نساء سوريات "6"
خاص ألف
2012-10-17
العائلةُ ، والمرأةُ السّورية
قد تكونُ العائلة هي الجزءُ الأهمّ في حياتنا اليومية .وقد تساعدُنا على تحسينِ شخصيتنا . نتعلم من خلالِها المشاعر الإنسانية . نتلقى فيها الحبّ والرّعاية ، و الثّقة بالذات ، تعطينا الخيارات الضرورية من أجل النجاح . قد لا يكون ذلك أيضاً ، ربما يكونُ للعائلةِ ذلك الأثر المدّمر في نفوسنا ، ومن أسبابِ هزيمتنا إن كانت مزعزعة . مفكّّكة ، وغيرُ موجودة . لكن لو وجدت كمكان داعم لنا . لكان بناؤنا الدّاخليّ أمتن .
يمكن أن نظهر داخل عائلتنا على حقيقتنا دون خوف ، ونكون كما نحن في الواقع ، نستطيع أن نحظى من خلالها بوجودنا الإنساني ، اللقاءات العائلية تبعدنا عن التوتر لو كانت تلك اللقاءات طبيعية ، وعندما نمرّ بالأزمات الحقيقية قد نلجأ لعوائلنا نطلبُ الدّعم . والتواجدَ ضمنَ العائلة يجعلُنا نجيدُ التواصلَ مع الآخرين ، كما نجيدُ بناءَ داخلنا والوصول إلى النّجاح . للأسرةِ الفضلُ في مساعدتنا على تحقيق أهدافنا .هذا لو وجدتِ العائلة بمواصفاتها البسيطة .
عندما يكون لدينا مناسبات احتفالية لانشعر بها لو كنا وحيدين ، ونتمنى حضورَ أحد أحبتنا لنشعرَ بالمناسبة . نفتقدهم . يتذرعون أحياناً بأسبابٍ من الماضي . يحاولون تحطيم تلك العلاقة الجميلة . الكثير من العائلات تهتمّ بدعم أبنائها ، لكنّ أكثرَ الأبناء اليوم يصرفون أكثر أوقاتهم مع أصدقائهم في أماكن يقطّعون بها أوقاتهم بسبب البطالة .
ماهي الأسرة ؟
هل هي الأم والأب والأطفال؟
رابطة القرابة في الأسرة واسعة ، الأسرة تقتصر على الأمّ والأبّ والأبناء . وربما الأجداد أحيالناً . وليس معنى هذا أنّ العائلة هي العشيرة . استقلالية الفرد هامّة جداً . على الفرد أن ينال استقلاليته وهو داخل الأسرة وعندما ينفصل عنها تبقى بينه وبينها تلك العلاقة الرّحيمة.
تمرُّ الأسرةُ في العالم بمرحلةٍ جديدة . تتفكّّكُ تحت ضغط الاضّطرابات الاقتصادية والاجتماعية ، وفي سورية وضع العائلة أسوأ . أصبحت تعيش تحت رحمة السّماء بعد أن انهارتِ القيم المعنوية والروحانية . في عصر لا يؤمن العالمُ به سوى بالمال . ازدادَ وضع الأسرة السّورية سوءاً مع الظّروف الاقتصادية المعيشية التي سادت قبل بدء الحراك الثوري ، وليس صحيحاً ما يشاع عن الدفء الأسري في بلادنا .
كان دور المرأة في بداية القرن الماضي ربّة منزل ، وكان دور الرجل معيل الأسرة " مورد رزق " . بعدَ الحرب العالمية الثانية . اختبرتِ النساء الاستقلال الاقتصادي ، وساهمت حركات التحرر المرأة في تغيير تفكير النساء ، تغيرتِ الفكرة السائدة القائلة :" أنّ على المرأة أن تنفقَ كلّ حياتها فقط من أجل الأعمالِ المنزلية ، وتربية الأطفال " الصورة النمطية للجنس والتي تسيء للمرأة وتظلمها والتي سادت تغيّرت أيضاً ، حصلت المرأة على مكاسب كبيرة في العالم وفي سورية . أصبحتْ تعتبرُ أن جسدَها ملكها . تحاولُ الزواجَ بمن تحبّ . هناك تجارب رائدة في سورية في الزّواج بين الطوائف والعقائد . قد تكون انتهت بعدم النجاح أحياناً لأنّ ذهن الرجل لم يكن قد تحرّر، أو أنّ الفكرة وليدة تحتاج إلى الرّعاية .
الوضع العالمي مرشّح للتّراجع . سواء تجاه الطبقة العاملة أو المرأة . هجومٌ رأسماليّ شرس ٌ يهدفُ إلى نقلِ الثروة إلى أعلى ،وتركيزها في يدِ أفراد . الذين يحكمون العالم هم مئة شخص فقط .تتبعهم مافيات ، وللعالم الثالث ومنه سورية حضورٌ قويّ في المافيا العالمية لهذا السبب اندلعت نيران والثورات ، وتمزقت شبكة الأمان الاجتماعية ، وخفّ النضال من أجل حقوق المرأة بشكل ملحوظ ، ما هو مطلوب من المرأة هو: الإدلاء بصوتها في صناديق الاقتراع في الغرب ، وليس في سورية ، فصناديق الاقتراع في سورية لها شأن مختلفٌ عن كلّ الدنيا . بقيتِ الأوضاع الحقيقية للنساء في العالم كما هي ، وأسوأ من القرن الماضي بكثير . لكنّها فاقت التّصورات في سوريّة . من القضايا الأكثر إلحاحاً للنساء . نقصُ الحصول على فرصة عمل، وعلى رعاية الأطفال بسعر معقول يتناسب مع الدّخل ، وعدم وجود الدّعم الاجتماعي للنساء الفقيرات وأطفالهن ، وعدم وجود الرّعاية الصحية ، هناك حاجة لإعادة مناقشة وضع المرأة . بعد أن فشلت كلّ الدعوات لتحريرها ، ولا يوجدُ شيئ من هذه الأشياء في سورية ، وإن لم تتحقق هذه الأمور في المستقبل . ستكون ثورة جديدة باسم النساء .
مع تفاقم الأوضاع . يتفاقم نصيب النساء من الظلم في سورية . تعاقب النساء على أشياء لم تفعلها ، وليست مسئولة عنها ، فما ذنبُ الطفلة التي تذبح لأنّ أخاها انضمّ إلى الثورة ، أو المرأة التي تغتصب أمام زوجها كي يشعر بالإهانة ؟ الوضع مأساويّ إلى أبعد الحدود . سورية كلّها تشبه الأنثى المغتصبة . هذه هي سورية اليوم ، فما هو وضع العائلة في دول اللجوءِ ، أو المتبقية في الداخل ؟
ليست كرامة المرأة هي التي انتهكت فقط . لم يعد هناك أسرة ، بقيت ذكريات . من لم يطالهم الموت ، طالهم التّشرّد ، وربما كان التّشرّد أصعبَ من الموت ، في الماضي كانت المكاتب المتخصصة ببيع النساء كصفقة زواج في الداخل السوري أو الخارج موجودة جنباً إلى جنبٍ مع التّهريب والتّشبيح . تمّ ابتكار طريقة لتجارةِ الجنس . وتأسيس تلك الطّريقة على خلفية شرعية . آلاف الفتيات دون سن الرشد تم تزويجهم كزوجة ثالثة أو رابعة ، وهنّ قابلات برغيفِ الخبز الذي يتصدّق به عليهن الزّوج ، بغضّ النظر إن كان سورياً أو خليجياً ، البعضُ اخترن الزواج بإرادتهن من مواطنين خليجيين ، وهنّ يتعالين على السوريات وبخاصة إن كان لهن صفة ما كمحاميات ، أو مهندسات أو معلمات .
تقليد تزويج السوريات بسن مبكرة لكبارِ السن، أو كزوجة ثانية بمقابل ماديّ لم يبدأ بمخيمات اللاجئين في الأردن .ولا بفتوى شرعية من مصر . بدأ قبل عقود من الآن ، ومنذ أن بدأتْ قيم السوريين تميلُ إلى الانحدار . أصبحَ الجميعُ يفكّرُ في طريقة للخلاص، وكانت طريقةُ بيعِ القاصرات على شكل زوجات هي من ضمن القيم السائدة ، والمتزايدةى ، ولا أعتقد أن طفلة سورية تزوجت إلا بموافقة أهلها .
هذا الضّجيج الإعلامي لن يؤثر على الموضوع ، فبيع أجسادِ النساء قد ازداد مع هذا الدمار ،قد تبيعُ المرأة جسدها من أجل لقمة عيش إن كانت راشده أو يبيعها أهلها على شكل زواج ، ولن يغير حديث الإعلاميين على الفضائيات شيئاً : بأن السوريات لسن سبايا.
سورية كلّها مسبيّةٌ ، وتلك المرأة التي خرجت من بين الأنقاض مسبية من قبل ، فلو لم تكن سبيّة ، لكان لها حقّ العيش الكريم . السورية فقدت كلّ حقوقها دفعة واحدة . حتى حق الحياة . ويبقى السؤال :
هل ستسنّ سوريّة الغدّ قانوناً عادلاً للنساء ؟
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |