الأشياءُ التي تطفوعلى السّطح
خاص ألف
2012-10-31
تطفو الكلماتُ الرّائجة فوقَ بحرِ الأدبِ الفارغ ،تتسبّبُ باحتقان ذرّاتِ الكلمات . تنفجرُ بين الزّبد . ندفنُ رؤوسنا في العمقِ كي لا يصيبنا رذاذٌ يتلاطمُ على شواطئ الرّياء . يظهرُ ملوكٌ وحكّام جدد . ملوكُ الثّورة والأوصياء على عقولنا منذ بدء الدكتاتورية حتى الآن . يقضون الليلَ في صنعِ أدبِ المفرقعات المنثورة بين ثنايا الزّبد ، وعندما ينجلي الصّبحُ . يذهبُ الزبدُ جفاءً ، تنزلُ الأمطارُ ثانية مملوءة بدفءِ الحياة ، تجري السيول بعد أن تطرحَ الزبدَ ، وتطهّرَ نفسها من العبثِ الذي ألمّ بها في زمنِ الجفاف .
كم هي غزيرةٌ تلك الكتابات التي تتهادى على السّطح مع العيدان والقش والأوراق الفارغة !
وكم تحمل من بطولات جوفاء لأصحابها !
يوصلون رسائلهم إلينا : بأنّهم الأعظمُ منّا ، وأنّهم باقون والمستبدُّ إلى فناء . يوهموننا بأنّهم أوراقُ الثّورة النابضةِ بالحياة . قبل ثانيةٍ فقط كانت أناشيدهم في حبّ القائد الخالد إلى الأبد . حولوها إلى أغنياتٍ تمجّدُ أشخاصَهم. تظهرُهم أبطالاً تبنوا موضوع الثورة قبل الثوار ، وقبل أن تلدهم أمهاتهم . ملهمون لأنفسهم . ومدافعون عن مصالحهم في كلّ زمانٍ ومكان . استبدلوا شعاراتهم السّابقة بنفس الشّعارات . يصفون أنفسهم بدلاً من وصف القائد هذه المرّة . يؤكّدون في كلّ لحظةٍ : أنهُ ليس لدينا حيلة أمام عبقريتهم سوى الاعتراف بهم . لبسوا أثواباً جديدة زاهية ، وفي مراكزِ تجميل الشّكلِ والأخلاق . تمّ إظهارهم كأشخاصٍ كاملي المواصفات في الأناقة والنضال والثبات .
يكتبون ويصرخون بنفس الكلمات . يبحثون عن أماكن الجوائزِ المالية يسوّقون أنفسهم عن طريق علاقتهم مع النّظام ، ومع من انفضّ عنه لأسباب لا علاقة بالكرامة ، أو الحرية . لم يعدْ في الصحف شيء نقرؤه ، فعبّاس يكتبُ نفسَ أفكار دبّاس ، ولم يعدْ في الفضائيات شيء نشاهده ، فعبيد كما أبو زيد ، ومن نعرفهم من المناهضين للحياة يلوحون اليوم بأعلام لا زلنا نجهلُ كيف نرسمُها، فما عرفنا أعلاماً في حياتنا. كلّها فرضت علينا. لم تلامس قلوبنا ، ولا متعت ألوانها عيوننا ، وما حفظنا صورة علم سوى أعلام أمهاتنا . الثياب التي كانت تنشرها على حبل الغسيل ، وتنزل منها قطرات الماء لتوحيَ بأنّ الحياة مستمرّة
هؤلاء المتبرّعون على الملأ بما يملكون ، لايتبرعون بشيء.هم كاذبون.
هؤلاء الذين يمجدون النساء . كانوا إلى قبل ثوانٍ مقيمين في سوق الأباحية يصورون أفلاماً يشرّعون فيها كلّ ماهو ضدّ النساء
قدرُ الفقراء أن يقتلوا ، وقدرُ السوريين أن يكونوا فقراء .الفقراءُ من كلّ الأطياف والأطراف . كلّهم ضحية لهم وللجّلاد على السّواء. السّبب: أنّ الزّبدَ الذي كان يطفو في الماضي فوق بحرِ الظلم ، وتحت أقدام المستبدّ . عاد نفسه ليطفوَ فوق السيول التي تسبّبت فيها غزارة الدماء . كنّا في الماضي مقيّدين بأعناقنا بسلاسلَ صنعوها لنا كي يُهدوا حياتنا للقائد الرمز . جرّونا بها إلى مستنقعات الفقر والجهل والعبودية . سرقوا أجملَ ما لدينا في الحياة . اختفى من داخلنا ذلك اللهبُ المشعّ . أصبحنا أمواتاً من زمن الزّبد . أحيت قلوبنا كلماتُ الشباب قبلَ أن يستولي عليها تجّار الحروب والفضائيات .
زروعنا تنبتُ الآن ، خريفهم ينذرُ بالموتِ وخريفنا ينذرُ بشتاء دافئ وربيع لا بدّ قادم . ربيعُ شباب سورية الذين أعادوا لشيوخِها الكرامة والإباء . سيبقى في قلوبنا ذلك العبق الذي يتناهى إلينا من تلك الورود التي زرعت على أرض سورية ورويت بدّماء الأطفال والنساء والشّيوخ والشّباب .
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |