عن أيّ وطنٍ تتكلّمون ؟
خاص ألف
2012-07-16
قد لاتكونُ لدينا الجرأةُ الكافيةُ للتّفكيرِ في معنى الوطنِِ كثيراً ، فهل يمكنُ لذلك المكان الذي غنّينا له في طفولتنا ، وناضلنا من أجله في شبابنا، أن لا يكون وطناً لنا؟ وبالتالي نسأل :
عن أيّ وطنٍ تتكلمون ؟
الكثيرُ لايزالُ يتغزلُ بكلمة وطن ، ولولا أن غنّى شباب الثورة جنة .جنة . سوريا يا وطنا ، لكنتُ حذفت الكلمة من قاموسي ، لكن تضامناً معهم وتشجيعاُ لهم بأن يجدوا هذا الفردوس المفقود .
وإن وجدوه. سيكون حينها اسمُه وطناُ !
أشعرُ بالتّعاطفِ مع الشباب . ولو طُلبَ مني الانضمامُ إليهم في دوما، أو بابا عمرو، أو دير الزور، أو أيّ مكانٍ آخر لفعلتُ .ولا أستغربُ أن يستشهدَ ويسجنَ أناسٌ عادوا من الغرب. في سبيل قضية عادلة. إنّني جادة في موضوع العودة إلى الأماكن الملتهبة ، وموضوعُ التمسك بالحياة نسبيّ . لكن ليس من أجل استعادة كلمة وطن ، وإنما من أجلِ انتصارِ العدالة ، والحق في مكان لا يمكنُ تغييره بالنسبة للأكثرية . لأنّ أبوابَ العالم كلّها مغلقةٌ بوجه السّوريين الفقراء ، ومفتوحةًُ بوجهِ من يملكون المالَ ، وأغلبهم من رجالِ السلطة .أو من الطبقة الفهلوية التي تقتاتُ على الكلمات .
إنّّها ثورةُ الكرامة . نعم . هي كذلكَ ، لكنّها انتفاضة المهمشين من أجل البقاء أيضاً . الموت من أجل البقاء . عندما تهدّدُ الإنسانَ بحياته . يدافعُ عنّها ولو تسبّبَ ذلك بموته ، أغلبُ الذين استشهدوا كانوا مهمّشين ، أو ربما ليس لهم موطئ قدم في وطن البعث هذا .
لم أتعودْ على المواربة . لذا سأتحدّثُ بصراحة عن الطّواطم الجديدة . التي بدأنا نسبّحُ بحمدِها ليلَ نهار . أتحدّثُ عن المنشقين من غير الفئات العسكرية ، فتلك لها خصوصيتها التي لا أعرفُها . أتحدّثُ عن الإعلاميين والفنّانين والكتاب - أستثني منهم من شارك في الحراكِ على الأرض - وجميع الذين أصبحنا نقدّمهم على الثّوار . والذين كانوا أوّلَ المستفيدين من النّظام ، وقد انشقوا بعد أن أمنوا أعمالاً ، في أماكن أخرى ونقلوا عائلاتهم وأموالهم ، ويادار مادخلك شرّ !
أعتقدُ أنّ هؤلاء كانوا هم الوطن في الماضي . كانوا نجوماً . بعضُ النّجوم تحترقُ ، ورغم أن أحدهم لم يتبوأ مكانته بالموهبة . لكنّهم أصبحوا أبطالاً نتحدث عنهم ليل نهار على الفيس بوك . وفي مقالاتنا . وعلى الفضائيات . نشيد بهم . ولا زال بين كلماتنا: رائع ، وعظيم . نصفُ بعضهم به ، ولا زلنا نصف دمشق بمدينة الياسمين مع أنّ الواقع ليس كذلك .
في لعبةِ السلطة الكثيرُ من الأحجيات ، . هل يمكنُ أن تكون الصدفة وحدها تجعلُ هذا المعارضَ ، أو ذاك يخرج من بوابات المطار بشكل طبيعي، بينما آخر يعتقلُ ، ولم نسمع عن اسمه إلا حين اعتقاله ؟
نعم البعضُ يصلحُ لكلّ زمانٍ ومكانٍ . هؤلاء الذين يصفون أنفسهم بالذكاء ، وضعهم آمن، ودخلهم كافٍ للعيش . هؤلاء يزايدون علينا ليل نهار . نخجل من عدم وطنيتنا أمامهم ، ونكفرُ بالوطن لأنّه يمثّلهم .
أحد أصدقائي الحقيقين الذي يعملُ في الخالدية . قال لي : نحنُ معزولون . لم نعد نثقُ بأحد . الكثير ممن تعاونوا معنا دلوا على أماكننا ، وكانوا جواسيس للنظام . هل عليّ أن أصدّقه ؟
نعم أصدقه ، وبخاصة إن كان يقولُ لي أنّني الوحيدة التي أتحدّثُ معه ، وأنّه يشعر بالاكتئاب، لكنه لن يغادرَ ، ولا يخشى الموت .
لسنا مراهقين سياسيين حتى نعتقدَ أنّ الأمور ستصبح رائعة بين يوم وليلة . لا . لن تكونَ كذلك ، ولا بدّ من إشراك من لم تتلطخ أيديهم بالدّم ، كما لابدّ من فترة انتقالية .
السؤال هو : هل سيصبح الوطن للجميع بعدها ؟
لا أعتقدُ ذلك . ستبدأ الثورة السلمية بعد سقوط النّظام لحالي ، والثّورةُ السلمية تحتاجُ للجّميع . سأكونُ من بين المشاركين في النّضال من أجل قانون زواج مدني ، وحق حضانة الأطفال للمرأة ، وحرية العقيدة . لا أظنّ أنني سأحظى بوطنٍ على كلّ حال .سأناضل من أجله . وأتركُ الباقي للزّمن . الموضوع يحتاج لأجيال . .
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |