دائرةُ الموتِ
خاص ألف
2013-01-01
في بعضِ الأحيانِ قد لا تعني الحياة لنا شيئاً ، ولم تكنْ تعني لي شيئاً في السنوات الأخيرة من وجودي في سورية ، بعدها توقّفَ عندي الزمن منتظراً إلى أن آخذَ حقّي . عملتُ جادّةً على ذلك ، لم أنجحْ في أخذه ، ولا في الحفاظِ على الأشياءِ التي أحبّبتُ . ولا على بقايا روحي التي توزّعتْ في مختلفِ أصقاعِ الأرض .
لم أستسلمْ للظّلم يوماً . عملتُ منذ نعومة أظافري- دون تخطيطٍ - من أجل لقمةِ عيشٍ كريمةٍ ، لا أنوي التّقاعسَ أو التّقاعدَ ما دمتُ على قيدِ الحياة . لستُ مكتئبة ، ولست أمنّي نفسي بالأحلام .
أعيشُ في الإمارات ، أتابع الأخبار منذُ بدءِ الثّورة .خلصتُ إلى نتيجة هامّة:
لا يوجدُ معارضة سوريّة في الإمارات . على الأقلِّ بين من أعرفُهم بشكلٍ شخصي أو أتابعُ كتاباتهم ونشاطاتهم . تنسيقياتٌ مغلقةٌ على نفسها احتكرتِ العمل الفيسبوكي أو الإغاثي ، أو الإعلامي كونه يجلب مردوداً ماديّاً .
أغلبُ الهيئاتِ الموجودة في الإمارات والذين يعملون فيها كمحرّرين لبعض الصفحات السّورية .ويدّعون أنّها ثورية .ليست ثورية . بعضها لا يمتّ للثورة بصلة . فقط ينشر أفكاراً طائفيّة بغيضة ، ككلمة نصيري وصفوي ومجوسي ، ويبثون صوراً مرعبة لفرق الموتِ المتطّفلة على الثورة من أجل إفشالها . غيّر بعض الذين يتعهدون الصّفحات حصرياً أماكن سكنهم إلى أماكن أوسعَ ، وبدأ الرفاه يأخذ طريقه إليهم . أغلبُ معارضي الأسد في الإمارات ليس لهم علاقةً بالثورة سوى جيوبهم مع بعض الاستثناءات التي لا أعرفها ، لأنّه" من خليت بليت" ومع هذا يطلقون على أنفسهم كلمة أحرار .
علينا أن نتصالح وننسى الماضي . لم يكنْ في سورية قضاءٌ حرّ حتّى يكون قضاةً أحرار ، ولا فنّ حرّ ، ولا أدب حرّ، . انتهى ذلك الزمن . نفترض أنّنا نسعى جميعاً لنكون أحراراً ومن أراد أن ينضمَّ للحراك فسورية للجميع شريطة أن لا نزايد على بعضنا البعض .
الكثيرُ ممن أخذوا فرص غيرهم في الماضي يركبون موجة الثورة اليوم . يرغبون بالعودةِ إلى أماكنهم بنفس السّيناريو ، وقد غطّوا بضجيجهم والتسويقِ لأنفسهم على الدّماء. يستغلون وضع النساء والأطفال ، كأنّ ومن حقّهم أن يقبضوا دّية الشهداء ليموّلوا مشاريعهم الشّخصية .
قررت الاستقالة من عملي لأسباب كثيرة ومن ضمنها: أن أعيش تجربة على الأرض ، لايمكن أن تمرّ تلك الثورة الكبيرة بقيمها وأهدافها دون أن يكون لي رأيّ في وضعِ الداخل . هو قرارٌ شخصي .قرّرتُ الرحيل . الرحيل إلى الموت . والسفر إلى سورية .
سأمارسُ جنوني حتى الثّمالة ، ماذا يعني أن أموت في الطريق ؟ أو على بابِ بيتي أو بتفجير ؟ الشّعبٌ السّوري المظلوم يقتلُ في كل دقيقة . سأكونُ منهم . وأكون على الأرض التي أحببتٌ أن أكملَ عليها حياتي ولم أستطعْ . وربما لن أستطيعَ .
إن قدّرَ لي العيشُ سأغادر سورية أيضاً . قرّرتُ أن لا أعيشَ فيها . أنتمي لجيلٍ فاشل ،وأحزاب أدت بنا إلى كارثة . لم يكن لي مكان في سوريّة السّابقة ، ولن يكون لي مكان في سورية القادمة . سوريّة كانت للبعض ، البعضٌ الذي كان يدعم ملكية الأسد لها والذي قفز من سفينة السّلطة الغارقة . سيعودُ إلى السّلطة القادمة في فترة تسمى بالانتقالية ، الحياة أحياناً لا تصمدُ أمام فترة انتقالية. سأعيش الاحتفال بالنّصر ، ولن أعيشَ الفترة الأخرى لأنني لستُ مستعدّة لها .
الفقراء السوريين الذين يقتلون بمن فيهم الجنود والشبيحة التابعين للنظام . جميعهم ضحيّة النّظام ، وضحيّة المعارضات الزّائفة التي تراهن على قتلهم كي تستمرّ وجدَ السّوريون بالصّدفة في خدمة المستبدّ من أجل عيشهم . لم يكن لهم حضور . أغلبُ من خدم النّظام هم المعارضون الذين فرّوا بأموالهم ،وبنوا شركاتهم في مناطق العالم وبخاصة في الخليج . الإعلاميون الذين تنعّموا بسورية الأسد . كانوا أبواقاً ، وأصبحوا اليوم أبواقاً لهؤلاء الذين قفزوا، أو للمحطات أو المواقع أو صفحات الثورة التي تبشّر بالطائفية وحكم الإسلام ، يرغبون في العودة إلى السفينة الجديدة .
أغلبهم سيعود ، ويعتلي السطح . شباب سورية الذين فقدوا أعزّ ما لديهم . سيكونون قادرين على تحقيق الأهداف التي قاموا من أجلها . بعد أن يلتقطوا أنفاسهم قليلاً . ويعاودوا ثورتهم . عندها ستبدأ الثورة السلمية من جديد . .
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |