(اِنْتِصَارُ البَرْدِ على النَّهارِ)
خاص ألف
2011-12-18
تَرَيَّثْ.!.
لَمْ يَبْقَ في عُشِّ القمرِ إِلا حمامَتَانِ
اِبْتَعِدْ قَدْرَ ما شِئْتَ.
فَأَنْتَ أقربُ حينَ تغيبُ عميقاً هناكَ.
في القلبِ غُوْلٌ لطيفٌ
يبتلِعُ كُلَّ الحِكاياتِ الأليفةِ
وما عليكَ إِلا أَنْ تُطْلِقَ زَفْرَةً
فَيُفِيقَ.
وينادي أبابيلَ الفينيقِ
هَؤُلاءِ ما أَرْوَعَهُمِ
حينَ دَكُّوا عُروشَ السَّماءِ
بِأَحْرُفٍ مِنْ نُوْرٍ
ويبقَى في أفواهِنا تِنَّوْرُ أُمِّي وجارتِنا.
كَمْ أرهَقَتَا شَمْسَ النَّهارِ
بِالأهازيجِ المُعَتَّقَةِ الَّتي تُخَفِّفُ
مِنْ وَطْأَةِ الحَرِّ
والصَّيفُ يِفِرُّ.!.
حَسَناً فَعَلْتَ يا وَلَدِي
اغْتَسِلْ بِمَاءِ الوَرْدِ
وبِالطِّينِ
أُرْسُمْ كمَا تشاءُ أحلامَكَ
فوقَ التُّرابِ
وعلى الرِّمالِ.
فَأَبُوكَ ما عادَ قادِراً على تأمينِ
عجينةِ القَمْحِ الَّتي سَئِمَتْ مِنْ أفواهِنا
لَمْ يبقَ لنَا إِلا أَنْ نُحَطِّمَ تاريخَنا.
هذا المُعَمِّرُ الشَّيْخُ المُهَلْهَلُ
إِنِّي أراهُ يشربُ مِنْ بِئْرِ السَّرابِ
وَيُخِيفُنَا
بِآياتٍ عِجافٍ
يا لَيْتَهُ تَعَلَّمَ مِنْ نَبْعِ ماءٍ
أَوْ سُنْبُلَةِ
يا لَيْتَهُ تَعَلَّمَ مِنْ عُشْبَةٍ
أَوْ نَرْجِسَةٍ
عَبَثاً تُمَشِّطُ أصابِعِي هذا الهَواءَ
وأنَــا الوحيدُ الَّذي يَرْجُو
أَنْ تخرجَ الجِنُّ مِنْ أوكارِها
لِتَلِدَ المَزيدَ مِنْ رَقْصِ الفَرَحِ.!.
ماذا تَبَقَّى يا نَسِيجَ الرُّوحِ
ماذا تركَ الغِيلانُ لنَا في صُحُونِ الجَمْرِ.؟.
سَأُغادِرُ
سَأُهاجِرُ
إِلى أينَ أيُّها المَأْفُونُ.؟.
تعالَ أَضُمُّكَ إلى صَدْرِي
وَأُرْضِعُكَ مِنْ جديدٍ ثَدْيَيَّ.
وَلَكِنْ قَبْلَ ذلكَ
ضُمَّنِي
كي يحمِلَ الحليبُ في صَدْرِي
صِفاتِ الأتقياءِ.
رَمِّمْ غِناءَكَ
إِنَّني أَهْوِي
ومَا تَرَكْتُ في غَوْرِ رُوحِي إلا تعاويذِي
وَرُقْيَةً كُنْتُ ادَّخَرْتُ كُنوزَها
لأَيَّامٍ تأتي بِبارِقَةٍ
مِنْ أَمَلٍ تَصَدَّعَ في الفَضَاءِ.!.
مَرَّ الجَوادُ على فُسْحَةٍ
ظَنَّ البراريَ مِرْآَتَهُ
دَخَلَ المَرايا لِيَرْتَوِيَ
فَعَدَا إلى صَهيلِهِ
لَمْ يَبْقَ مِنْهُ سِوى شَعْرٌ طويلٌ
يَرِفُّ في طَرَفِ السَّماءِ.
دَخَلَتْ نُجومٌ إِلى أوكارِها
كَأَنَّ الطُّغاةَ تَدَرَّبُوا
في آَخِرْ الَّليلِ على اصْطِيادِهَا
وعندَمَا مَرَّتِ الطَّلْقاتُ في جَسَدِ الهَوَاءِ
تَنَفَّسَ النَّجْمُ يَعْدُو نَحْوَ أُمِّهِ
وَبَكَى لأَنَّهُ رَأَى بِأُمِّ عَيْنِهِ
أَنَّ النَّارَ قَدِ اسْتَحالَتْ جُلَّناراً
وياسَمِيناً
وَأَنَّ الَّلونَ الأَحْمَرَ القانِيَ
تَبَدَّدَ في ذَيْلِ البِحارِ.
عندَها
نَدَهَ الوليدُ صُراخَهُ
كي ينسحِبَ إلى أقصى المَجَرَّةِ
فالسَّماءُ لَمْ تَعُدْ كما كانَتْ
مسكونةً بِالخَوْفِ والعارِ والظُّلْمَةِ.
هَبَّتْ نِساءُ الرُّؤَى تَحْلُبُ ضِرْعَ المَوَدَّةِ
وَانْتَشَى صَفْصَافُ عُمْرِ العَجُوزِ
تَرَكَتْ عَصَاها تَنْطَوِي
وَانْهَمَرَتْ على كُرَسِيِّ حبيبِها
أَغْمَضَتْ عينَيْهَا
لِتَشْهَدَ مَرَّةً أُخْرَى
كيفَ يكونُ بُكاءُ البَرْدِ أَقْوَى
مِنْ ضَحِكاتِ النَّـــارْ.....!
......................................
اللاذقية في 19/8/2010
08-أيار-2021
18-تموز-2015 | |
18-كانون الأول-2011 | |
05-تشرين الثاني-2011 | |
26-تشرين الأول-2011 | |
18-تشرين الأول-2011 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |