في الإجابة عن السؤال الخاص بـ «حزب الله» قال غليون ما يأتي: «علاقتنا مع لبنان ستكون علاقة تعاون واعتراف متبادل وتبادلات قائمة على المصالح، وبحيث نعمل مع لبنان على تحسين الاستقرار في المنطقة. وكما ستتغير علاقتنا مع إيران فإن علاقتنا مع حزب الله ستتغير. حزب الله بعد سقوط النظام السوري لن يبقى كما هو، ولبنان يجب أن لا يُستخدم ساحة لتصفية الحسابات السياسية كما كان يحصل أيام الأسد. أما حماس فقد انتقلت إلى سياسة جديدة وهي تعمل الآن مع منظمة التحرير لتوحيد الفلسطينيين،
قد يكون «الشارع» هو المفهوم الأهم الذي حرَّضت الثورات العقل على ضرورة إعادة قراءته ومراجعته، في ضوء ما يجري على الأرض، ما دام للمفهوم، أي مفهوم، دلالات زمانية ومكانية، فقد كشفت ما يرزح تحت ذاك المفهوم من مغالطات، إذ إنّ الشارع ارتبط طويلاً في ذهن الناس باللاأخلاق، إلى حدّ ما، وجرت قولبته بمجرّد امتداد يرتاده اللصوص ومدمنو المخدرات وبنات الهوى والمتسوّلون والمتشرّدون والحثالة. ولطالما كان الهاجس الأكبر للمربّين، آباء كانوا أو أمهات أو رجال دين، أساتذة أو ساسة، هو تحذير الناس، باعتبارهم «قاصرين»،
لا بدّ للنساء من أن يخترن النظام الذي تكون فيه المرأة شريكة حقيقية في الحكم، والإدارة، والتنمية، لا أن يكنّ ذوات حضور وهميّ، في نظام يجعل منهنّ أداة بيد المركزة. إنّ هذه المرحلة التاريخيّة من حياة المنطقة العربيّة، التي تعاد فيها صياغة الحيثيّات الكبرى، هي فرصة للنساء ليجدن سبيلاً للفكاك من الدور النسقيّ، والاستعمال الجندريّ، لذا عليهنّ أن يحوّلن ما يعامل على أنّه خاصّ ومحدّد، وليس فيه مصلحة عامة للشعب، إلى ما هو سياسي، لا أن ينتظرن، كما يفعلن دائماً، أن يفضي السياسيّ إلى ما هو خاص بهنّ.
نعثر، كذلك، على مَنْ عدّ ذاته في صفّ الانتفاضة، فكتب عنها، ونظّر لها، وسمّى نفسه ناطقاً باسمها، فوضع الكرة في ملعب النظام وحده، وعلى عاتق السلطة ألقى مسؤولية المسير بسورية إلى برّ الأمان، أو دفعها إلى هاوية المجهول. وحين يتسامح قليلاً مع السلطة، فإنّ ذلك المثقف يشرط التسامح بسؤال قاطع: هل 'النخب الحاكمة والمالكة' قادرة على اجتياز الاختبار الذي يطرحه عليها الحراك الشعبي؟
هل ستتعاون مع الشعب، وخاصة شبابه، فتصلح ما أفسدته ممارساتها الأمنية خلال عقود طويلة؟ وهو، كذلك، اعتاد الكتابة عن الإصلاح بوصفه ردماً للهوة بين الواقع والفكر، أي بين 'واقع البؤس' الذي تمثله الأنظمة القائمة،
وبصرف النظر عما إذا كانت أسباب انقلاب حافظ الأسد على رفاقه أيديولوجية وسياسية فعلا أم شيئا آخر فالأمر، في حد ذاته، يدعو إلى التأمل. فعندما تنقلب على رفاقك لتلك الأسباب (كبح جماح التطرف اليساري، تليين الموقف من الغرب) لا بد من أن تؤسس "شرعة" أو "عصبية" جديدة. لا بدَّ لشيء أن يحل محل شيء آخر. لم تكن تلك "الشرعة" التي جاء بها حافظ الأسد، في نهاية المطاف، سوى دفع "التطرف" الأيديولوجي إلى الوراء، وإعادة الاعتبار، جزئياً، للشرائح الاجتماعية التي تضررت من "السياسات الاشتراكية" الراديكالية التي انتهجها حكم صلاح جديد – نور الدين الأتاسي.. والتأسيس لعبادة الفرد
لن يغدو من الحصافة المعرفيّة والنقديّة في شيء، الادعاء أنّ محمداً قد دعى في يوم من الأيام إلى شيء أسمه «الإسلام» كما نعرفه اليوم، فضلاً عن الادعاء أنه قد أسّس «دوغما عقيديّة وشعائريّة» مُميّزة عن غيرها من الموحدين، قد أمر الأمة التي تكونت حديثاً في مكة ومن ثم في يثرب، لإتباعها. أولئك الأفراد الذين سيشكلون ما تعارف عليه التراثيون بـ «صحابة» محمد، لم يكونوا سوى «مؤمنين»، وليسوا بـ «مسلمين». إنهم «مؤمنون» بالدرجة الأولى، و«مهاجرون» بالمعنى الدينيّ للكلمة بالدرجة الثانية.
وهكذا، لا بدّ أنّ الفتى الشهيد غياث مطر كان قد خضع لأعراف تلك 'التربية البعثية' ذاتها حين ثار عليها وخرج إلى تظاهرات بلدته داريا، قبل أن يصبح ناشطاً فيها، وقائداً لها. وأمّا انتصار الانتفاضة السورية الوشيك، الذي صار دانياً قريباً، ومضرّجاً أكثر من ذي قبل بدماء السوريين للأسف، فإنه لن يكفل للوليد غياث غياث مطر مستقبلاً خالياً تماماً من تشوهات تلك التربية القبيحة، فحسب؛ بل سيجعل عيد ميلاده بمثابة الذكرى الأخيرة لنظام الاستبداد والفساد والنهب والحكم العائلي.
عيد ميلاد سعيد، إذاً، يا ابن جميع السوريات والسوريين
هناك خطر الاضطرار إلى استخدام القوة من الخارج ولكن ليس كتدخل عسكري كلاسيكي
بـرهـان غـلـيـون لـ«الـسفـيـر»: لا لبـنـنـة للـحــراك الـشـعـبـي
عـلـى الجـامـعــة الـعـربـيـة إشــراك الأمــم المتـحـدة فـي الحـل
يتوقع غليون، في مقابلة مع «السفير»، أن تذهب الجامعة العربية نحو إشراك الأمم المتحدة في مبادرة عربية ـ دولية، تتجاوز عقبة الفيتو الروسي في مجلس الأمن الدولي نحو استصدار قرار بحماية المدنيين السوريين من القتل اليومي
والواقع أن المعارضة السورية بكل أطيافها تجد نفسها في وضع أخرق منذ بداية الثورة. فهي لم تفجر الثورة، ومشاركتها فيها محدودة، وتأثيرها فيها محدود بدوره، لذلك فإنها لا تكتسب وزناً إلا من اعتناق هدف الثورة المباشر: إسقاط النظام. إن قصرت عنه أو ترددت في شأنه تخسر اعتبارها، وقد سُمعت في التظاهرات السورية هتافات تندد بأسماء معارضة معروفة، تقول أشياء غير واضحة. لكن من شأن انضباط المعارضة بمزاج الجمهور الثائر أن ينال من قدرتها على أداء دور سياسي أكثر مرونة واستقلالية
وكانت الحصيلة هي غياب الفاعليات الثقافية عن الحياة السورية، وانحسار غالبية المثقفين إلى الوراء، باستثناء البعض الذين أبقى عليهم النظام كواجهة تزيينية، ترافقت مع سياسات التحقير والتهميش وفرض الفُرقة الإنسانية بينهم. ومن خلال موالين نافذين أتاح لهم النظام أن يتغلغلوا بين صفوف المثقفين من الصنف الأول المعارض، جرت عمليات منتظمة لتغذية شتات المثقف، بخاصة أثناء ربيع دمشق الشهير والقصير، عندما شعرت السلطة أن المثقفين بدأوا يجمعون أنفسهم من جديد، ويعيدون طرح وجودهم كمشاركين حقيقيين في الحياة العامة السياسية والاجتماعية