" روتين الرّصاص"
خاص ألف
2012-10-23
كلّ ما يطوووول دون أن يسجّل تقدّماً.. يُستَنزَف.. ويَفقُد إدهاش اللّحظة الأولى بتسارعها وتداعياتها...
يصبح استمراره.. اعتياديّاً مهما كان موجعاً..
تصلح هذه النّظريّة عن.. الحب..
لكن مالم يخطر في بالي يوماً..
أنها قد تصلح أيضاً.. عن الحرب..
...
كانت فكرة انزلاق سوريا في هذا المخاض بكل تجلّياته.. تصيبنا بالفزع..
لمجرد أن تخطر الفكرة في بالنا.. نهرع إلى جوازات سفرنا نتفقدّها.. نتأكّد من تواريخ صلاحيتها.. نجمع شهاداتنا
وأوراقنا الثبوتيّة تحسّباً لنزوحٍ مباغت...!
وإذا ما سمعنا خبر انفجار سيّارة مفخّخة.. نغيّر طرقاتنا.. نتحسّب لكل الاحتمالات والوجوه و الطّرق..!
نتابع الأخبار.. نسمع التّحليلات السيّاسة.. نراقب شريط الخبر العاجل..!
نتناقل أخبار المدن المنكوبة.. نحفظ أسماء شهداء كلّ يوم.. وأسماء الجُمع في نهايات الأسبوع...
يفور دمنا على بعضنا في النّقاشات..
ندافع.. نناقش.. نتحدّى.. نثبت.. لانقتنع..
نحذف بعضنا عن الفيسبوك.. نصنَّف.. ونخوَّن.. و نصنّف..
..
الآن بعد سنة وسبعة أشهر من الصّرخة السّوريّة..
نقف أمام ملامح أرواحنا ذاهلين..
نكتشف أنّنا.. "كنّا طيّبين وسذّجاً"..
نتيقّن أن الزّمن هوّة تبتلع كل شيء.. حتّى الفزع..
الآن.. كلّ مدننا منكوبة.. وصراخها واحد.. سماؤنا واحدة..
نتشارك في ليالينا بدل السّهر.. الإصغاء لأزيز الطّائرات.. وحقد المدافع
مع هذا لازلنا هنا... رغم المجازر..
لم نغادر.. ولن ..
حتّى من تهجّر منّا وهاجر.. حتّى من سافر.. حتّى من تحطّم كل أثر كان له.. لم يغادر..
لم نهرع لجوازات السّفر.. باقون متشبّثون بعتبات بيوتنا.. رغم أنّ السّلاح أقرب إلينا من رفّة جفن..
لا نحتاج لأوراق تعريف بنا ولا لثبوتيّات... نحمل سحنة سوريّة مخذولة من كلّ العالم.. مقامر بها و ببلادها..
تعرّف عنّا..وتختصر كلّ لغات الوجع..
لم نعد نغيّر طرقاتنا.. لم نعد نحدّق في وجوه السّائقين مستقصين ملامحهم عن أيّ نيّة غريبة..
لم نعد نسمع الأخبار.. ولا مهرجي التّحليلات..
صرنا نسهر.. على كهرباء مقطوعة... واتصالات مقطوعة.. نحاول أن نطوّر قدراتنا في التّكهن باتجاه المدفعيّة..
لانتابع الأخبار العاجلة.. بل نسمعها من الأمّهات الثّكالى.. ونعرف من دموعهن الصّامتة من استشهِد ومن خُطِف..
لم نعد نسأل عن أسماء الشّهداء والمهجّرين والمعتلقين... فقد باتوا كلّهم من أهلنا و جيراننا وأصدقائنا...
حتّى لم نعد نتناقش..
من مسّه نور الإدراك.. وعى.. ومن لا يزال غافلاً ننظر إليه صامتين بابتسامة مكسورة.. ونربّت على كتفه.. ونمضي..
نواسي أنفسنا.. أنّه هو الآخر خائف على وطنه.. لكنّ هستيريا الجموع.. لم تعد تجعله قادراً أن يميّز..!!
لم نعد ندافع أو نتحدّى.. أو نثبت .. أونقتنع..
لم نعد نصنّف بعضنا.. أو نخوّن..
كلّنا الآن سوري .. سوري واحد مطعون في كرامته وكبريائه وأمله.. نقرأ العجز في عيون بعضنا.. ونتابع..لكن بضجّة أقل..
...
رغم كلّ هذا الموت.. وحياتنا مكتظّة بمظاهر الحياة.. بلا حياء..
نعمل... نكتب.. نأكل.. نروح ونجيء.. تحت سماء يخزّقها الطّيران..صباح مساء...
نقف في طوابير الازدحام.. وأصوات الإسعاف والتّشييع ومواكب الشّهداء.. تمرّ بنا...
بمشاهد مفجعة اكثر مما نتخيّل لأنها بطولها وامتدادها سحقت حتى ذهولنا ودهشتنا..
فأصبحنا معتادين رغم وجعنا...
صامتين.... نؤدّي تفاصيل حياتنا اليوميّة ببرود..
بينما غلياننا داخلي وموحش...
يكبر ويكبر ..
ولا يُترك له حيّز سالم من الانفجارات..
ليتفجّر...!!!
08-أيار-2021
21-تشرين الثاني-2012 | |
13-تشرين الثاني-2012 | |
06-تشرين الثاني-2012 | |
30-تشرين الأول-2012 | |
23-تشرين الأول-2012 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |