I
كنتُ بالقربِ من الله أجلسُ؛
آكلُ حبّاتِ الطماطم دونَ أن أغسلها،
أشربُ ماءً لم يمرَّ بأيّ مصفاةٍ خشيةَ أن يتلوّث
أغازلُ الفتاةَ التي تمرُّ أمامي ووتركُ ابتسامتها ثمّ تمضي
أضجر، أمارسُ الملل بدقّة
لا أزورُ المقابر، كنتُ ميتاً يحظى بالزّيارات
لكنني كنتُ بالقربِ منه.
....
كنتُ بالقربِ من الله، أنظرُ من علٍ
أطردُ الأنبياءَ من المكان، أنظّفهُ جيّداً
وأنتظرُ ضحايا المجزرة.
***
II
ليلْ.
...
يبدأ الليل..
...
في أصواتِ الليلِ ما يدعو امرأةً في أوّل شهوتها أن تتوحّد فيها النّشوةُ، ما يدعوها أن تفردَ ما تسطيعُ من الأشياءِ على ضفّتها، أن تصّاعدَ للأعلى أو تهبطَ من أقصى الرّجفةِ.. في الرّجفةِ صوتُ امرأةٍ لم يعرفْ أنّ الماءَ لديهِ خواصُ الليلْ.
...
يبدأ الليل..
فتىً في أوّل العمرِ يمضي إلى آخرِ العمرِ في قنبلة..
فتاةٌ تُعدّ لعريسِها ليلهُ......... العريسُ كان الفتى !
...
يبدأ الليل..
ليلُ المدينةِ أشدّ وحشةً من أيّ ليلْ، صخبُهُ خائف، الأضواء الهاربةُ إلى نفسِها خائفة، في المدينةِ يكثر الخوف، الخوف أثرُ البشر.
في القريةِ أصواتُ الليلِ تُشبهُ حكاياتٍ قديمةً كانت ترويها جدّتُك، أصواتُ الحشرات، الضفادع في الصيف، نباحُ الكلب، الشوارعُ الخاوية.. كلّ مفرداتِ الفراغ..
البشريّ يُضيفُ إلى الليلِ صوتاً لا تألفه أذن العتمة.. البشرُ خوفْ
المدينةُ بشر كثر.. المدينةُ خوفٌ كبيــــــــــــــــــــــــــر.
...
يبدأ الليل..
عندما يُغمضُ جفنيهِ أخيراً... أبداً
ذلكَ الشهيدْ.
...
يبدأ الليل..
لحظةَ أوّلِ قُبلة..
...
يبدأُ الليلْ..
إن خرجتَ من السّجنِ حيّاً..
...
يبدأ الليل..
في أوّلِ أحبُّكَ... ليلٌ تراهْ
...
يبدأ الليلْ..
حينَ بذارٍ يبدأ الليل.. ليلُ البذرةِ، حينَ تزمّلها التربةُ..
...
يبدأ الليل
في انقطاعِ القصيدةِ عن محتواها.
...
كلّما تكاثرَ الضّوءُ يبدأ الليلْ.
****
III
لديّ متّسعٌ من الضوضاء لأصمت
متّسعٌ من الأصدقاء لأكونَ وحيداً
متّسعٌ من الأخلاقِ لأشتمكم جميعاً
متّسعٌ من الرياحِ ليصفرَ في داخلي السّكون
متسع من النساء لئلّا أرى سوى أعضائكم الذكرية
متّسعٌ من الماءِ لتجفّ أوردتي
متّسعٌ من النارِ لأكون أبردكم
متّسعٌ منكِ لأنفجرَ منّي
متّسعٌ منّي لأبحثَ عني في صورِك
لديّ متّسعٌ من كلّ شيء،
أبحثُ عن متّسعٍ صغيرٍ هناكْ...
متّسع تتقاسمني فيهِ ديدانُ بلادي....