معضلات عالمية
يطرح الكتاب عددًا من التساؤلات من قبيل: هل نحن في مرحلة تولي قوى منفلتة من عقال كل نظام رسم وجه المستقبل؟ هل ستنتهي الأزمة الاقتصادية إلى أشكال تعاون جديدة أم أنها سوف تحيي الصراعات الناتجة عن النزعة الحمائية؟ هل تساهم التكنولوجيا الجديدة في محاسبة المواطنين للقادة أم يتوسلها الدكتاتوريون في ملاحقة معارضيهم؟ هل تساهم القوى الناشئة، على غرار الصين والبرازيل والهند، في حل المشاكل الدولية أم تنفخ في نار الاضطراب؟ هل يشد الترابط المتعاظم بين دول العالم لحمة التضامن أم يُضحِي مصدرًا لصراعات جديدة؟ إذا كانت أميركا راغبة في لعب دور مسؤول، وعليها أن تفعل، في تطور النظام العالمي، فما الذي ينبغي عليها بالضبط أن تمنع حدوثه مهما كلّف الأمر ولو بمفردها من دون مشاركة الآخرين؟ وما الذي ينبغي أن تسعى لتحقيقه حتى لو تمنَّع هؤلاء عن دعمها؟ وبطريقة عكسية ما الذي يجب عليها أن تمتنع عنه ولو أصرَّ عليه الآخرون، من دول وتحالفات؟ وما طبيعة القيم التي تسعى للوصول إليها؟ وكيف يمكن الجمع بين تجارب تاريخية مختلفة وقيم متباينة في نظام عالمي مشترك؟... إلخ.
أرجوزة في اللواط، ربما تعمد قائلها إخفاء اسمه، حتى لا يتابعه الذين أشار إليهم: (قاضينا – الباشا – جنرال – الزعيم – الشيخ عبد الحي) وهي إشارات عامة – تكاد تكون “مبهمة” -، لا يدركها إلا الراجز وخلصاؤه والمعنيّون، ولا يمكن تجلية حقيقتها إلا بدراسة تكشف الراجز، وملابسات النظم، وتاريخه … فعسى أن يتصدى لذلك من تسعفه المعلومات الدقيقة والمراجع.
لذلك قد أخطيء – انطلاقا من الحدس – في إسقاط “الإشارات” على “من أشار إليهم”. غير أني أميل إلى تخمين تاريخ الأرجوزة في النصف الأول من القرن العشرين. فلفظة (جنرال) مرتبطة بالجيوش الأجنبية. ولم يعرف المغرب الحماية إلا من سنة 1912 إلى 1956 -،
فقلت لغلام كان عبية أسراري. وجهينة أخباري، ويحك اقتص الأثر، وأوضح لي الخبر، واعرف الورد والصدر، وعرفني أين الكناس. ومن الناس، انطلقت مهرولا وأنشدت مستغربا.
من المتقارب
نظرت المها على غرة ... فعاينت شمسا وبدرا منيرا
وشاهدت إذ نظرت وانثنت ... غزالا غريرا وغصنا نضيرا
وعدت إلى داري، كاسف البال، سيئ الحال، مغلوب الجلد والاصطبار، مسلوب القلب والقرار، لا أجد أنسا بحاضر، ولا أهش لخليل ولا مسامر، من الطويل
إذا غبت لم اجزع لبعد مفارق ... سواك ولم أفرح بقرب مقيم
فيا ليتني أفديك من غربة النوى ... بكل خليل صادق وحميم
حتى تبعث بمنازلهم أموات النبات، وتنشر رمم الأزهار الهامدات، وتكتسي من مطارف الروض الوشائع المفوفة، والحبرات، وتجلى عرائس الربيع في ملابسها الفاخرة، وتحدق عيون النرجس الناظرة إلى وجنات الورد الناظرة، فيبتسم ثغر الأقاح وتميل قدود الأغصان من الارتياح، فتصفق الأنهار على الإيقاع، وتتمايل الأزهار راقصة على السماع، وتشرب الخمائل من رضاب الطل سلافة عاصرها المعصرات، وساقيها العيون الهاطلات، وتغرد خطباء الأطيار على منابر الأغصان طربا، فينشر الندى على الزهر لآلئا وحبياً من الخفيف
( ألم ترنا أعز الناس جارا ... وأمنعهم وأمرعهم جنابا )
( لنا الجبل المطل على نزار ... حللنا النجد منه والهضابا )
( يفضلنا الأنام ولا نحاشي ... ونوصف بالجميل ولا نحابى )
( وقد علمت ربيعة بل نزار ... بأنا الرأس والناس الذنابي )
( ولما أن طغت سفهاء كعب ... فتحنا بيننا للحرب بابا )
( منحناها الحرائب غير أنا ... إذا جارت منحناها الحرابا )
( ولما ثار سيف الدين ثرنا ... كما هيجت آسادا غضابا )
( أسنته إذا لاقى طعانا ... صورامه إذا لاقي ضرابا )
( دعانا والأسنة مشرعات ... فكنا عند عودته الجوابا )
( صنائع فاق صانعها ففاقت ... وغرس طاب غارسه فطابا )
( وكنا كالسهام إذا أصابت ... مراميها فراميها أصابا ) - من الوافر -
فلو أدرك ابن الرومي زمانه لما احتاج إلى أن يقول - من الكامل -
( ذهب الذين تهزهم مداحهم ... هز الكماة عوالي المران )
( كانوا إذا امتدحوا رأوا ما فيهم ... ملأريحية منهم بمكان )
وكان كل من أبي محمد عبد الله بن محمد الفياض الكاتب وأبي الحسن علي بن محمد الشمشاطي قد اختار من مدائح الشعراء لسيف الدولة عشرة آلاف بيت كقول أبي الطيب المتنبي - من الطويل -
( خليلي إني لا أرى غير شاعر ... فلم منهم الدعوى ومني القصائد )
( فلا تعجبا إن السيوف كثيرة ... ولكن سيف الدولة اليوم واحد )
( له من كريم الطبع في الحرب منتض ... ومن عادة الإحسان والصفح عامد )
( وخير الشعر أكرمه رجالا ... وشر الشعر ما قال العبيد )
وإن أخرت متقدما فعذري فيه أن العرب قد تبدأ بذكر الشيء والمقدم غيره كما قال الله تعالى ( هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن ) وقال تعالى ( يا مريم اقنتي لربك واسجدي واركعي مع الراكعين ) وكما قال حسان ابن ثابت وذكر بني هاشم
( بها ليل منهم جعفر وابن أمه ... علي ومنهم أحمد المتخير ) - من الطويل -
وكما قال الصلتان العبدي
( فملتنا أننا مسلمون ... على دين صديقنا والنبي ) - من المتقارب
يا من ألوذ به فيما أؤمله ... ومن أعوذ به مما أحاذره
اعوذ، وألوذ: متقاربان في المعنى.
يقول: يا من ألتجىء إليه في آمالي، ويا من أعتصم به مما أخشاه وأحذره من المكاره.
ومن توهمت أن البحر راحته ... جوداً وأن عطاياه جواهره
الهاء في جواهره: للبحر.
يقول: يا من خلت أن راحته هي البحر وأن عطاياه هي جواهر البحر التي تخرج منه؛ لأن الجواهر لا تكون إلا من البحر.
ارحم شباب فتىً أودت بجدته ... يد البلى وذوي في السجن ناضره
الهاءات: كلها للفتى.
يقول: ارحم شباب فتىً أهلكت البلى جدته، فأخلقته، وذبل في السجن ما كان ناضراً منه
ردي حياض الردى يا نفس واتركي ... حياض خوف الردى للشاء والنعم
وقد روى: حياض الردى حوباء: أي يا حوباء وهي النفس.
يقول: يا نفس ردي حياض الهلاك واغشي غمرات الحروب واتركي حياض غير الهلاك للشاء والنعم. وأراد ها هنا الجبناء الضعفاء، لأنهم بمنزلة البهائم! وروى: حياض خوف الردى: أي اتركي الخوف من الردى. وروى: الحياض الذين هم بمنزلة الشاء والنعم.
إن لم أذرك على الأرماح سائلةً ... فلا دعيت ابن أم المجد والكرم
يقول: إن لم أتركك يا نفس سائلة على الأرماح، مقتولة أو مجروحة، فلا نسبت إلى المجد والكرم. بالغ في وصف نفسه بالمجد والكرم.
أيملك الملك والأسياف ظامئةٌ ... والطير جائعةٌ لحمٌ على وضم
الوضم: الخشبة التي يقطع عليها اللحم. ولحمٌ: رفع لأنه فاعل يملك.
ولقد بكيت على الشباب ولمتي ... مسودةٌ ولماء وجهي رونق
يقول: بكيت على فراق الشباب قبل نزول المشيب بي، وعند ما كان شعر رأسي أسود، ولماء وجهي رونق، وذلك لعلمي بزواله، وحذري من فراقه.
حذاراً عليه قبل يوم فراقه ... حتى لكدت بماء جفني أشرق
حذاراً عليه: أي على فراق الشباب. وروى: بدمع عيني أغرق. ونصب حذراً لأنه مفعول له.