الَّلاذِقِيَّــــةُ ... هَلْ تَعُودُ.؟.
خاص ألف
2011-11-05
أُحِبُّهَا
وَأَكْرَهُهَا لأَنَّها نَزَعَتْ عَنْ وَجْهِهَا
كُلَّ التَّقاطيعِ الحبيبةِ الَّتي أَلِفْتُهَا
سَلَخَتْ عَنْ ساقَيْهَا الجميلتَيْنِ حريرَ الماءِ
وَلَوْنَ الأُرْجُوانِ، وَبُرْدَةَ الشَّفَقِ
خرجَتْ مِنْ عُيونِ النَّاسِ
كَالنَّورَسِ المَمْسُوسِ
وتَأَرْجَحَتْ على شَطَّينِ مِنْ مَكْرٍ وعارٍ
تِلكَ الَّتي أعرِفُها جَيِّداً
لَمْ أَعُدْ أعرِفُهَا
لِأَنَّهَا مَلَكَتْ قلبِيَ ما يكفِي
لأَلْعَنَهَا
وأشِيْخَ في حُزْنِي عليهَا
وعلى أصدافِها الَّتي أَهْدَتْنِيْهَا ذاتَ طُفولةٍ
تركَتْنِي هُنَا على مَفْرِقِ اليَأْسِ
أَشْرَبُ، لَكِنْ لا أنتشِي
أكتُبُ الشِّعْرَ كي أُلَمْلِمَ ما تَبَقَّى
مِنْ مَفَاتِنِهَا
وألتقِطَ بعضَ الثِّمارِ الَّتي انْهَمَرَتْ
مِنْ عَيْنَيْهَا
كيفَ غابَتْ.؟
كيفَ ارْتَضَتْ أَنْ تَغُوصَ في هَذَا الخَرابِ
حتَّى الجَبِينْ؟.
وَأَرَانِي بَحَّاراً بِنِصْفِ قارَبٍ
أُبْحِرُ في الصَّدَى
فَتَهرُبُ مِنِّي قُمصانُها الزَّرقاءُ
وتتركُنِي مُتَرَنَّحَاً بينَ القَوافِي
مَنْ دَقَّ عِنْدَ الأَذَانِ
هَذَا النَّاقُوسَ الرَّهيبَ.؟.
هُوَ الشَّيطانُ إِذا تَرَصَّدَ فَرِيْسَةَ الأُقحُوانِ
مَنْ هَجَّرَ المَراكِبَ الَّتي كانَتْ تَكْوِي بِرِفْقٍ
شَرْشَفَ البَحْرِ
ومَوْجَ السَّواحِلِ المفتوحَ على الآَتِي.؟.
مَنْ فَرَّقَ الأَحِبَّةَ عِنْدَ المَسَاءِ
وَقْتَ تذهبُ الشَّمْسُ إِلى بَنَفْسَجَاتٍ
في الجِهَةِ الأُخْرَى مِنَ الأَرْضِ
وتعودُ في اليومِ التَّالِي
نَشْوَانَةً
رَيَّانَةً
لِتَسْكُبَ خَمْرَهَا فينَا - نحنُ العَطْشَى -
إِلى نَبْعِ الضَّوْءِ ....!
...............
الَّلاذِقِيَّـــــةُ
لَمْ تَكُنْ يوماً تُبَدِّلُ كَأْسَ غِنَائِهَا
بِقَصِيدَةٍ مَرَّتْ على مَتْنِ الغُروبِ
ولَمْ تَكُنْ تُعْطِي سِرَّ بِهَائِهَا
لِلْمُتْرَفِيَنَ
وَلَمْ تَكُنْ تكتُبُ في دفاتِرِهَا
بِحُرُوفِ الهَبَاءِ ...
الَّلاذِقِيَّـــةُ
ما كانَتْ تُمَزِّقُ رِسالةً
كَتَبَهَا عاشِقانِ مِنْ حِبْرِ الأزرقِ الزَّاهِي
وكانَتْ تَحْضُنُ آَلافَ البُيوتِ المُحَصَّنَةِ
بِحِكاياتِ الكِبْرِيَاءِ
وسُيُوفِ الْمِلْحِ
وتَوابِلِ المَوْجِ الطَّازَجَةِ
فَاسْتَقَرَّتْ على أَمَلِ الوَفَاءِ ...!
.............
فَرُّوا إِلَيْهَا
كَالمُتْعَبِيْنَ
أَوْ كَالتَّائِهِيْنَ مِنْ غُرْبَةِ الكَلِمَةِ
أَوْ كَالطَّالِعِيْنَ مِنْ سُفُوحِ الخَرَابْ ....!
فَأَتَوْهَا
شَرِبُوا
وَأَكَلُوا
وَنَامُوا
هَانِئِيــــنْ ...!
أَمَّا هِيَــــا
فتناوَلَتْ مِنْ رَحِيْقِ السَّواحِلِ
شَالَهَا
وَغَطَّتْ بِهِ ما تَقَدَّمَ
أَوْ تَأَخَّرَ مِنْ أَنِينِ الجائِعينْ...
فَرَشَتْ لَهُمْ أهدابَهَا
حتَّى اسْتَراحُوا في فِراشِ الماءِ
وكانَ الماءُ غَزيراً
يَطْفُو بِهِمْ
يَعْلُو بِهِمْ حتَّى بَلَغُوا السَّمَاءْ ...!
وهُناكَ
تَعَلَّقُوا بِنُجُومٍ لا يَراهَا
إلا القَتَلَةُ الحاقِدُونَ
أَوْلَمُوا لِلرِّيحِ ، كي تأتِي إِليهِمْ
فاستجابَتْ، ووَقَّعَتْ مَعَ النَّجْمِ الكبيرِ
صَكَّ الخُضُوعِ
ثُمَّ عادُوا
مرُّوا عليها مُثْقَلِينَ مُدَجَّجينَ
فَأَدَّبُوها على مَسْحَةِ الْكِبْرِ في مُحَيَّاها
وكبَّلُوها لأَنَّها لَمْ ترقُصْ
على إِيقاعِ المَجازرِ
والفَتْحِ العظيمْ .....!
ربطُوها مِنْ قَدَمَيْهَا العارِيتَيْنِ
كَبَّلُوها بِالحِقْدِ مِنْ شَعْرِها المَتْروكِ
نَهْباً لِلْجِياعِ
أوثقُوها مِنْ يَدَيْها المَفتوحَتَيْنِ
صَلَبُوها في مُواجهةِ البحرِ الحبيبِ
فأودعَتْ نَهْدَيْها نارَها
ونحيبَها
ودمعةً
خرَّتْ على خَدِّها
ثُمَّ استقرَّتْ في الماءِ الَّذي تراجعَ
إلى مَتْنِ القواربِ المُحطَّمَةِ على خاصِرَتِها
وهناكَ
رَقَدَتْ دمعةٌ
حتماً تقومُ
تقومُ مِثْلَ قصيدةٍ تحفلُ بِالوعودِ
وتعرفُ أَنَّ الدَّربَ الأخيرَ
يعرفُ صوتَهُ
وغِناءَهُ
يعرفُ أَنَّ الوقتَ يمضِي كالفُصولِ
وقفَتْ فُصولُ السَّنةِ الميلاديَّةِ
بدأَتْ فُصولٌ السَّنةِ الهِجريَّةِ
بدأَتِ الهِجرةُ فينَا
والَّلاذقيَّـــةُ
لَمْ تَكُنْ تعرفُ أَنَّ الهِجرةَ
تأكلُ كُلَّ مَنْ يُخالِفُها
تقتلُ كُلَّ مَنْ يُغايِرُها
سألْتُ صديقي "مَحَمَّدَ" مَرَّةً
عنها
فقالَ:
أُحِبُّها
فَأَحَبَّتْهُ
هِيَ الأُخرَى
وعاشَ فيها سِنِيَّ الشَّبابِ
وأطعَمَتْهُ مِنْ أسماكِها
أكثرَ مِمَّا أطعمَتْنِي ....!
............
ماذا يُفيدُ البُكاءُ.؟
ماذا يُفيدُ الصُّراخُ
الْعَويلُ
الْعُواءُ.؟.
وأنَا أرَى الشَّوارعَ ترحلُ
وأنَا أرَى الكِلابَ تَهْرُبُ
وأنا أرَى القِطَطَ والثَّعالِبَ والذِّئابَ
والجُرذانَ والفِئرانَ
والسَّحالِيَ
والحَمِيرَ
والبِغَالَ
تنهبُ ما تبقَّى مِنْ ماءِ الحَياءِ
تنهبُ ما تبقَّى مِنْ مِلْحٍ وَرِمالٍ
ماذا أفعلُ
وأنَا أرَى الموتَ لا يأتِي
كما المَوْتُ النَّبيلُ
وأنَا أرَى الهَلاكَ والجحيمَ يَفْتُنُنَا
وأرَى الأنيابَ تَقْطُرُ بِالدِّماءِ
وأرَى الأَشداقَ تسيلُ بِاللُّعابِ الأخضرِ
وأرَى العُيونَ بِلا عُيونٍ
جُحوراً بِلا غَوْرٍ
تُحَمْحِمُ في الفَراغِ
قبلَ الأَذَانِ
وبَعْدَهُ !.
وأرَى الصَّوتَ المَقِيْتَ يُجلجِلُ
في الفَضاءِ
مُهاجِماً رُوحِي وأحلامِي
وأَشْعارِي الذَّبيحةَ
وأرَى قصيدتِي بِلا رَأْسٍ
مُعَلَّقَةً
على رَأْسِ رُمْحٍ صِدِئٍ
يُلَوِّحُ بِها
جيشٌ مِنَ الأشباحِ ....؟!
...............
سأختصرُ المسافةَ
والكتابةَ
والبَلاغةَ
وسأَلْعَنُ الحَرْفَ الَّذي سَمَّانِي
الآَنَ أبدأُ
مِنْ جَديدٍ
كي أرسُمَ الوَمْضَةَ الأُولَى
في ملامِحِ الَّلاذقيَّةِ الأُولَى
لا أعرفُ إِنْ كانَتْ تعودُ
لَكِنَّنِي
أعرفُ كيفَ أبدأُ مُشوارِي إِلَيْها
كي تعودْ ...!
..................
08-أيار-2021
18-تموز-2015 | |
18-كانون الأول-2011 | |
05-تشرين الثاني-2011 | |
26-تشرين الأول-2011 | |
18-تشرين الأول-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |