مررتُ بجانبِ دربٍ
خاص ألف
2012-12-05
قربَ المتاهةِ الواقعةِ على درب العدم يقيمون احتفالاً بالنهاياتِ. مررتُ قربَهم . كنتُ ألبسُ أثمالاً بدتْ من بعيدٍ كثيابِ عرسٍ ، جسدي يرتعشُ خوفاً من الفرحِ الواقع على الطّرف الآخر من الادّعاء حيث أقيم صلاتي على مفرقٍ دهر . كان الفرحُ والطّقس الاحتفاليّ يجلبُ لي الغمَّ الذي أحذرُ منه . أهربُ منهم إلى الوراء أو إلى الأمام . لا أريدُ أن ألتقيَ بأحدّ عندما يحتفي بعظمته مستعرضاً أمامي كلّ التّفاهات . وعدتُ العالم:" أن أكون . . . ، أو أن لا أكون " صدقتُ بوعدي فلم أكنْ .
جاثيةٌ قربَ القدر . أبحثُ عن عدوّ يحيي فيّ ما تبدّد من روحي المرهونةِ للسّكون . لو ترافقنا معاً في سهرة سُكرٍ . لو التقيتُه – أعني عدوّي – لجلستُ معه في جلسةِ ودٍ نتبادلُ أحاديث الاشتياق إلى همسات الحبّ .ونحتفي بتناقضنا الجميل . لا فائدة من أن أجلسَ إلى طاولةٍ أحتفي بها بنفسي مع شخصٍ يشبهني في كلماته ، وابتساماته ، وحتّى في تصفيفة شعره . أرغبُ بأحدّ يستفزُّ داخلي المكبوتَ كي ينفجرَ . حتى لو سال دمي على جبيني من لكمة رقيقة من عدوّ يجالسني لن يكون الأمرُ بذلك السّوء الذي تتصورونه . يكفي أن يستمرّ بشرب أنخابي ، وأنسى نفسي معه فلا أعرفُه مني ، عندما نشربُ معاً من خمرةِ الرّياح وعوداً براقة ، يدفأ قلبي بينما أنتشي بالموت برداً .
إنّني الآن بجانبِِ طريقٍ .يتراءى لي كالحلمِ العتيقِ . كأنّني رأيتُه من قبل . أصواتُ غناءِ رعاة تأتي من القاع .
متى رحلَ رعاةُ قريتي إلى الأماكن العميقة ؟
كم كنتُ أحلم أن أرافقهم !
لماذا نزلوا عن السّطح والتلال ؟
لا أعرف بماذا أجيب ؟ المكانُ رأيته من قبل . الأصوات نفسها تأتيني من الأعماقِ موسيقى النّاي تدعوني إلى الرقص على أنغام الانحدار .كلّهم رحلوا إلى هناك . في قاعٍ قرب دربٍ مهجور . تجتمع البحور. الفجور . الدماء، والأشلاء .ويختلطُ الخبزُ مع الوحل . مع هذا يستمرّ الرّقص. أتمايلُ أمام نفسي على مرمى من السقوط . أصحو من السُكر . أعيشُ حالاتي البهيمية. أجهلُ معنى الأصوات التي أصدرها .
من أنا ؟
حيوان ناطق ، أم نافق ؟
نطقتُ يوماً بالشّعر المكوّن من حروف ،سخرتُ من أبجديات البشر . أطربني صوتُ حمارٍ هرم آتٍ من القاع . يقولُ كلماتٍ بليغةً في الألم . مصيبته أنّنا لم نفهمْه ، نشغلُه بهمومنا على الدّوام . نتحدّثُ له عنها كثيراً، ويتحدّث عن مشاعره بصمت . ما الضير أن يكون حماراً ؟ هو يشعرُ بالألم مثلنا . كم وددتُ أن يرافقني حمار ناطق إلى حفلة موسيقية . ننبطحُ معاً على بطوننا أمام مسرحٍ يتبارى عليه ممثلون ومطربون . كلّما نطقوا بحرفٍ وقف الجمهور مصفقاً لهم دون أن يعي ما قالوا ، أو مافعلوا !
بين فصولِ المسرحيةِ . يجتمعُ الممثلون خلفَ الكواليس . يحصون ما جمعوامن مال ثمناً لبضعِ حركاتٍ أو كلمات . يتدربون على بعض التّعري الموظّف في خدمة القضية ، وريثما تنبت القرون على رؤوسهم الفارغة . يكونون قد أصبحوا نجوماً . نضُع صورهم على فيسبوكاتنا كأصحابِ قضيةٍ وكلمةٍ حرّة . كوننا ننتمي إلى فصيل يجهلُ طبيعة الحروف . أذكرُ ذلك المسرحَ الذي مثّلت على خشبته ، فقتلت . عدت إلى الحياة من جديد . وكلّي أملٌ أن يرافقني ذلك الحمارُ النّاطق إلى نفس الاحتفال . نستمتعُ معاً دونَ كلام . حتى الآن لم يصادفْني الحظّ !
نعم . كنت قد مررتُ بجانبِ دربٍ اعتقدتُ أنني أعرفه . تخيلتُ أشياءَ موجودة ، . ليس عندي دليل لأثبت وجودها ، تحوّلَ طريقي إلى دربٍ مجهولُ البداية والنّهاية . ولا زلتُ أحثُّ السّير . . . .
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |