ويلحظ العقاد أن عبقرية الرومي الشاعرة تخطَّتْ اللغات؛ فاحتفظت بروعتها وقاموسها العذب، وجوهرها النفيس: «ومن هنا كانت بلاغة الشاعر الصادق (جلال الدين) من ذلك النمط الذي يتخطى اللغات، ويحتفظ بجوهره من لغةٍ إلى لغة، مع صحة الترجمة في معناها، وقد يطَّلع القارئ على حكمة المثنوي في غير الفارسية-كما نصنع نحن حين نطَّلِع عليها في ترجمتها الإنكليزية- فلا يفوته الجوهر النفيس، من تلك الحكمة وراء الألفاظ والتراكيب؛ لأنه حكمة الإنسان الخالد، التي يُعبِّر عنها كل لسان». وبعين الناقد الحصيف، وبصيرة الشاعر الكبير،
في يقيننا ان دوستويفسكي أعطى هنا المفتاح الأساس لولوج هذه الرواية، وهو يعرف ان ما سيلي من أحداث لن يكون منه إلا ان يعزز هذا المفتاح، من لقاء راسكولنيكوف بصونيا التي تبيع جسدها بدفع من زوجة أبيها المخمور، الى لقائه بالمحقق الذي يبدأ بالشك به ثم يجرّه الى الاعتراف، الى وصوله السجن. فجحيم راسكولنيكوف هنا، انما هو هذه الأحداث نفسها التي جعلته من البشر، انساناً عادياً اقترف جريمة عادية، هو الذي كان يريد لجريمته ان تكون اصلاحاً للمجتمع يقوم به الفرد المتميز لمصلحة البشر الآخرين.
زاد الأمر تعقيداً نجاح السلطة في منع المتظاهرين، بالحديد والنار، من السيطرة على ساحة أو ميدان عام للتجمع والاعتصام يفتح مساحات للتفاعل المباشر بين فئات المجتمع، والأنكى استحضار ما تيسر من خلافات بين الفئات والطوائف، وتشجيع تسلل عناصر مغرضة في وسائل التواصل الاجتماعي وفي صفوف الحراك الثوري لترويج أفكار دينية متطرفة، وفي الطريق المبالغة في تحميل بعض الهتافات الدينية مضامين طائفية حاقدة لاستفزاز الشعور الخاص لدى بعض الأقليات كي تستمر في خوفها من التغيير.
يقتضي الأمر العمل من داخل هذه العملية التاريخية الكبرى التي هي الثورة، وكان من شأنه أن يفرض انضباطاً نفسياً وفكرياً وسياسياً على المنخرطين فيها، فيقلل وسوسة شياطين الخصومات القديمة، ويتيح الخروج من ظلمات النفوس إلى ضوء الغيرية والتغير. يمكن العمل في الثورة أن يقرّب أفكارنا وتصوراتنا من الواقع العياني، ويحسن معرفتنا بالمجتمع السوري، وإن هو لم يوحد إرادتنا فإنه يُدرجنا في عملية واحدة ويقرّبنا من بعضنا بعضاً.
ذلك لا توجد تلك السلطة الكهنوتية التي تحدد معاييرها الخاصة الخطأ والصواب، فالضمير في الإسلام هو المعيار النهائي للأعمال لا الكنيسة، فلا طقوس اعتراف أو توبة أو تعميد ينهض بها أحد (رجل دين) لأحد من «المؤمنين» لأن رجل الدين في الإسلام لا يعدو فقيهاً، له فقط حق التعليم أو التفسير وليس الرقابة على الإيمان، لأن الكتاب المقدس في الإسلام وهو القرآن يقرأه الجميع ولا احتكار لقراءته أو تأويله بشرط وحيد «موضوعي» وهو العلم بأساليب البيان، وليس بشرط انتقائي / تفضيلي أو «تحكمي» هو الانتماء الى السلك الكهنوتي.
في الوقت الذي كانت مناهج العلوم السوسيولوجيّة مهيمنة على الساحة الغربيّة عموماً في منتصف القرن العشرين، كان السيد هاملتون جب ومن بعده مونتغمري وات، اللذان نهلا من تلك المناهج، يغلقان باباً أمام معرفة وضعانيّة تاريخية وفيلولوجيّة... في دراسة التراث الإسلاميّ، هذه المعرفة التي دُعيت لاحقاً بـ «الاستشراق الكلاسيكيّ». وفي الحقيقة، يُعتبر وات آخر من أغلق أبواب ذلك الاستشراق، ومهّد تالياً لنمط معرفي استشراقيّ في الغرب، سندعوه بـ «الاستشراق الحديث». هكذا،
فبعد سقوط خيار الحسم العسكري الخارجي والداخلي، فإن الحسم لا بد وأن يأتي من الانتخابات، التي إن أقصت الرئيس الأسد، فهذا شأن الناس وخيارهم، وإن ابقته فنتائج الانتخابات في الدول ينبغي احترامها. أليس هذا ما يفعله الغرب في تطبيقه لديمقراطيته. لماذا نحن نتوق في ساحاتنا العربية لاستحضار وتجريب هذه الديمقراطية، ثم نتخوف من نتائجها. لذلك على النظام السوري والمعارضة ان يدركا أن سوريا الآن تغيّرت، وان المواطن أكان مؤيداً للنظام أو معارضاً له قد تغيّر، والمطلوب التعبير عن هذا التغيير سياسياً وديمقراطياً، والا فإن الخراب والدمار سيأكل الجميع
ربما تكون الإشارات المختلفة أو المتناقضة في أدبيات الإخوان حصيلة توافقات داخلية ضمن الجماعة نفسها، فليس سراً وجود تيار معتدل وآخر متطرف، لكن هذا التوازن يبقى هشاً لجهة عدم الانتصار النهائي لأنصار الاعتدال، ومن جهة ثانية لا يستطيع الإخوان مفارقة أصولهم بوجود إسلاميين أكثر تطرفاً قد ينهشون في جمهورهم المفترض. هذه العوامل لا تساعد بالتأكيد على إحداث قطيعة كبيرة مع الأصول الفكرية، ولا تساعد أيضاً على بناء الثقة مع أطياف أخرى من السوريين.
وعلى العكس من ذلك فقد بدا سحر عرض سامر عمران «المهاجران» نص سلافومير مروجيك (2008) أنه عرض في ملجأ، في مكان مهمل معد ليكون ملاذاً وقت الحرب، هناك حيث استقر مهاجران يعيشان على هامش المدينة، كان النزول إلى اسفل، وثقل الاسمنت العاري، والكتابة على الحيطان، وقلة الهواء في المكان، كان كل ذلك جزءاً من العرض، وهو أخذ صدى كبيراً، قد يكون استثناء في تاريخ المسرح السوري
فإن المعلومات تشير إلى أنه حتى اللحظة، فإن المسودة الأولى للبيان الختامي لمؤتمر إسطنبول، مثلما أُقرت في أروقة الدول الكبرى، تنصّ على الآتي:
_ إطلاق نداء للأقليات الدينية في سوريا للانخراط في الحراك الشعبي السوري ضد النظام، بهدف تنظيمها وضمها إلى الحراك الشعبي السوري. _ العمل على تفعيل العقوبات ضد النظام السوري، ولا سيما تلك العربية والتركية منها دعم المعارضة السورية وتوحيدها، والنظر في إمكان إنتاج جسم جديد جامع لها ... دعم المعارضة