يلاحقُني شبحٌ
خاص ألف
2013-01-29
لا أعرف إن كان شبحاً . كلّ ما عرفُه أنّه يلاحقني .
في عالمٍ خاصٍّ يحيطُ بي . تزورني الأشباحُ . أحدّثها . أعرفُ أسماءَها . أشعرُ بوجودها ولا أراها أحياناً . تسدّ فراغاً في داخلي . فجأة يختفي جميعهم ، ويبقىأحدهم . أراهُ بشكلٍ واضح . يطبقُ قبضتيه على عنقي . يريدُ أن يخنقَي . ودائماً أبسملُ كي يختفي ، ولا يختفي . أعرفُهُ مذ خلقتُ هو :الشّبح الشّبيح !
إذا كان السّوريون قد ابتكروا اسم الشبيح قبل ثورتهم ، فقد عرفته قبلهم . كان في حياتي سلسلة من الأشخاص الأشباح أو الشّبيحة . منذُ صرختي الأولى إلى ماقبل موتي بثوانٍ. يتلذّذون بموتي وقبل أن ألفظَ أنفاسي الأخيرة يعيدوني إلى الحياةِ كي يتمتّعون بتعذيبي أيضاً.
كنتُ أرى في قراءاتي إشارةً واضحةً إلى أنّ العيبَ فيّ وليس فيهم ، لأنّي أعتبرُ نفسي ضحيّة . . . الشّر يأتي من داخل النّفوس هكذا تقولُ الدّراسات . يشاركُ الباحثون في قمعي ، وروحي تصرخُ بي مؤنّبة بينما أحتقر نفسي . هل أنا ضحّيتهم . أم ضحيّة نفسي ؟ تحتارُ روحي منّي . لا تعرف إن كان عليها أن تصعدَ إلى السّماء أم تئنّ تحتَ الصفعاتِ ، وتلثمُ الأرض كي يصفح عنها الجبناء .
كلّما قاربتُ على النّجاح في أمرٍ. ظهرَ في تاريخي شبيحٌ . لا جنسَ له . يكون امرأة هي قرينتي منذ الطفولة ، وأحياناً يكون فارساً على حصان أبيضَ أتى ليخطفني كي يقيّدني بعيداً عن الأنظار ، وعندما أنظرُ إلى ابتسامته ، وأسنانه البيضاء بينما يرفعني لأركب الفرس خلفه، أكون قد فقدتُ كلَّ الأشياء التي أحبّها وأعرفُ أنّ قرينتي أوشبحي ليس وهماً . بل حقيقة واقعة .
في حياتي شبيحٌ . يسلبني روحي وأحلامي . منزلي وحديقتي وأيّامي ، وشبيحٌ آخر معادٍ له . يراهن على سرقة ما تبقى من حياتي . لا أعرف لماذا نُذرتُ أن أكرّس حياتي من أجلِ شبيح . فمنذُ أمنيتي الأولى في الحياةِ . سرقها أحدهم ، وقدّمها على أنّها أمنيته. ومدّ لي لسانه استفزازاً . متُّ غيظاً . أخفيت نفسي . أصبحت خائفة على الدّوام ، فكلما رأيتُ ابتسامةَ أحدهم على أنّه صديقي . أتمعّن بها. أعرفُ أنّها مجرّد تكشيرة ترغب في النيل مني .
الكثيرون مثلي . يشكون ذلك الذي يلاحقهم ليذلّهم . وعندما أربتُ على كتفهم كي أشاركَهم ما أشعر به . يتحوّلُ سلوكهم تجاهي مثلما كان سلوكُ الشّبيح تجاههم . مع هذا : أرفضُ على الدوام أن يسيطرَ ذلك الشّبح على عقلي وذهني . سأبقى حقيقية كي يبقى هو شبحاً أو وهماً ، ولن يتمكّن أحدٌ أن يطفئَ تلك الشّعلة الأبدية في داخلي
. من المؤكّد أنّ أغلبكم يلاحقه شبيحٌ مثلي . هو وهمٌ . سنكتشفُ قريباً أنّه ليس أكثرَ من كابوسٍ أتى في ليلةِ رعبٍ، ثمّ هرب خوفاً من الحقيقة . أستيقظُ من الكابوسِ لأكتشفَ أنّني استعدتُ نفسي .
من مقدمة رواية لم تنشر
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |