ نصفها شبيحة ونصفها مع الثورة . فمن يقتل من بينهم ؟
في سورية التي أحبُّ : أرغبُ أن نصلي جميعاً . إضافةً إلى صلواتنا الخاصة . صلاة تمجدّ الحبّ كلماتها : "نبذرُ الحبّ حيث تحلّ الكراهية ، ونبعث الإيمان بالحياة عندما يكون هناك شكّ ، والأمل عندما يكون هناك يأس" وأن لا ندفع مقابل جراح الآخرين ضرائب مبنية على الخطاب والصوت المرتفع .
في سورية التي أحبّ أن أنتمي لها : لا أريدُ أن أخاف من الناس بسبب خلفياتهم المتنوعة . هذه الخلفيات تجعلنا أكثر ثراء ، وتنتهي من نفوسنا عقلية الخوف المتمثلة " البقاء للأقوى " والأقوى هو الظالم المستبد .
وفي سورية التي أحبّ أن أنتمي إليها : أرغبُ أن أعيش حياتي كما أشاءُ وأعتنقُ العقيدة التي أميل لها ، وأشعرُ بالأمان لأنني في حماية القانون
في سورية التي أحبّ أن أنتمي لها : أرغبُ أن يكون لي مصدر دخل يحمي كرامتي، وأن أحصل على حقي في تقديم نفسي في المجالاتِ التي أشعرُ أنّه لديّ إبداع فيها .
إن حقّّق لي المجتمع هذه الأمور . سأنتمي إليه سواء كان اسمه وطناً أم مجتمعاً . هي أمورٌ بسيطةٌ تجعلنا نبتكرُ لانتمائنا الاجتماعي اسماً عاطفياً تحتمي به نفوسنا : " ال و ط ن "

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

هذا العالم ضيّق، وليس له أبواب

04-تموز-2020

"الفظائع الآشورية التي تجعل داعش باهتة أمامها"

19-كانون الثاني-2019

هذا العالم ضيّق، وليس له أبواب

10-كانون الأول-2015

السّوريون ظاهرة صوتيّة تقف على منّصة ليس أمامها جمهور

19-تشرين الثاني-2015

الزّلزلة

05-تشرين الأول-2015

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow