في مكانٍ ما
خاص ألف
2012-06-25
في مكانٍ ما. قريب من الجنّة . رأيتهم يتقاطرون بأكفانِهم . تحوّلوا إلى ملائكة . بحثتُ عنهم على الأرض .رأيتُ أجسادهم تنزفٌ في كلّ الأماكن . رحلتُ إلى كتاب التاريخ ، كي أتبيّنَ الأمر .
سجّل التّاريخُ في رأس صفحته الأولى :
في مكانٍ ما. اسمه سورية . يعيش بشرٌ قدِموا من وجدان الشّرِّ منذ أكثرَ من خمسين عاماً . أكلواكلّ الأشياء . سلبوا قدرات البشر . عمّ الفقرُالمكان . مات البشر خوفاً . دفنتِ الجثثُ بصمتٍ طويل . فّكَّ لسانُ الصمت، أنجبتِ البلاد دفعة من الشبّان . أرادوا أن يزيلوا القبحَ عن المكان . فقد ساهم في قتلِ آبائهم وأمهاتهم من قبل . القبحُ مستمرٌّ في قتلِ الجمال ، والحبّ .
سجّل التّاريخُ الحكايةَ اليوم . سجّلها بيد أصحابها . لم يعدِ العربُ قادرين على تزوير التّاريخ ، وكتابته بأيدي الحكّام . انتهى عصر الظلام ، وبينما يسجّل التاريخُ أغنية عن البطولة الفريدة . لم ينس القتل المريع .
لله درّ التاريخ ! يكشفُ غطاءه دائماً عن الأوغاد، ولو بعد حين من الزمان .
أقرأ في صفحة التاريخ الأولى : عنوانها " حكايةٌ بطعمِ العويل والدموع " مررتُ على طفلٍ جائع ، عائلاتٍ فقدت مأواها . أمّ فقدت وليدتها . امرأة اغتصبت ، وحزّت رقبتها بمنشار . فقرٌ وموتٌ، واحتضار. لم أكملْ صفحةَ الدموع. ولّعت في قلبي نّار ، وأنا ثائرة من الزمن الغابر . لم ينسَ صوتي الثوار . إنّني معهم ليل نهار .
قلبتُ الصّفحةَ لأقرأَ الأملَ .
في الصّفحة الثّانية من الكتاب :
صورةُ رجالِ أضاعوا الصواب . لا يعرفون الحق من الباطل ، نساءٌ عارياتٌ يبعن أجسادهنّ للأوغاد . وعلى مسرحٍ مملوء بشموع الرومانسية يتباهى القبحُ في وصفِ العهرِ بأنّه حريّة .وتقتلُ الحرّية على الأرض .وتزفُ بغزارةٍ أجساد العبادِ
يتساءلُ التّاريخ عن أمّةً أنجبتْ هذا العدد من الأشرار !
يجيبُ التّاريخ في أخر سطرٍ من الصفحة : هم صنيعةُ التّجار . تجّارُ الدين ، والسياسة ، والفنّ . هؤلاء التّجار الذين أتوا من قاع الحضارة . ويؤمنون بطريقة السّمسار في التّجارة .
هل صحيح ما يقوله التاريخ عنّا؟
ما زلنا نتباهى بحضارتنا . دون أن نقرأَ ما كتبَ عنّا .
أين الحضارةُ ؟ هذا ما يسأله التاريخ . يسخرُ من كلامنا الذي نتباهى به ليلَ نهار . يقولُ هازئاً :
حضارة سادت ثمّ بادت . يضع نقطة على السطر .
أستنكرُ قولَ التاريخِ عنّا .
-هم قلّة نشأت للتوّ بيننا .
أسمع صوت سخريته فقط !
أقلبُ الصفحة الثالثة .علّه يذكرنا بالخيرِ . أرى الحسين يقتل ، والحجاج يقطع الرؤوس ، والآثارُ تُحطم ، والمكتباتُ تقلبُ في الأنهار . المرأة ترجم بالحجارة حتى الموت . هل هو تاريخنا ؟
رميتُ بكتابِ التّاريخ . مضى عليّ موسمٌ كاملٌ لم آكل الخبز .
هل قراءة التاريخ تجعلني أشبع ؟
استوقفني العلمُ . منحني شهادة في الجهلِ . دفعتُ مقابلها كلّ جوعي وخنوعي . أردتُ أن أعمل بها كي آكل رغيفاً ساخناً . قدّمتها إلى الدّكان . حصلتُ على وظيفةٍ محترمةٍ . في فندقٍ راقٍ . فيه خليطٌ من المترفين . بعضهم حكّام وبعضهم مراقبون دوليون . لم يطلبوا مني الكثير . أن أبيع جسدي وأنا مازلتُ في العشرين ، عندما تردّدت . أرغموني على كلّ شيء ، وجلبوا لي مدرّبةً من عليّة القوم . تبيعُ بسهولة كل ما يريدون .
همستْ في أذني : كوني عاقلةً !
قيمُكِ عتيقةٌ . التسويق فنّ يحكم العالم اليوم . تعلّمي فنّ البيع .
قطعوا عنقي قبل أن تكملَ نصيحتها !
سمعتهم جميعاً يقهقهون قبل أن أموت . . .
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |