مذكراتٌ مبعثرة على مكتب محامٍ غائب / 2
خاص ألف
2013-03-28
عتاب
لا تبكي . كفى أرجوكِ
تظنين أنّني حجرٌ
أراكِ تحدّقين في لاشيءٍ كبيرٍ ، وهامٍّ . .
تخرجين من بينهم بينما يتسامرون ، وترحلين . .
قابعٌ هنا أنتظرُ مجيئكَ . ِ أتراقصُ ثملاً . . .
ألمسُ حوافّ كرسيكِ . أمسحُ طاولتكِ ، وأجلب فنجان قهوتكِ. تأخذينه . تلتفتين إلي . أعتقد أنكِ كشفتِ ما ارتكبته من ذنوبٍ في غيابك ، فإذ بك لا تنظرين إلى شيء ، ولا حتى إليّ .
كلّما اقتربتُ منك لأمسكَ يدك . أخافُ . أتراجعُ . أصفعُ نفسي .
أتحدّثُ إليك أنتِ .
أين أنتِ ؟
لا تذهبي. . .
عفوكِ عزيزتي . لم أكنْ أعرف أنّني ميّتٌ . اعتقدتُ أننّي لازلتُ مستغرقاً في حلمي . أخاف الموت .
يالها من ساذجة ! تعتقدُ أنّ للبشر مشاعرَ مثلها .
مختصرةٌ موجزةٌ . لم تكتشفْ إلا القليل .
في مرّة بينما كانتْ تحضّر العشّاء -علماً أنّها لا تجيدُ فعل ذلك - تولّيتُ المهمة . شربتُ نخب غفلتها . أشربُ نخبها في السّرِ . هي غاضبةٌ دائماً على العنب والنبيذ .
لو تعرفين من أكون لما بقيتِ هنا يوماً واحداً
-هل زوّرتَ تاريخَ عقد البيع ؟
الصق فوق التّاريخ قصاصة . ثم أعدْ كتابته على النّسخة الأخرى
-أتمنى أن لا نتكلمي في العمل . لا تفقهين شيئاً عن حاجتي إليك .
دعيني مستغرقُ في موتي . لا توقظيني . لم نفهم من حياتنا الأمر الكثير .
-أتحدّثُ عن أمرٍ هام . عن موكّلنا المقتول !
خرج القاتلُ من السّجن لعدم كفاية الأدّلة . ماذا علينا أن نفعل ؟
-نبارك له . فموكلّنا شريرٌ
ولدَ وفي فمه ملعقة من فقر
-ألم أحذركَ أن لا تسخرَ من كلامي ؟
أتحدّث عن موضوع بغاية الأهميّة ، وأنت تطلق النكتة تلو الأخرى .
-كيف أُفهمُ تلك المرأة أن تكفّ عن الحديث في العمل ؟
خذي المذكّرة . اقرئيها وضعيها فوق مكتبي . أكتبُ مذكراتٍ رائعةً كي أثبت لنفسي أنني محامٍ . أقرؤها مراتٍ عديدة . أصفّق لنفسي . أربح كلّ القضايا .
كل ما في الأمر أن القاضي لم ينطق بالحكم لصالحي . لايجيد القراءة . يقرأ الحكم وفق روحانيات التّخاطر مع أصحاب المصالح العليا .
" سأشرب كأسك حتى الثمالة
فحبك قاتلي لا محالة "
أنا ثملٌ ، وفي أكثر حالاتي وعياً .
أدخلتِني في جوّ العملِ مرغماً :
صالحَ والدُ الميّت على دم ابنه . دفعوا عنه ثمنَ تكاليفِ مجلسِ العزاء
واشتروا لهم سطلاً من لبن الغنم مثل يشبه الجبن . تذوّقه بسبّبابته ، وكان قد استيقظ للتوّ عندما أهدوه اللبن .
- يبدو أنها إحدى شطحاته الفلسفية عندما يثمل .
اعذرني حبيبي . لم أكنْ أعرف أنّكّ لازلتَ على قيدِ الموت . أردتُ فقط تغييركَ لتصبحَ نسخة عنّي . نسخة واحدة تكفي .
- أنا طوعُ يديك . . .
غيّري كما تشائين .
عملتِ على ذلك أربعين عاماً حتى تغيّرتِ أنت وبقيتُ أنا قيد التّصحيح
كأس واحد فقط ثمّ أتوب إليك
وأصبح نسخة ، أو نسخاً . لافرق
هل تعرفين أين تقعُ بساتين الشّر ؟
اجلبي لي كأساُ من عصير عنبها .
- عد إلى موتك . مارسنا هذا العبث كثيراً في الحياة . أنت هكذا على الدّوام . الحياة هراء ، والموت هراء . متى نفهم أنفسنا . أرغب في البكاء . تحدّث عني دون فلسفة أو رياء .
-أتعاطفُ معكِ. تشبهين أمي ، وأمّتي . حزنتْ على أبي . كان يشرّبها من يديه السّم الزعاف .لم أفهم معنى حزنها يوم مات . كانت فرصتي أن أدخن سيجارة في حوش منزلنا . هل تعتقدين أنّني أشبه أبي في موضوع السّم هذا ؟
لا تشتمي الأموات أرجوكِ . سامحته بعد وصولي إلى القبر بلحظات .
أوكلُ لك قضيّة موكلتنا الجديدة حياة . سحبتِ الدّعوى . حضّري ملّفها . تريد أن تأخذه . تفاهمتْ مع قاضي الشّرع أن تربح الدّعوى كمهر مقدّم للزواج منه . والمؤخر بيتٌ على زاوية الشّارع باتجاه الجنوب . ستدفعُ لنا الأتعاب .
من وجهة نظري : ربحنا الدعوى
عادة لا نربح الدعاوى إلا بالصلح بين المتخاصمين ، أو وفاة أحدهم . . .
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |