مذكراتً مبعثرةً على مكتب محام غائب
خاص ألف
2013-03-24
في هذه الليلةِ قد أرحلُ . أحاولُ أن أكتب لرحيلي عنواناً .
"ماتَ داخلَ مكتبه . رفضَ أن يهاجرً "
ابتكرتُ لنفسي قضيةً أعيش من أجلها . . .
الفكرةُ لا بأس بها : "رفضتُ "كلمةٌ تعشّشُ في وجداني .
رحلتُ في تلك الليلة .
تركتُ أوراقي المبعثرة ، قلمي، نظارتي ، ساعتي ، وبعضَ الهدايا التي أعادتها لي حبيبتي بعد أن خسرت قضيتها . تركتُ قلبي ، نبيذي ، وأشياء أخرى على الطّاولة ، احتميت في زوايا الحلم. ماتَ الحلم ، لا أعرف أني متُّ . أعتقدُ أنّني مستغرقُ في حلمي . أعيش في زوايا المكان هنا . أراقب ماضيّ ، وألمي . .
باقٍ هنا . أتناثرُ في جميع أرجاءِ أيّامي ، كما تتناثرُ روائح العمر . أنثر كلّ شيء
أوراقي ، وبقايا عشائي الأخير . .
ويطلّ يوماً إلى أمكنتي حبيبٌ . يأتي كي يجمعني ، ويلصقني . كي يعيدني من جديد !
"1"
منذ أن خسرتُ قضيّتهم . أطلقوا عليهم اسم " الأشرار "
هي مسؤوليتي . تبرعتُ في الدفاع عنهم . تحوّلوا من عبيدٍ إلى أشرار . . .
الفضاءُ الالكتروني يشعرني بالضّيق ، أيّ شخص أخذ حاجته من ثورة المعلوماتية . نحنُ أخذنا الفيس بوك كي نكملَ مسيرتنا في الصدّ والردّ التي شكّلت عالمنا الحقيقي ، والغرب أخذ منه فنّ كسب المال عن طريق السّوق والتّسويق ،وفئة أخرى تعمل في الظلّ من أجل الإنسان والحياة .
يبدو أنني أحدّث نفسي كتابة ! استمرْ يارجل. فهذا الفراغ سيقتلك . قد تخرجك الكتابة مما أنت فيه . . .
مستمرٌّ . مستمرٌّ
ترافعتُ في الكثيرِ من القضايا . ربحت دعاوى تثبيتِ عقود البيع والإيجار ، خسرت قضيتي في الدّفاع عن حقوقِ المظلومين ، الموضوعُ خارج عن قانون المهنة ، عندما أترافع في قضية لها قيمة إنسانية . تعود بالرّفض لعيبٍ في الشكل ، ترحلُ إلى قبوٍ تحلّ فيه جميع القضايا ، ويربح القضية النّجوم التي تقبع وراء طاوله ، على بعد عدة أبواب وعدّة حجّاب . الملائكة ترفرف حول النّجوم .
في ذلك القبو الذي يقيم فيه ذلك الرّجل" أبو النّجوم على الكتفين " : تمّ توقيع وثيقة بالدّم ضدي.كوني تربيتُ على الخيانة ، فأبي وجدّي خونة. وأهل حارتي ومدينتي أنتمي لأصلٍ وضيعٍ . هو حالُ مدينتي .
وصفوا قضيتي ب" قضيّة الشّر، والأشرار "
انقسمنا إلى جهتين : هم الأخيارُ أو الملائكة ، ونحن الأشرار
وعيّ أن أتظلّم إليهم في كلّ شكوى أو دعوى .
اختاروا محاميهم على شاكلتهم : نظيفاً . بذلته جديدة . وجهه يلمع ، تبدو زوجته سعيدة ، فهو من المدافعين عن حقوقها في شراء علب المكياج .
الأمرُ يبدو بيعياً ، ولو أنّه يتملّكني بعض الحسد غير المحمود ، وعندما شرحتُ لمفتي الدّيار عن حالة حسدي غير الحميدة . نصحني بالتامّل :
حتى الجنة أماكنُ السّكن متفاوتنة فيها بين سكن رفيع ، وآخر وضيع .
لم أكنْ أعلمُ أنّ في الجنة أماكن ضيّقة!
في آخرِ مرافعة لي قبل السّقوط . سخرَ القاضي منّي :
يوكلكَ الأشرار .
ستسقطُ كما سقط إبليس من اجنّة . خلق الإنسانُ للطّاعة ، وليس للاختيار .
ياسيدي القاضي : آدم أبو البشرية أخرجَ من الجنة ،لكنّه ليس شريراً
لم أكمل مرافعتي . هزأ من كلامي . هو رئيس القضاة . يفهم الدين ، والعلم ، والجنس ، يقول الشعر . يؤلّفُ الكتبَ ، ويفيض له بعض الوقت فيذهب هو ومدربته إلى الغابة . يمارسون الحياة ، وفق مبادئ التّاوية ، فقد أتقنها منذ كان يتدرّب على منصبه !
خسرتُ القضية . قضية الفقراء . النّساء . الشيوخ . الأقليات .الطّفولة . . . .
أقامت الملائكة دعوى ضدّي . اهي ملائكة لا تلوّثُ أيديها بقتلي . كلّ شيء متروك للقضاء !
أُحلتُ إلى محكمة مسلكية . حكمَ عليّ:
ترقين قيدي إلى إشعار آخر .
خالفتُ القانون . دافعتُ عن " الأشرار "
صرخ الجميع عند النطّق بالحكم
" يحيا العدل " وخرجوا من المحكمة في تظاهرة ضدي . بشكلٍ سلميّ وقانوني . سمعَ العالم بي من خلال فضائيات ، كلهم ينتمون إلى الملائكة، فأبوهم كان ملاكاً ، وأبي خائنٌ بالجينات .
خيّمَ على السّماء شيئ أشبه بالضباب . نزلَ الملائكةُ بالمظلات . ياقاتهم بيضاء . أعلنوا بنبلٍ منقطع النّظير أن يتبنوا كل اللقطاء . تبنّوا الثورة ، وأبعدوا عنها الثوار الذين انتهت مهمّتهم ، ومن يستمر منهم سيكون في قائمة الأشرار !
أخاف أن أتعدى على الملائكة بكلمة أو بنظرة .
طلبت في مرافعتي ما قبل الأخيرة : أن ننسى الماضي وأن نقرأ الفاتحة على روحه ،أو نصلي عليه صلاة الغائب . كانت تلك مجرد حيثيات .
قبل أن أبدأ . أداروا ظهورهم . وعملوا حلقةَ رقصٍ ثورية ، وقفت أتفرّج عن بعد .
أتى إليّ أصحاب القضيّة :
لم تحسنِ الدّفاع عنا . خرجنا من المولد بلا حمّص .
فلا كسبتَ قضيتنا ، ولا رقصنا معهم .
بقيت وحيداً أبحث عن الحقّ الذي أضعته . حق الموكلّين الذن خسرتُ قضيتهم .
الأمر لم يكن بيدي !
تحالفتِ الملائكةُ مع أبناء السّلطان ، ضدّ جميع الأشرار .
أحالتِ المحكمةُ الجلسة لتفسير كلمة "جميع "
طلبّ القاضي منّي المصالحة ، أو التّحكيم
في جلسة المصالحة الأولى :
كانَ ملاك الموت يهدّدني ، وأنا العاشقُ للحياة .
لجأتُ إلى التّحكيم :
أطلق المحكمون على خصومي لقب " رموزالحبّ "
وأصدروا حكمهم عليّ تحتَ عنوان :
" صاحب فتنة ، يلعب بالنار "
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |