Alef Logo
يوميات
              

قصص فلسطينية متنوّعة

ناديا خلوف

خاص ألف

2012-08-18

يهيّأ لي: أنّنا جميعاً لعبنا بالدّمِ الفلسطيني ، كما يلعبُ العالمُ اليوم بدمائنا . نحنُ الذين أطربتنا الكلماتُ النّاريّة،حول الممانعة والتّحرير ، والقدس ، وكنّا حطباً يشعلون بها مدافئهم ، أولئك الذين تسلّقوا على أجسادِنا ثمّ رمونا للنّار . جميع الأحزاب ذات الإيديولوجيةِ من أقصى اليسار إلى أقصى اليمين ، ومنهم الأخوان الذين رحلوا عن الساحة بسبب إبادتهم .
أتحدّث عن بداياتِ وعيي . حيث كنتُ معادية لكلّ شيءٍ اسمه يهودي على أساسِ أنّه يقتلُ الفلسطيني . وبينما كنتُ أستمعُ إلى أخبارِ روسيا في يوم ما سمعتُ المذيعة تقولُ: " الجيش السوري يدكّ تل الزعتر بالطّائرات " لم يفارق ذهني هذا الموضوع أبداً . ناقشته داخل الحزب الذي انتميت إليه زمناً . قالوا " "ضرورة المرحلة ! " وكان هذا من بين الأسباب التي غادرت الحزب من أجلها إضافة إلى قضيّة الجولان .
من حقّّي أن أتحدّثَ عن يومياتِ أصدقائي الفلسطينيين . الفلسطينيون لديهم استيعابٌ قويٌّ للحدث . زميلي في العمل من حماس . وبعيداً عن السياسة وفي جلسة وديّة . قال : " أخي كان مهاجراً إلى السودان ، وضعتهم الدولة السودانية في مكانٍ في العراء . أعمروه وظهرت فيه المواسم . بقوا يغيّرون لهم أماكنهم إلى أن طردوهم فيما بعد ، وقد كانت غزّة حينذاك تحتَ الاحتلال الإسرائيلي . عاد المنفيون إلى غزة . استقبلهم الضابط الإسرائيلي قائلاً لهم : أهلاً بكم في بلدكم ! بكى أخي من ظلم العرب "
القصةُ الثانية : من يوميات فلسطيني في مدينة حمص . سكنت ابنتي في منزلهم عدة سنوات بينما كانت تدرس في جامعة البعث سيئة الصيت - كان يجب تسميتها جامعة أبناء الألوية والضباط –وبعد زمنٍ أصبحَ بيني وبين العائلة الفلسطينية انفتاح ، وكلّما ذهبت إلى حمص أزورهم ، وربّ العائلة الذي لم يكن ينجب الأطفال لأسباب نفسية قال لي :
" أبي مدرّس للغّة العربيةِ . ليس له انتماء سياسيّ . تخرّج الكثير من أبناء حمص على يديه ، وبعد أحداث حماه في الثمانينيات . أمسكوا به دون أن نعرف تهمته . ثم أتوا به إلى منزلنا كومةً من اللحم . أرعبنا منظره . واستطعنا تهريبه ، بعد أن شفي قليلاً إلى مكانٍ ما . ثم أصبح مدرّساً في السعودية ، لم أر أبي وأمي منذ عشر سنوات ، ونحن ممنوعون من السفر ! "
هناك شابٌ سائقٌ معي في العمل . يوصلني إلى منزلي . تحدّث لي عن عمله بشكل مخالفٍ عند يهود في إسرائيل قال : رُحلتُ إلى الأردن لأنّني مخالف . أتى ربُّ العمل إلى مكان احتجازي، وأعطاني حقوقي كاملة !"
الأحاديثُ كثيرةٌ . لا تتّسع الصفحة لها . وسأسردًُ مابقي منها عن اليهود السوريين ، وقد ربطتنا بسوق اليهود في دمشق ذكرياتُ الشّباب حيث كنّا نقصده جميعاً في أغلب أيّام الجمع .
عندما سكنتُ في مدينة القامشلي كان اليهودُ من ضمن التركيبة السّكانية ، وأعدادهم كثيرة . كانوا أصدقاء أولادنا في المدارس وبينهم مودّة . لهم كنيس قائم ، وحاخام يشرفُ على الذّبح الحلالِ الخاصِّ بهم . تم التضييق عليهم ليس لأسباب سياسية، فرحلوا . الأغنياء رحلوا إلى أمريكا ، والفقراء إلى إسرائيل ، وبقي من يهود القامشلي شخص واحد اسمه أبو ألبير . رفض ترك المكان ، لكنه متنفّذ ويستطيع الذهاب إلى أي دائرة في سوريا بما فيها القصر الجمهوري دون وساطة . شكلت لجنة أملاك اليهود وهي لجنة صورية من حقّها أن تهدّ الأبنية الخاصّة باليهود ، وتقيم بدلاً منها أبنية أخرى ، والمشرف على هذه اللجنة هو الأمن العسكري ، والذين يتعهدون البناء متعهدون صوريون يأخذون نسبة من أرباح الشقق المباعة بعقد صوري على شكلِ عقد إيجار لمدة تسعة وتسعين عاماً ، وتوقيع أبو ألبير كمختار لهم ضروريٌّ !
يهود القامشلي أغلبهم أكراد ، وهناك اليوم في إسرائيل مئة وخمسون ألف كردي يهودي يمارسون حياتهم بطريقتهم ، ومن الصدف المبكية المضحكة . أنني فتحتُ مرة على قناة إبريز . لم أكن أعرف أنّها إسرائيلية ، وبما أن أهل زوجي من ماردين وإحدى بناتهم اسمها ابريزة ، كنتُ قد سألت عن معنى الإبريز . قيل لي : الذهب . لذا اعتقدت أنّ المحطة تهتم بالثقافة العربية وخاصةً أنّهم عرضوا برنامجا عن ماردين، وغنى أهل ماردين بالعربية .ورقصوا دبكات على أنغام الطنبورة ، وغنى أحدهم صبيحة كل سكرتي وهي أغنية ماردنلية تراثية حيث كانت ماردين مشكلة من مسيحيين وأكراد وعرب وفيها أقدم دير في العالم " دير الزعفران " فوجئتُ عندما انضمت للقنوات الأم أنها إسرائيلية !
مع كلّ هذا لست معجبة بإسرائيل فهي عنصرية تقتل الفلسطينيين . لكنّ السؤال هو :
إذا كانت إسرائيل تقتلُ الفلسطينيين ، فمن سيربح المباراة في قتلهم ؟
هل قتلت إسرائيل من الفلسطينيين أكثر مما قتلت سورية ؟
لا أعرض قضية سياسية أطرح حولها حلولاً . بل قضية اجتماعية
إذا كنا لا نعطي للفلسطيني الجنسية كي لا ينسى وطنه !
فلماذا نقتلُه فقط لأنّه احتمى بنا وحامى لنا ؟
نعم الشعب السوري والفلسطيني واحد كلاهما يعاني من القتل والتّهجير !

تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

هذا العالم ضيّق، وليس له أبواب

04-تموز-2020

"الفظائع الآشورية التي تجعل داعش باهتة أمامها"

19-كانون الثاني-2019

هذا العالم ضيّق، وليس له أبواب

10-كانون الأول-2015

السّوريون ظاهرة صوتيّة تقف على منّصة ليس أمامها جمهور

19-تشرين الثاني-2015

الزّلزلة

05-تشرين الأول-2015

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow