توبةُ الجبناء
خاص ألف
2012-08-01
يخطرُ لي موضوعٌ رأيته منذ زمن على التلفاز . كان يُعرضُ على الهواء . في أمريكا . تحدّث عن ضحايا الاعتداء الجنسي من النّساء . جمعوا المتحرّش مع الفتاة في الاستديو . كان المعتدي زوج أمّها .اعتذرَ منها ، و أعلنَ ندمه . كان قد أمضى عقوبته في السّجن . عانقَ الفتاةَ أمامَ الجمهور ، لأنّّها صفحت عنه ، والجمهورُ يقولُ لها بصوتٍ واحد : لا تفعلي . إنّه كاذب
. بعد عدة أشهر أعادوا سردّ القضيّة في نفسِ البرنامج . تبيّن أنّ المعتدي الجنسي لم يتبْ .رأيناه، والأغلالُ في يديه . يخبّئ وجهَه من الكاميرا . إنّها توبةُ الجبان .
لن أخوض في سلاح الاعتداء الجنسي الذي يقوم به أعوان النظام على الأطفال والنّساء والرجال . فهذا يحتاج إلى جرأة في الشهادات ، وتوثيق.الكثيرُ من النساء والرجال انتحروا بعد الاعتداء عليهم . نتحدّث عن التّوبة كفكرة ، وعن توبة الجبان كمبدأ للمعتدين .
في تاريخِ سورية أبطالٌ حقيقيون . بعضُهم قُتلَ في معاركَ وهميةٍ ضدّ إسرائيل . لكنّه كان بطلاً. دافع عن شرفه العسكري ، والبعضُ الآخر قتلَ إما في السّجن أو علانيةً أمام النّاس . هم تاريخٌ لنا جميعاً . على اختلاف توجهاتهم السّياسية .
الأبطالُ اليوم . هم هؤلاء الذين يخوضون المعارك ، أو يقومون بالمظاهرات بينما الرّصاص ينهمرُ عليهم . رفضَ السوريون إطلاق النّار منذ أوّل قطرة دم . انشقّوا وكانت الثورة ما زالت سلمية . اليوم بدأ الجميع بالانشقاق . كشفتْ لنا هذه الانشقاقات . أنّ الحكم في سوريّة ليسَ له دين سوى دين المصلحة ودين الرياء ، فمن تلك العائلة ينشقُّ أربعة من بيت واحد . أي أربعة منتفعين من هذا النّظام .ومن أخرى ينشقّ الأب والابن صديقا المستبدّ ، أما الذين انشقوا من بقية فئات الطبقة الأولى. من فنانين وكتاب فأغلبهم يتحفنا بأفكاره الثورية من باريس ، أو كاليفورنيا . وقد تركوا دمشق بعد الثورة .يرسمون لنا كيف علينا أن نكون . صحيحٌ أنّ الكثير من المعارضين كانوا خارج سورية منذ البدء . لا أتحدّث عن هؤلاء فهم بالأساس لم يكونوا مع النّظام . وكانوا أوّلَ من تلقى الظّلم ، وهذا لا يعني أنّ كلّ من بقيَ هو بالضّرورة مع الثورة . لكن كلّ من بقي معرّضٌ للموت .
هؤلاءِ الذين قفزوا من القاربِ خوفاً من الغرق .والذين شاركوا النظام في مسيرته الظلامية . ليس عندهم صحوة ضمير . يشبهون ذلك المعتدي الجنسي الذي شاهدته في برنامج على الهواء . إنّها توبة الجبناء .
لا بدّ لي أن أشيرَ هنا إلى تجربة عائلية -وأنا مع نشر التّجارب مثل الغربيين، وليس مع عدم نشر الغسيل إلا إذا كان نظيفاً - تتعلق بسفير سورية في الإمارات سابقاً . هو أخو زوجي ، ومن بابِ الحرصِ على العلاقات العائلية. أرسلت له رسالة على الجوال عندما أصبح سفيراً . باركتُ له فيها منصبه . أجابني :
سنتواصل ، ولم يتواصل .
تواصلتُ معهُ عدّة مراتٍ . من أجل حقوق زوجي التّقاعدية ، وأنا أعرف أنّه لا حول له ولا قوة.وبعد إلحاحٍ منّي . قال:
ليس هو الوقت المناسب !وكان الوقتُ مناسباً جداً .
تجاهلتُ الموضوعَ . دعوته على الغداء عدة مرّات . لم يتجاوبْ مع الدّعوة بل كان فاتراً . مع أنه كان يتعشى على موائد بعض أهل عامودة في أماكنَ قريبة من منزلي . حتى أنّه لم يقدّم لي واجبّ العزاء في زوجي وجهاً لوجه . كما أن أصدقائي في الإمارات يقولون أن من رحلتهم الإمارات . كان بطلب منه ، وهو الذي أرسل الشبيحة التقطوا صور المحتجين ، ودققوا بأسمائهم .
أصبح اليوم ضدّ النّظام . انشقّ بعد أن أعفي من منصبه . لو تمكنّ جميع السوريين الثائرين من تأمين عائلاتهم ، ثمّ اللحاق بها . لفرغت سورية من ناسها .
وهاهو مناف طلاس ينشقُّ ويفحمنا من المنابر بقدرته المنقطعة النظير ، في البديكور والمنكور .والشعر المستطير ، وليس عنده مانع من الحجّ . ولبس عباءة الدين إن أعطوه سوريا ملكاً له ولوالده !
لسنا مراهقي سياسة ، فلولا الانشقاقات لم يكنِِ النّظام تفكّك بهذه الطريقة . جميع الانشقاقات هي في في مصلحة سورية . أهلاً بكل المنشقّين إلى ساحة التّوبة . أنا شخصياً لا أثقُ بتوبتهم ، أعتقدُ أنّه يجب أن لا يكون لهم في سورية المقبلة مناصبَ سوى بقدر أحجامهم الحقيقية، وأحجامهم تستحقّ المحاسبة والسجن . . . .
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |