صباح الخير يا شام ..
لم أعرف خطواتي وأنا أقفز فوق أرصفتك كفراشة، بعد أشهر من الغياب..
صباح الخير يا شام .....
حمقى و مخدوعون بظلالهم من ظنّوا أو لازالوا يظنّون أنّهم قد يسلبوننا إيّاك، أو أنّك مجرّد ملكيّة تطوّب بأحاديّة اسم أو فكر أو عقيدة..
صباح الخير ياشام .....
يا شجرك و أرصفتك، يا شمسك، يا بيوت كلّ من أعرف فيك،
صباح الخير يا جسورك، يا كليّاتك، يا أناسك الّذين لا يحفلون سوى بالحياة، رغم أنّ الموت يملأ الأرصفة و السّطوح و المقل..
صباح الخير يا جدل المختلفين فيك وعليك ..
ياللللللللله ..
صباح الخير يا شام ....
أريد أن أفرغ اشتياقي لك مشياً ، كأنّما المشي فيك قبلات الاشتياق،وكأنّما هواؤك هو الهواء الوحيد الّذي يليق به صهيل الرّوح الحرّة .. والأبيّة ..ياشام .. ياشام ..
يا مدراسك المكابرة، التّي باتت حضناً للنّازحين من أرض الوطن لأرض الوطن، لصفوفك الّتي صارت تضجّ بعبق الأسر و العائلات والحزن الشّريد،بينما في الباحات و الممرّات، أطفال فقدوا الحارة لكنّهم لم يفقدوا صخب اللّعب، أطفال باتوا حين يخطر اللّعب على بالهم، يجمعون بعضهم، يرفعون صاحبهم على الأكتاف ممدّدا، و يسيرون به بأغاني الشّهيد،وحين يسألون ما اسم هذه اللّعبة، يردّون بضحكات بريئة: "عم نلعب .. تشييييييييييييع"!!!!، ولا يدركون أنّ ثمّة من يشاركهم متعة هذه اللّعبة أيضاً من الكبار، لكن ليس ببراءة، بل بمخزون هائل من الحقد و الخبث.
صباح الخير يا شااااام ..
يا دفاتر الطّلاب الّتي تحضن حبرها الدّافئ كشمس أيّار فيك ، تحضن كلماتها الطريّة النّابضة الجديدة ككلّ صبح جديد..
صباح الخير يا شااااااام ...
صباح الخير لقصص الحبّ الّتي لم تتوقف ولن.
صباح الخير يا شاااام......
لقاسيونك الّذي لا يتقن إلا الشّموخ و الحبّ، و هو مجبر أن يصفعك بيديه الدّامعتين، مكلّلاً بفغران مدينة الزّمان ..
صباح الخير يا شام...
لشوارعك، للأفلام و اللّوحات والموسيقى والخزف في باب توما ..للحجر البارد في جدران الحارات الضيّقة كممرّات اللّهفة، لعبق توابلك في البزوريّة، لكلّ خيط في كلّ عباءة وكلّ مطرّز في سوق الحميديّة، صباح الخير لمآذنك وكنائسك، و مقاهي المحلّقين خارج قيود الدّين دون أن يجرّحوه في نفوس الآخرين بنَفَس أو تهميش.
صباح الخير لزيتونك وزيزفونك، لربوتك وبلودانك .
صباح الخير لك محتضنة الحمقى فيك لأنّهم سيظلّون واهمين،والواهمين فيك لأنّهم غافلون عن كبريائك.
صباح الخير يا شاااام ...
صباح الخير لصمتك وصخبك وضجيجيك، صباح الخير لطهر هوائك وتلوّثه، صباح الخير لازدحامك ولأحاديث السّائقين السّريعة، صباح الخير للشّباب في جامعاتك يحمونك بالحرف والصّورة، ويخبئون الإدراك المعتّق في غياهب الصمت حتى ينالوا زمناً يؤمنون به، لأنّ ثمّة الآن من يعتبر الوعي جريمة و خطيئة، صباح الخير لك و أنت تتّسعين أكثر بحلم في عيون شبابك وهم منفيّون قسراً في المهاجر .
صباح الخير يا شااااااااااااام ..
صباح الخير، حتّى يحلّ عليّ اللّيل وأنا أنهار فيك حبّاً وكلاماً ،صباح الخير حتّى يمضي العمر وسوى العمر، صباح الخير يا صهيل الزّمن يا شام ، ياصبيّة ..
صباح الخير يا شااااااام ..
صباح إنهاك أصابعي وهي تبحث عن سحرك لتلمسه، فيفوتها كعطر يتسلّل للرّوح، سحر يعشّس في النّفس كسرّ لا يلمس ولا يرى ..
صباح الخير يا شااام ....
صباح الخير لوهمنا فيك ، وحلمنا فيك ،لما قدّمنا لك و جنينا منك خيراً و أذيّة ،صباح الخير للعشبة في فيء صغير على تراب في زوايا الأرصفة المنسيّة ..
صباح الخير يا شام ...
صباح الخير لك ، عصيّة على المشغولين بالتّلفيق لانهيارك و هم يستحقون الشّفقة، عصيّة على الراابضين على حدود دم شعبك كالثّعالب مستعدّين للانقضاض، لأنّهم مجانين لن ينقضّوا سوى على خبثهم و خوفهم و حقدهم، عصيّة يا شام على الملعلعين والمنظّرين فيك لأنّهم ليسوا سوى حناجر تباع وتشترى و تكتم حين اللّزوم، بينما الكلمة الحقّ لم تقلها سوى جدران الحارات الملوّنة بالحلم حيناً و بالدّم على درب ذاك الحلم ..حيناً آخر ..
صباح الخير يا شام......
لأنّ الحياة ليست سوى في شوارعك، والحقيقة ليست سوى في شوارعك .. ولا حقيقة سواك .. يا كلمة الله ، و فسيفساء التّجلّي ..
يا شام