في الحرب.. وعلى شرفةِ البناء المهجور .. كان يمدّ قناصته كأفعى أمامه ويمسح عليها كأنّه يداعبُ شَعرَ حبيبته الافتراضية ...!
يبتسم بخبث وهو يتذكّر الأطفال الذين كرهوه .. الفتاة المتعجرفة .. إخوانه .. أخواته .. المرايا التي تُحدّثه عن دمامتهِ ..! ............... الورود التي تُهدى للعشاق والمرضى المدلّلين ...!
كل هذا ... أمامه الآن ..
كلُّ عابرٍ الآن هو خصمه !
حتى القطة التي تعبر الشارع بثقةٍ العارف بالدربِ واللامبالي بالخراب ! .......... خصمه !!
لا ينطبق هذا الأمر علينا جميعاً ، أغلبنا خلق بجبّلة طيبة، وتعلّم البعض هذا الخبث من مدرسة الحياة على مبدأ " الغاية تبرّر الوسيلة".
البشر الحقيقيون في بلادنا يفشلون أمام هؤلاء الذين يضعون بصماتهم في كل الأماكن التي نزورها، أو التّجمعات التي نعتقد أنّنا نجد أنفسنا داخلها.
هؤلاء النّرجسيون حذرون في إبداء الرّأي والنّقاش، يميلون بطريقة سلسة تجاه الطّرف القوي كي يحتضنهم ، ومن ثم يزيحونه من طريقهم، يعرفون كيف يتجنبّون المتاعب، وكيف يكسبون ودّ الزّعيم أيّاً كان مضمرين له الضّغينة والعقاب.
النارُ ذاتها حين صافحتَ صديقاً عابراً
وهو يهبطُ الدرجَ ..
الدرجةَ الأخيرة في الطابق الرابعِ .. أعلى درجةٍ لربما
أو ... تلكَ التي أضاعَ تحتها الطفلُ الحائرُ سنّه اللبنيّة !
النارُ ذاتها في عود الثقاب
النارُ ذاتها في قلبِ عاشقٍ مهزوم ..
النارُ ذاتها في حقولِ الحنّطة حين تقدحُ مخالبُ الذئابِ في الفرات !
النارُ ذاتها .... وقتما تتركُ كرسيّكَ فارغاً من الدفءِ في مقهى الروضة !
النارُ ذاتها .. عندما تركلُ الحصى بمقدّمة حذائكَ وأنتَ تسيرُ وحيداً . .. .. .. .. .. ..
أين الثورة السّورية من ذلك؟
من قام بالثورة دون تخطيط هم شباب في عمر الورد، أرادوا أن يعبّروا عن الظّلم الذي يقع على مكونات المجتمع، وبالتدريج قتلوا أو قتلت عائلاتهم، بينما كان الحلم يدغدغ المعارضة بالوصول إلى السّلطة، أو المشاركة بها، وقفز من قارب السّلطة من هم على رأسها أيضاً، وهم يتوقعون مناصب أعلى في سلطة جديدة، ثم أضافت المعارضة إلى صفوفها الإسلاميين لأنّهم كانوا يموّلون الفنادق والتكاليف، تحالفوا، وافترقوا، ثم افترقوا وتحالفوا. وكل منهم يقول نقبل، ولا نقبل، وكأنّ الفصل في يده.
من رحمِّ التيهِ بدأتَ ... "عنوانُ الرحمِ .. غموضُ "!
وتبكي ...! ويقالُ أنّ بكاءكَ خطوةْ ..من دربِ العمرِ ..
لابدّ تتقن دمعكَ .. تتعلّمه منذ الصرخات الأولى .. هذا دمعُكَ في عينيكَ المغمضتين
أينَ يصبُ؟!
(الطفلُ لحظةَ ولادتهِ يسقي قلبه من دمعهِ.. يبكي إلى الداخل..!
كيلا يظمأ فرحاً قطعاً !
يدرّبهُ ..
