نهايات
خاص ألف
2012-12-18
نهايةُ عام . نهايةُ عقد . نهايةُ نصف قرن . الأيامُ متشابهة . لسنا على قيدِ الحياة مذُ خلقنا ،ولسنا ضمنَ الأمواتِ . نقتلُ من أجلِ أن نستعيدُ حياتنا أونوقّعُ على موتِنا .
لا نعرفُ إن كانتِ الشهورُ الأخيرةُ التي مرّت هي شهورٌ ، أم ألف عام من الانتظار الطويل .
كانتِ البدايةُ أملاً وألماً يتناثرُ على كلّ التراب السّوري أحياناً بشظايا احتلال ظالم للأرض وانتهاك للعرض ، وشظايا من أشلاء ودماء البشر الذين صلبوا وسلخت جلودهم وهم أحياء ، قسوةُ الموقفِ اليوم أكثر من قسوته في ثورات العبيد الذين صلبهم نيرون . الآهات الجراح كبيرة لاتعبّر عنها الدّموع . بعد مئةِ عام ستكونُ ذكرى . يدرسُها الأطفال في كتب التّاريخ . يبكون أجدادهم الذين دفنوا في تراب المكان الذي ولدوا فيه ، يلبسون السواد في ذكراهم . ينكّسون الأعلام في استحضارِ الطريقة النّازية التي كانت أشدّ من نازية هتلر . سيكونُ للأجيال المقبلةِ الخيارُ المطلق في أن يغرقوا في مستنقع الانتقام ، أو أن يسعوا لبناء الإنسان وتحييد الدين كي نتحرّر من العقدِ الطّائفية . بعد مئةِ عام قد نشبهُ الغرب المتمدّن قبل قرون . نتركُ الدين حرّاً ولا ندخلُه في السّياسة والقوانين . ليس الاستبدادُ وحده هو المسؤول عما آلت إليه حالنا ، الطّائفية وتجارة الدّين الرّابحة كانت سبباً آخر . تمادى الأسد في غيّه بسبب حماية الكثير من رموز الأديان والطوائف له .
النهاياتُ تقتربُ من وضعِ الحقيقة كاملة على تاريخِ الحدث . ستدوّن النّهاية بألف سطر للمرحلة الأولى . تبدأ بكتابةِ سطرٍ بالخط الأحمر : صرخ شيء عجوزً في الشّارع كان يسمع أصواتاً تناديه من داخله بأنّ شبابه عاد هادراً إلى المكان . الحروف التي خبّأها في ظلمة ترتفع إلى السّماء . يسمعها الآن . يغمره الفرح . يموتُ وهو يبتسمُ . اعتقد قبلَ موته أنّه هو من ينطقُ بالكلمات ، وليس طفلاً يسجلّ التاريخ على حائط مدرسة فيستأصل من جسده كلّ مايحتاجه الإنسان كي يعيشَ ، وتوزع أشلاؤه على الجدران لتعيدَ كتابة الجملة التي كتبها أوّل مرّة " الشعبُ يريدُ إسقاط النظام " تنتقل الذّرات عن الجدار في دورة عفوية . تغرسُ في قلب كل طفلٍ بسمة وأملاً في الحياة . لا تحزني أيتها الأم . الحزن لا يعبّر عن حالتك . يمكنك أن تبكي دماً فليس من أجل هذا أنجبت ذلك الفتى الذي امتلأ قلبه بمحبة النّاس .
العالمُ أصبحَ صغيراً إلى أبعدِ الحدود ، وهذه التكنولوجيا غيرت في مفهوم الوطنِ والقومية . في الغرب ثقافات متعددة ومن مختلف القوميات ، علينا أن نحذو حذوهم . اكتشفنا الأبجدية في الماضي وهم اليوم ينعمون بالعلم والحضارة ، ليس خائناً من يرحل إلى مكان آخريعترفُ به طالما يخدم الإنسانية . الدول المتحضّرة تهتم بالإنسان دون النّظر إلى عرقه أو قوميته أو دينه ، مفهوم الوطن فضفاض لا أحد يمتلك داخل الآخر . بإمكاننا أن نكون سوريين وفرنسيين وكنديين دون أن نكون خائنين ، يمكننا أن نكونَ قوميين متعصبين ونحارب من أجل أهداف لا تخدمُ قضيّةَ الإنسان .
النهايات على الأرض تسجلُ تاريخاً جديداً . سقوط طاغية أطاحت به ثورةٌ حقيقية وقودها شبابٌ وشيوخٌ ونساءٌ وأطفال . لم يعد أحد يتحدّث باسمهم . هناك تجمّعات تمارس الدّعارة السياسيّة ، نصفقُ لها لأننا مازلنا نعشق التّصفيق . يمكنني القول بصراحة : ليس من أجلكم أيها الراكبون على الأمواج استشهد الآلاف . لكن صبراً أحبتي . الدعارة ستنتهي يوماً فأنتم منذورون للشهادة . سورية ليست لكم ، وليست لي ، لم تكن يوما لنا . سأكونُ أمينةً لتلك الدّماء الطاهرة ، وأبتعد عن الحراك الجديد . الذي يقودهُ نفس الأشخاص . هكذا هو نصيبي أن أجدَ نفسي في الصف المقابل دون أن أخطّط لذلك
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |