قبل عامَين تلقّيتُ دعوةً من " المركز الأميركي لنادي القلم " American PEN center ، للمشاركة في ملتقىً دوليّ مَعنِيٍّ بالتثاقُفِ .
آنَها ترددتُ طويلاً ، ثم أخبرتُ أصحابَ الدعوة اعتذاري ، لأسبابٍ خاصّــةٍ . الناسُ قبلوا اعتذاري بكل لُطفٍ .
لكنهم جدّدوا الدعوةَ هذا العام ، في هيأة رسالةٍ من سلمان رشدي ، بُغيةَ المشاركةِ في ملتقىً دوليّ حول " الوطن وما بَعدَه "
. ومع الرسالة أُرفِقَتْ قائمةٌ بأسماء المشاركين والمشارِكات ، ومن بينهم : نادين غورديمر ( نوبل ) ، وبرايتن برايتنباخ ، وسلمان رشدي نفسه .
رجوتُهم تمديد إقامتي أربعة أيامٍ أخرى تلي أيام الملتقى . قلتُ لهم إنني /
في هستيريا (أنطولوجيا الشعر السوري) التي أصابت العديد من الشعراء ممن لم أقم باختيار نصوص لهم في الانطولوجيا التي أعددتها، وممن لم يتركوا اتهاما إلا وألصقوه بي في مجالسهم و أحاديثهم و كتاباتهم ، لفت نظري نقطتان ،، الأولى أن كل الكتابات المضادة للانطولوجيا التي نشرت في الصحافة السورية تناولتني وهاجمتني من منطلق شخصي محض دون أن تتطرق إلى ما تضمه الانطولوجيا في صفحاتها، في جميع المقالات الذين كتبت ضدي كان هناك فقرة خاصة بجلوسي في مقهى الروضة ، وكأن الجلوس في المقهى عار او جريمة أو خطيئة كبرى لا تغتفر،، حتى الذين لا يزورون دمشق الا كل خمس سنوات مرة تحدثوا عن جلوسي في مقهى الروضة واعتبروا ذلك مثلبا يؤخذ علي !!علما أنني منذ مدة طويل أجلس في مقهى فندق الشام وأحيانا مقهى الداون تاون صباحا ومساء في مقهى ومطعم جديد اسمه (عنا) وفي (نينار) لمن يريد معلومات دقيقة عني!!! كما أن بعض المقالات
لا يعرفُ على وجه التحديد ما المقصود بـ" يا عمال العالم اتَّحدوا".. وعموماً، هو لا يفكِّر كثيراً في تلك الأشياء. هو لم ينتمي إلا إلى رغيف الخبز في يوم مِن الأيام، وبالنسبة إليه، فإنَّ مناسبة، كعيد العمال، هي يوم للعطلة، لا أكثر، يوم غير كاف لإراحة جسده المنهك، وملله من الروتين الذي يطرق جدران قلبه.. ولكنه قد ينفع للتنعُّم بدفء الزوجة واحتضان الأطفال.
يجلس أمام الشاشة.. وبحياد تام، قد يسخر من تلك المظاهرات التي خرجت في مكان ما مِن العالم في هذا اليوم احتجاجاً على الأزمة الاقتصادية العالمية، فهو ورغم أنه سمع الكثير من النشرات الإخبارية الاقتصادية التي تتحدَّث عن الأزمة المالية، إلا أنه- ودون أن يخجل من أحد- لم يفهم تلك المعادلات.
بالنسبة إليه، فإنَّ كلمة مثل السيولة لا تعني أكثر مِن مبلغ لا يتعدَّى بضع ألوف في الجيب كافية للخبز واللبن والبيض والدفاتر المدرسية
الطارف•• الولاية الجزائرية رقم 36 والتي تقع بعد عنابة باتجاه تونس، عبر نقطة أم الطبول الحدودية الساحلية. حتى نعبر إلى تلك الناحية التي امتزجت فيها الطبيعة الساحرة ببشاعة خط موريس الرهيب، والألغام المضادة للأفراد التي مازالت تحصد الأطراف والأرواح، علينا تجاوز عنابة من تخومها، وكنسية القديس أوغسطين التي تطل من أعلى ربوة لتعطي تلك المدينة لمسة جمالية خاصة• عند مدينة، بوثلجة، إشارة مرورية تدل على ''قرية السبعة''، ومن النادر أن تحضى قرية غيرها بإشارة من ذلك النوع، عند أي مدينة، لكن تلك القرية لها وضع خاص جدا، فهي مهد الرئيس الأسبق الشاذلي بن جديد، والذي رغم هواه الوهراني وكان يقيم بشكل مستمر هناك حتى وهو متربع على كرسي المرادية، ورغم تردده الدائم على عنابة التي ينسب إليها بحكم أنها أكبر مدينة في ناحيته والولاية الإدارية التي كان ينتمى إليها، إلا أنه لم يقطع صلته بقرية ''السبعة'' التي ولد ونشأ فيها، ففي تلك القرية التي لا تبعد كثيرا عن بوثلجة والطارف، ينتصب قصره،
تصوّروا هذا المشهدَ. الذي أقلُّ ما يُوصَفَ به، أنه مُخْزٍ وقبيح. رجلٌ مصريٌّ مكلومٌ ثَكِلٌ، فَقَدَ بعضًا من أبنائه وأحفادِه في حادثِ سيارةٍ أليم. بعدما تحاملَ الرجلُ على فَوْرةِ أحزانِه الأولى خلال أربعين يومًا، هي، لا شكّ، أطولُ عليه من الدهر، استطاعَ أنْ يذهبَ إلى إحدى المطابع ليطبعَ كروتًا للأهل والأصدقاء لدعوتهم إلى واجبِ عزاء الأربعين، بها تفاصيلُ المناسبةِ من تاريخٍ ومكانِ لُقيا للصلاة على الراحلين. يقبضُ صاحبُ المطبعة "الأريبُ" الثمنَ مُقدّمًا، ثم يَعِدُ بالتسليم في اليوم التالي. ربما هنا، لكي يتبلّورَ المشهدُ وينتفي العَجَبُ القادمُ، وجبَ عليّ أن أذكرَ أن مكانَ العزاء ذاك اسمُه "كنيسةٌ"، وأن المناسبةَ بالتبعيةِ اسمُها "قُدَاس". حسْبَ الموعدِ، يذهبُ الأبُ المصدوعُ لكي يستلمَ الدعوات. لكنَ صاحبَ المطبعةِ "المُسلم" سيكون قد اكتشفَ بالأمس، عبر أسماء الموتى، السرَّ الخطيرَ جدًّا، المريبَ جدًّا. أن المتوفّين المُهدَرَةُ دماؤهم
لا ينبغي أن يمر رحيل عميد الناشرين المصريين والعرب محمد مدبولي محمد حسين أو "الحاج مدبولي" بشكل عابر، لأن الرجل البسيط غير المتعلم ذو الجلباب الصعيدي التقليدي، بات أيقونةً ثقافيةً حقيقيةً مع تشبّثه بسياسة نشر ليبرالية نوعاً ما، وارتباطه بالفكر الناصري وفترة التحرر الثوري في الستينات، وإصراره على نشر وتوزيع وعرض الكتب بمختلف أنواعها حتى الشعبية والمحظورة منها، مثل كتب محمد حسنين هيكل ونوال السعداوي ورواية (أولاد حارتنا) لنجيب محفوظ، ورواية (مسافة في عقل رجل) عام 1991 التي دفعت جماعات إسلامية إلى تهديده بحجة إساءتها للدين، وتحولت لقضية رأي عام اهتمّت بها قنوات مثل الـ CNN والـ BBC بعد الحكم عليه بالسجن لثمان سنوات بتهمة "ازدراء الأديان"، فتضامن معه المثقفون والكتّاب وأوقف الرئيس مبارك تنفيذ الحكم.. وهكذا بلغ عدد قضايا النشر المرفوعة ضد مدبولي خلال مشواره المهني أكثر من 20 قضية.
أول شاعر ومخرج وممثل وكاتب مسرحي وروائي يقرأ نعيه وهو حي
آخر الصعاليك العظام فبعد موته قدمت مسارح مصر جميع أعماله تقريبا
محمد نجيب سرور المولود بقرية "أخطاب",مركز أجا,محافظة الدقهلية,في يونيو عام 1932,والذي ترك ورائه تراثا شعريا ومسرحيا يشكل علامة بارزة في مسيرة الحركة الثقافية المصرية,إذ كانت الروافد الثقافية المختلفة تمثل لديه نهرا ًإنسانيا ًعريضا ًيغترف منه كيف يشاء
,ومن دواوينه الشعرية التراجيديا الإنسانية,بروتوكولات حكماء ريش,لزوم ما يلزم,الطوفان الكبير,فارس آخر زمن,ورسائل إلي صلاح عبد الصبور,كما كان له باع كبير في النقد الأدبي والمسرحي,فبالإضافة إلى عمله الكبير(رحلة في ثلاثية نجيب
لم نُمس من رواد حانات السهر الليلي في مونو، في عزّ تألق الشارع اواسط التسعينات. كنا حينذاك قد أدمنّا السهر في حانة “شي اندريه” في شارع الحمراء، نحن مجموعة الشبان القادمين الى بيروت من قرى وبلدات جنوبية، حيث بدأنا فيها كتابة الشعر الحديث او ما اتفق على تسميته شعرا حديثا او نثريا، وكان بعضنا قد أصدر مجموعة شعرية اولى من الشعر المقفى او العمودي. في تلمّسنا الطريق نحو شارع الحمراء وتلك الحانة تحديدا، كنّا كمن يتتبع قدره الى حيث يقوده القدر. لم نكن نعرف من الحانة روادها ولا أصحابها، بل سمعنا عنها أحاديث يتناقلها الاصدقاء وقصصا تُروى بالتواتر هنا وهناك في مقاهي شارع الحمراء عن رواد تلك الحانة من شعراء ومثقفين ورسامين وسكارى عتاة، وعن زيارة ممثلين ومغنين عالميين لها من مثل ازنافور وجوني هوليداي، وعن سهر زياد رحباني مدة طويلة فيها، وكذا جورجينا رزق ملكة جمال الكون. حين زرنا “شي أندريه”، رأينا أن أرتور،
مع أن الحديث عن إخوان الصفا مكانه في العادة في الدراسات النقدية الثقافية، ولا تبدو هذه الصفحة منبراً مناسباً، ولكن لا بأس بعد خمس سنوات من صفحة دين ودنيا أن نتحدث عن تجربة روحية فريدة قدمها مؤمنون غامضون، بطريقة فريدة في العرفان تمزج بين الإيمان الإسلامي والفلسفة اليونانية، وتقدم نموذجاً علمانياً للإيمان، جاء على غير ما تعودناه من الشروط الصارمة للفكر المقبول، ويؤسس لشكل آخر من العرفان يهدي إلى الإيمان بدون نصوص من الغيب، وفق قول أبي العلاء: أيها الغر إن خصصت بعقل فاسألنه فكل عقل نبي أما زمانهم فهو القرن الثالث الهجري حين بدأ صعود البويهيين، حين كانت السياسة تحسم المسائل الدينية على خيار صارم، وتلقي الآخر في دائرة الفسق والجاهلية والضلال، وهو ما لم تتقبله تلك النفوس الحرة فاضطروا إلى الكتابة في الخفاء والسر بأسماء مستعارة خوفاً من بطش السلطان، وعرف منهم عدد من الأسماء الغامضة التي لا توجد لها تراجم كزيد بن رفاعة وابن معشر البستي والمقدسي والزنجاني .
هنا حيث يربي البشر أبنائهم على حبال الغسيل، وحيث الأمهات المصعوقات بمفاتيح ساعة الكهرباء؛ يحاولن عبثاً سرقة التيار بعد انتهاء الدوام الرسمي؛ يمكنكَ مشاهدة الأولاد عند عودتهم من المدارس يصعدون الطرق الموحلة إلى بيوتهم المنذرة بالهدم.. ولو خاطرت وذهبتَ معهم إلى تلك البيوت سترى بأمِّ عينكَ رجالاً يشكّون الخرز ويطرزون الملاحف،أو ربما يرتكبون الأمكنة جدراناً هائلة من "البلوك"؛ جدراناً بنيت ليلاًً على عجل بعد مخاطرة "بقلاب" رمل ومثله من "الشمينتو المهرّب".
هناك تماماً سترى بيوتهم الافتراضية بأبوابٍ حديدية صدئة، لايهم.. المهم أنهم يسكنون بيوتاً على تخوم العاصمة.
في هذه البيوت تنشاً الكوادر المستحيلة لكاميرتكَ الذكية، إذ لا نوافذ أو أبواب إضافية