ذكراتٌ مبعثرةٌ على مكتبِ محامٍ غائبٍ 6
2013-04-24
قوانين استثنائية
قمْ بسرعة . ألم تشبع موتاً ؟ أحتاجُ للحديثِ معك . حدّثني لو سمحت . لن أقاطعكَ أبداً . لا أسمعُ الجواب . دلّني إذن كيف أرحلُ إليك ؟
في صدري حشرجة . ليستْ مميتة تماماً . هي كالغصّةِ لا ترحلُ ولا تدعني أرحلُ .
عاجزةٌ عن التّعبيرِ أو البكاءِ . . .
أرغب برؤيّة شيء ما يشبه الحفرة . أختبئ فيه عندما أرغب في الهروب . ليس بالضرورة أن يكون الكنز مالاً . قد يكون قبراً حظيتَ به أنتَ وتركتني بين الأعاصير .
لماذا اختفيتَ ؟
أريد أن أحدثك بأمرٍ يخصّني . ظلمٌ لحقَ بي ، ولا أحدَ يستطيعُ فهمه إلا أنتَ. . .
من فضلكَ . وسّعْ قبرك قليلاً . سأجرّبه فقط . كم أحسدكَ كيف استطعت الرحيل ! موتك يشبه حياتي .
كفاكِ ندباً يا هذه !
نغّصتِ علي موتي ، وملأتِ روحي بالعويل . كلّ مافعلتُه أنّني ذهبتُ من طريقك وتمنّيتُ لكِ الحياة . كقى أرجوكِ فالأموات تضيقُ عليهم القبورُ عندما يحزنون .
هل لا زلتَ حبيبي ؟
أرغبُ أن أشكوَ أوجاعي . أمراضي . أيامي ، و ارتجافَ تفاصيل حياتي .
أحسُّ بالمرض . بالوجع ، بالآه ، أرغب في ترديدها ولا أستطيعُ .
أصبحَ قولُ الآه ممنوعاً عليّ ، وقولُ أشياء أخرى أيضاً . بينما أحني ظهري مستسلمةً لإرادة عمودي الفقري . مطلوبٌ منّي أن أمشي منصوبة القامة
لا أرغب في نصب قامتي . أحاولُ أن أدبّ على أربع !
هل تدري ؟ أفكّر أنّني لم أكن مهيئةً للزّواج ، ولا للأمومة ، ولا لنوائبِ الزمان . لا تحكمني غريزةُ البقاء . أنفرُ منها . أعتقدُ أن أحدهم سمّاها كذلك لتخفيف وطأة معناها . قد يكون الجنسُ حبّاً في بعض حالاته ، وقد يكون عملاً يدعو للاشمئزاز في أغلب حالاته .
أرغب بالعودة إليه - أعني التّوحد - الذي أرتاح معه ويرتاح معي .
لم أعد ألتق به .
سأتحدّث لك عن دستور زريبة أمّ عبّاس . إن كنت تراه سليماً دعنا ننسخ نسخة منه لعائلتنا ، وأخرى لوطننا .
عندما ذهبت لأشتري الحليب . أجلستني خارج حدود مزرعتها . قالت أنه دستورها . اتفقت مع ذاتها على تنظيم شؤونها وفق نمط معين في إطار الزريبة تقول: أنه لايمكنها تعديل الدّستور لأنه يتمتّع بقدسيّة.
كفى ثرثرةً . . .
لم تتوقفي لحظةً عن الكلام . لديّ أشياء كثيرة حول هذا الأمر - أعني الدّستور - طارت بفعل ثرثرتك . أم عبّاس على صواب . الدستور يسمو على جميع القوانين و التنظيمات داخل الدولة الواحدة، النظام القانوني في الدولة يأخذ شكل هرم حيث يخضع التشريع الأدنى للتشريع الأعلى منه درجة، وعلى قمة الهرم نجد الدستور الذي يتميز بالسّمو، إذ أن جميع القوانين يجب أن تنسجم مع أحكامه.
أتحدّث عن زريبة فيحدّثني عن دولة . هل ترغب أن أشرح لك هذا عن ظهر قلب؟ .
لا . لا أرغب . فقط أخرجي ملف قضية "الخائن" أبو رامان .
أخرجته . ملّفه فارغ . فقط يوجد توكيل من والده لنا ،ولم نفعل له شيئاً .
ماذا في وسعنا أن نفعل . تحوّل لمحكمة ميدانية . لا نعرف متى تبدأ ولا وفق أي قانون تحكم . ولا يحق لنا المرافعة عنه ؟
وهل يمكننا الدفاع عن " خائن " ؟
لو تمكنتُ من صفعكِ لفعلتُ . لكنّني مجرد شبح . تستحقينَ أن تدخلي مكان الرجل إلى السّجن . كلّ من يقولون عنه خائن في حظيرة الوطن هو بريء رآهم في جرم خيانة مشهود ، ويريدون التّخلص منه .
أبو رامان سياسي مخضرم . يرفع صوته في وجه قيادة حزبه ، وهو أقدم حزب في " الجبهة الوطنية " ضاقوا ذرعاً به فأوكلوا أمر تأديبه إلى السّلطات المختصّة . وجهت له تهمة : " الاتصال بدولة أجنبية من أجل الإنفصال عن الدّولة السّورية "
تتحدّثُ لي عن أشياء لا أفهمها كأنني أعيش في عالم آخر . لا أفهم ما تقول . في مرة حدّثتني مرّة عن حرب تشرين . قلت : أن الضّباط الأبطال الذين أنقذوا حياتكم من الأسر . سرّحوهم من عملهم وسجنوا البعض . لا أصدّق هذا . ما مصلحتهم في ذلك ؟
ربما استطاعوا تجهيلكِ كما فعلوا مع الجميع . نادمٌ على الزّواجِ منك . هل يمكن لأم رامان التي تسكن في القرية ولم تنل قسطاً في التعليم أن تكون أفضل منك ؟ استقبلت مفرزة الأمن بالحجارة وشتمتهم ووعدوها أن يعدموا زوجها .
ربما أنتَ على صواب . لم أتعرضْ للفقر مثلها . وعندما أُحرقَ سجن الحسكة بالكيماوي ، تحدّثتُ أمام أصدقائي الثوريين في دمشقَ . سخروا منّي وتبنّوا مقولة الدّولة ، ملمحين إلى أنّ الكورد انفصاليون ويجبُ معاقبتهم . وتحدثوا حول ثورة إيران اللوثرية ، وما كدّتُ ألفظ اسم حسن نصر الله حتى قال لي أحدهم : " أنا أعبده وأركعُ له ، ومستعدٌ لقتل كلّ من يتحدث عنه بسوء " صدّقتُ الرّجل لولم يكن "نصر" يحمل سرّ الحسين. كيف كان له أن يفعل مايفعله بلبنان دون أن ينبث أحد ببنت شفة . كل اللبنانيون يهربون خوفاً منه . أكدّ لي صديقي في دمشق : أنّ اللبنانيين كلّهم خونة عدا نصر وحلفاءه .
قلبتِ الموضوع سياسياً ، ونحن نتحدّثُ بالقانون . ابعديني عن السّياسة هي لعبة قذرة . افتحي لي ملف خليف .
ومن هو خليف ؟ لم أسمعْ به .
الرّجل الذي قُتلَ أخوه من أجل تهريب قطعان الماشية بين الجزيرة والعراق .
في ملفِ خليف ياعزيزي . مكتوبٌ بخط يدك . أحيلَ إلى محكمة عرفية ، ولم يحدد الحكم بعد .
قد يقضي حياته في السّجن دون أن يحدد حكمه ، فخليف كان يعمل لصالح الأمن السياسي ، وبعضهم كان يعمل لصالح الأمن العسكري . هو صراع بين الأجهزة ذهب خليف ضحيته وهو مجرّد بدوي يعمل في تهريب الأغنام .
نعم . تذكرت . أتى إلينا في سيارة فارهة ومعه سيدتان . إحداهما طلّقت زوجها من أجله . كم كانت السيدتان فاسقتان !
لماذا لم أقرأ عن هذه القوانين الاستثنائية مع أننا نعمل في مكان واحد ؟
لأنّكِ تعتبرينها قوانين عادية . هي قوانين استثنائية تتجاوز على الدّستور . أصبحت القوانين العادية هي " الاستثنائية "
كأنّني لا أرغبُ برؤيتكَ . ملأتَ قلبي بالغمّ . عدْ إلى حفرتك . قلبتَ مفاهيمي . فمنذ اليوم لن أستطيعَ أن أمارس عملي ، أحتقرُ القانون والقاضي . لماذا فعلت ذلك ؟ ليتني بقيتُ مغمضة الذّهن .
خبئيني خلفك ِ . أراهم قادمون . أخافُ منهم . استطاعوا قتلي وكنتُ وحيداً لم أستطع مجابهتهم .
ممّن تخاف ، وهل الأشباح تخافُ ؟ من المفروض أن يخافوا هم منكَ . . .
أرأيتِ ؟
كلّ أفكارك معكوسة . الأشباحُ لا تؤذي . فقط البشرُ لديهم حبّ الإيذاء ، وهؤلاء الذين يجلسون حولكِ من ربعي وأصدقائي ، يرغبون كسبَ ودّكِ كي تساعديهم على البلوغ لمآربهم . هم يستغلّون طيبتكِ .
لايهمّ موقفكِ منهم . فقط أنا خائفٌ
خبئيني من البشر
أردتُ أن أموت كي تنتهي علاقتي معهم ، وأصبح شبحاً
حبيبتي . خائفٌ أنا من الزّمان ، فلا زلت أعيش قصّة حبّ
ولا أرغبُ أن تموتَ أو تختصرَ
ابكيني كي أرى دمعكِ من جديد
سأستمع لنداء عينيكِ
لم أعد أمسحهما منذ زمن
أرغبُ أن أعتذرْ
عن أصلي وفصلي وخطاياي
عن وضعك في عين العاصفة
حبيبتي. أعيديني لحظةً واحدةً إلى الحياة
كي أمسكَ يدكِ ونمشي أمام حديقتنا .
لم أشبع من الحياة
وربما لم أعش
عندما جهّزت نفسي للعيش . انزلقت رجلي إلى حفرة
كم تألّمت عندما كنت تجلسين تحت الياسمينة
ودموعها تنزل زهراً كالمطر
جاثيةٌ كنتِ قرب القدر
وثياب العرسِ تشكو الوحدة . فلا عريس منظر
كفاكَ شعراً ونثراً ، فما برعتَ سوى بهذا . كويتَ صدري بنار الزّمان بينما كنتُ أنتظرُ
أبكيتني الآن . طلبت منك أن تكفّ عن ملاحقتي ولم تفعلْ
سأفعل مايحلو لي . تحرّلارت منك
لم أتحرّر ، فأنا كاذبةٌ
لازلتَ تقيم معي . لازلتُ أشعر بك . وقصتي لن تنتهي
وعمري يرحلُ إلى الحزن
وأنتظر
08-أيار-2021
04-تموز-2020 | |
19-كانون الثاني-2019 | |
10-كانون الأول-2015 | |
19-تشرين الثاني-2015 | |
05-تشرين الأول-2015 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |