Alef Logo
ابداعات
              

أقصوصتان

الياس توفيق حميصي

2010-03-28

خاص ألف
أُنثى المـرَّةِ الأولـى

كانَتِ الأُولى التي مارسْتُ مَعَها أجملَ اللحَظاتِ في عُمرِي؛ هيَ في التَّاسِعَةِ مِنْ عُمرِها، وكنْتُ في الثَّامنةِ عندما كنَّا نلعبُ معاً، خلفَ بابِ مَدْخَلِ بيتِ الجيرانِ.
كانَ الوقتُ ظُهراً، وَالشَّمسُ تُراقِبُنا عَنْ كَثَبٍ. جلسْنَا على دَرْجَةِ السُّلَّمِ الصَّاعِدِ إلى فوقَ؛ أَغْلَقَتِ البابَ، وبَدَأَتْ تُداعِبُنِي، مَدَّتْ كَفَّها الصَّغيرةَ النَّاعمةَ مِنْ تَحْتِ بِنطلونِي القصيرِ؛ وَصَلَتْ إِليهِ، وَداعَبَتْهُ بِرِفْقٍ، اِنْتَصَبَ !؛ ثُمَّ شَدَّتْ البنطلونَ وسروالي إلى الأسفلِ، َرَفَعَتْ فُستانَها إِلى الأَعلى، َأَنزَلَتْ سِروالَها؛ كانَ الزَّغَبُ الذي يكسُو عُصفُورَها ناعِماً كَالوَبَرِ؛ اقْتربَتْ مِنِّي، ضَمَّتْنِي، اِلتَصَقَتْ بِي، لمْ أشعُرْ حتَّى الآنَ بِلَذَّةٍ تُضاهِي ما شعرْتُ بِهِ؛ أيُّ لَذَّةٍ تلكَ الَّتي زرَعَتْها في رُوحِي...؟؛ اِرْتَعَشْتُ، خِفْتُ، كِدْتُ أَنْ يُغْمَى عَلَيَّ؛ سمعْتُ نِداءَ أُمِّي، يَأتِي مِنْ بيتِنا عالياً، رفَعْتُ ثيابي على عَجَلٍ، وَهَرَبْتُ.
وَمِنْ يومِها نَبَتَ في نُخاعِيَ الشَّوكِيِّ أَصِيْصُ زهرٍ غَريبٍ رائعٍ لا أعرِفُ اسْماً لَهُ؛ بحثْتُ عنهُ طَويلاً في كُلِّ أُنْثَى؛ فَلَمْ أَجِدْهُ إِلا في تِلكَ اللحظةِ ذاتِها.
كانَتْ " غادةُ " رائعةً وبسيطةً، وحواءَ أصيلةً؛ وأدركْتُ فيما بَعْدُ أَنِّي مَدِيْنٌ لَها بِحُبِّيَ لِلأُنْثَى، أَيَّةِ أُنْثَى عَشِقْتُها، لا لِشَيْءٍ سِوَى أنْ أبحثَ فيها مِنْ جَديدٍ عنْ تِلكَ اللحظةِ الَّتي ذَهَبَتْ؛ وَأَيْنَعَتْ على دَرَجِ السَّلَّمِ الصَّاعِدِ إلى السَّماءِ، إِلى جَنَّةِ الأُنْثَى، تِغادِرُنا، وَهِيَ تترُكُ في أحلامِنا ما يكفِي مِنَ السِّحْرِ؛ كي نَكبَرَ قليلاً كَما ينبغِي.!.
.....................................

قبلة خيالية في العاشرة

عندما بلغْتُ السادسةَ؛ سجَّلَتْني أمِّي في مدرسةِ "الرُّومِ الأرثوذوكس الابتدائيةِ". لم أكُنْ أريدُ الذَّهابَ إليها، وكنْتُ أحملُ في داخلِي ضجيجاً وباروداً يكفي لتفجيرِها ...!. أرغمتْني أمِّي يومَ بَدْءِ العامِ الدِّراسيِّ، عامَ ألفٍ وتسعِمئةٍ واثنينِ وستِّينَ، على الذَّهابِ محمولاً على كَتِفَيِّ رجلٍ من الجيرانِ في الحارةِ؛ نادتْهُ، وطلبَتْ إليهِ أَنْ يحملَني؛ ففعلَ دونَ تردُّدٍ؛ بكَيْتُ، صرخْتُ، وعوَيْتُ؛ لم يكترثْ، بل شدَّ قبضتَيْهِ الفولاذيَّتَيْنِ على ساعِدَيَّ، وأنا أتأرجحُ فوقَهُ؛ نتفْتُ شعرَهْ، ركلْتُهُ على جَنْبَيْهِ، لكمْتُ صدرَهُ، لم يأبَهْ؛ قالَ: اِفعلْ ما تُريدُ، لن أتركَكَ إلا في المدرسةِ، وأمي تسير بجانبنا مشجعةً إيَّاهُ على المضيِّ، وعدمِ الشَّفقةِ عليَّ.
عندَ بابِ الصَّفِّ الأوَّلِ أنزلَنِي؛ كنْتُ أجهَشُ بالبكاءِ؛ خرجَتِ المُعلِّمةُ " زاهِيَة " جميلةٌ بيضاءُ شعرُها أشقرُ؛ سألَتْني بصوتٍ هامسٍ رقيقٍ، مدنيةً وجهَها من وجهِي، رافعةً أسفلَ ذَقْنِي بإصبعِها: "لماذا تبكي.؟". أخذَتْ بيدِي، تحوَّلْتُ إلى حَمَلٍ وديعٍ؛ دخلْتُ الصَّفَّ معَها، كانَتْ يدُها ناعمةً كالحريرِ؛ وبقِيْتُ مُمْسِكاً بِيَدِها حتَّى الصَّفِّ السَّادسِ.!.
كنْتُ مُتفوِّقاً في المرحلةِ الابتدائيَّةِ؛ وَلْحُسْنِ الحظِّ.!. الأستاذُ "جورج" مُعَلِّمُ الصَّفِّ الرَّابعِ، علَّمَنِي بعضَ التَّراتيلِ الدينيَّةَ؛ حفظْتُها جيِّداً؛ وكانَ يتفاخَرُ بي عندَما أُرَدِّدُ ما علَّمَنِي أمامَ المعلِّمينَ والمعلِّماتِ والمُديرِ؛ أمَّا أنا فقدْ كنْتُ أرتبِكُ عندما أرى المعلِّمةَ "زاهية"، ألتقطُ أنفاسِي، أبلِّلُ شفَتَيَّ بلسانِي كالقِطِّ؛ وأُنشِدُ، أُنْشِدُ مِنْ أجلِها هِيَ وحدَها؛ مُرَكِّزاً عَيْنَيَّ في شفتَيْها الأرجوانيتين.!.
في الصَّفِّ الرَّابعِ نادتْني أثناءَ خروجِنا إلى الفرصةِ، في بهوِ المدرسةِ؛ سألَتْني عن دروسِي، وهنَّأَتْنِي على تفوُّقِي؛ أمّا أنا فقد تسمَّرَتْ عينايَ في شفتَيْها الكَرزيَّتَيْنِ؛ لم أعُدْ أسمعُ أو أرى شيئاً؛ قبَّلْتُها قُبلةً طويلةً جدّاً، كما يفعلُ بطلُ الفيلمِ في نهايتِهِ. ولهذا ربَّما تمنَّيْتُ أنْ أصبحَ مُمَثّلاً عندما أكبَرُ؛ طعمُ تلكَ القُبلةِ لا يزالُ خياليّاً، لدرجةِ أنِّي لم أَنْسَهُ، ولنْ أنسى شفتَيْها ما حَيِيْتُ ....!.
............................


نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر.

ألف





تعليق



أشهد أن لا حواء إلا أنت

08-أيار-2021

سحبان السواح

أشهد أن لا حواء إلا أنت، وإنني رسول الحب إليك.. الحمد لك رسولة للحب، وملهمة للعطاء، وأشهد أن لا أمرأة إلا أنت.. وأنك مالكة ليوم العشق، وأنني معك أشهق، وبك أهيم.إهديني...
رئيس التحرير: سحبان السواح
مدير التحرير: أحمد بغدادي
المزيد من هذا الكاتب

حبيبتي

18-تموز-2015

(اِنْتِصَارُ البَرْدِ على النَّهارِ)

18-كانون الأول-2011

الَّلاذِقِيَّــــةُ ... هَلْ تَعُودُ.؟.

05-تشرين الثاني-2011

اللقــاءُ الأخيــرُ.

26-تشرين الأول-2011

البيضة الأقوى.!.

18-تشرين الأول-2011

حديث الذكريات- حمص.

22-أيار-2021

سؤال وجواب

15-أيار-2021

السمكة

08-أيار-2021

انتصار مجتمع الاستهلاك

24-نيسان-2021

عن المرأة ذلك الكائن الجميل

17-نيسان-2021

الأكثر قراءة
Down Arrow