يمنحهُ دمعاً طاهرْ.. أطهرَ من أنهارِ الخالق) ..
.
وأكثر ما كنت أخشاه أن يموت أحد وأنا نائمة، لذا كان عليّ أن أسهر مصغية إلى صراخ سيخترق حتمًا سكينة الليل ليعلن رحيل شخص ما، وعليّ أن أسرع لأكون شاهدة على اللحظات الأولى التي تلي الوفاة، ولأسجّل الانفعالات الأولى والتعازي الأولى والتحضيرات الأولى والكلمات الأولى قبل أن يهذّبها الوقت وتتعبها المسافة، أو لعلني ألتقط الخطوة الأولى يخطوها الراحل على طريق الموت السريع. وكثيرًا ما استغرب أهلي وأهل الميت إصراري على التواجد قبل الجميع وعلى البقاء طويلًا كمن يخشى أن يغيب عنه أيّ تفصيل، وكم قاومت الرغبة في قضاء حاجة ملحّة خشية أن تفوتني نظرة أو كلمة أو دمعة.
في قلبي مسماران؛
ــ واحدٌ ليس لي
وآخرُ ..كان يشبه الجدارَ
أو اللوحة الفارغة تماماً من الابتسامة!
في قلبي
.............. جدارٌ يشبهُ شعورَ الناظرينَ إلى اللوحة!
***
اليوم .. كانت الشمسُ غاربة .. غائبة .. واليوم
مات ظلّه صباحاً ومازال يمشي وينظرُ خلفه!
... تلكَ هي؛ حُفرٌ لا يفقهها العارفون بالظلام !.
في المفترق وبينما نعتاد الطريق ونفهم إلى أين تنزلق الروافد - يزداد الانهماك في التفاصيل البسيطة كيلا نعر بالا لصوت الحنين بداخلنا –يظل صوت الروح الناهض فينا كجنين ضوء يحبو قليلا ويقترب حثيثا حتى يجد المتكأ الثري للقلب المليء بالانشغالات والأولويات، هي لحظة المقارعة مع النفس حين تتصارع المواجهة مع الاعتياد والرتابة وقتا طويلا وحتى مطلع القرار ، هنا تحدث الضجة غير المعتادة والتي تصنع انقلابا صادما للمجريات كلها - ونبدأ في انتهار الصوت الملاحق ثم الهرب ثم الذهاب إلى ترميم المزاج وتعديل المتغيرات الحياتية بالحيل الممكنة لكن في الأغلب لا تفلح المحاولات اللطيفة للمهادنة ولا شتى الطرق المرحة لخمد الصوت أو الانهماك في مجهود أقصى للانصراف عن تلك الملاحقة-
الصحيفة الثالثة تقول أنها علمانية، وهي الأوان، كتبت فيها عدة نصوص، وللأمانة فأنا عندما أقرأ مواضيعها لا أفهم شيئاً. هي فوق مداركي المتواضعة، وهم متخصّصون في أشخاص بذاتهم، ينامون على المواضيع المرسلة لهم كونهم أرفع مستوى من الكتّاب والقرّاء.
بغضّ النّظر عمّا قلت، فإن المواقع الرّابحة هي مموّلة إما من الإعلانات، أو من الأشخاص العاديين أو المعنويين، و تبقى الصحافة الحرة الغير مموّلة لا تستوعب أكثر من شخص للعمل، وليس فيها فرصاً للعيش.
ــ كنبيٍّ تمرّنَ على لعبةِ الوحيّ
وصارت تجذبهُ كعادةٍ سريّةْ !!
ــ كطلقةٍ ثالثةٍ في قلبِ قتيلٍ كادَ أن يكتبَ وصيتهُ الأولى !
ــ كقنديلٍ بين أصابع ضرير يقرأُ للشمسِ ظلالها ....!
.............
وهكذا .. أحبّكِ ....
لن أستطيعَ القدوم إليكِ ..
فالحربُ
أغْلقتْ كلَّ المسافاتِ والدروب ....!