عادل ...
اترك كلّ هذا ..
................ هل تذكر مقهى الروضة وــ أبو حالوب ــ ؟
هل تذكر الكلاب في شارع العابد ؟!
... هل ...
هل تذكر كيف انتحرتَ مرتين حين قلتَ لي ؛
ــ أنتَ أجمل من الفرات والغرق والقاع ؟!
........................ عادل
سأكون الآن معكَ في القبر حين غادروكَ الأصدقاء ...!
ـــ ولا قسماً ببرودةِ جثّتكَ يا عادل
ولا قسماً بكلّ الدفءِ والكفوف وكلمات العزاء المطبوعة كنعوتكَ
أفتّش عن فنجان قهوتي.
لم أكن أحتسي القهوة منذ عام، ولم أتمتّع بمذاقها، هي اليوم ترغمني على الجلوس لثانية بدلاً من الدّوران حول نفسي.
لا أعرف من أين تأتي هذه الأعمال التي تشغلني!
أستند إلى ليل يربّطني بحبال.
أحنّ إلى لغتي. أضعت لساني بين الماضي، والماضي الأقرب منه.
أفتّش عن فنجان يسجّل تاريخنا على حوافه، أجد التّاريخ يحتضر، وتلك الحضارة التي بنيتها هنا محتارة ماذا تفعل.
أشعر بالغثيان، رهاب الوحدة ، لو يزقزق عصفور ما كي أشعر أن هناك حياة.
عارياً من اللوحة
.. عارياً من اللون ...... من الأصدقاء والحرب والذكريات والفتاة الخجولة
والجدران التي تغتاب ذاك الجدار !
الآن ............. ستسحب مفتاح منزلكَ من الباب الخارجي
بعد أن يسمعَ صدى من داخله صفعةَ الرحيل
والدموع الساخنة على خدود جارتكَ التي اخترعتها أنا في هذا المشهد !
... جارتكَ التي سوف تُقتلَ بعد رحيلكَ
.. بقذيفةٍ ما
أو بسكتةٍ دماغية !
عندما رأيت حبيبي شلاش أوّل مرّة. سكبت كلّ حكاياتي في صدره. ابتسم ابتسامة خفيّة. قال: أنت الحبّ الذي أبحث عنه!
طرت فرحاً. لم أكن أعرف أنّه قرّر الزواج منّي لأنّني مناسبة جداً لتمرير كل ما عنده من نرجسيّة. فهمت ذلك مؤخراً، بدأنا في رصد غباء بعضنا البعض، وكانت النتيجة صفراً في المباراة.
سافر شلاش اليوم إلى عمله. أشعر أنّ عبئاً رحل عنّي.
أتمنى أن نعيش معاً. أتمنى أن لا أضطر إلى المساومة على لقمة عيشي.
لماذا أحدّث نفسي؟
الموضوع انتهى بالنسبة له. عليّ أن أقبل الحقيقة. عندما ذكرته بواجباته قال عني فاجرة.
لم يعد يحدثني إلا بلهجة تبدو مسيئة.
الرصاصة التي أبصرتها
بحاستي البعيدة
أطلقت بضغط زناد
أطاع أمر سيده
الذي يطيع أمر سيده
الذي يطيع أمر سادته
الرصاصة التي أبصرتها
بحاستي البعيدة
كانت بالأمس رغيفنا المشترك
واليوم
تأتي إلي
عبر فضاء الخلاف والاختلاف
والرأي والرأي الآخر
لتستقرموقفاً نهائياً في صدري
في الحرب ...
تطوّع لينقذَ الوطن .................................
في البناء المهجور
مدّ قناصته من النافذة العِلْويّة التي تقابل مدرسة الأطفال وسوق الخضار الهادئ ...!
"مسَحَ عرقهُ الكثيف على جبينه بباطن كفّه " .....و
أحدثَ ضجيجاً أحمر...!
ــ كانت طفلةٌ تشتري الخبزَ.. فأرداها
ــ بائعةُ الخبز التي رأى حذاءها عندما صدمتهُ سيارةُ أطفال المدرسة في مخيلته... أرداها فوق الطفلة!
ــ رجلٌ نحيل يشبه جاره اللئيم صاحب الدكان .... أرداه وهو ينحني لالتقاطِ قطعةً نقدية سقطت من أحدهم..!
آه!
هل تسمع ندائي يا ليل؟
أو تشعر بتلك الوحدة التي تتكسّر على شرفاتك؟
لو تذهب تلك الغصّة من صدري!
هل كلّ ما أشعر به من ألم من أجل حبّ رجل اسمه شلاش؟
صلب مثل جدار ليس له ملامح. هل يمكنني تغيير تراكم الغصّات؟
لا أعرف لون عينيه، ولا طوله، أحاول أن أتذكر، أنظر إليه، هو واقف أمامي، لا أراه بين صفحات أيامي، رحل منذ البدء. سمعت صوت ضحكته أمام حانوت، هو ليس جديّ كما يبدو، وأنا حزينة أكثر مما أبدو.
قفزتُ في النهر، صدمتني البرودة المفاجئة حتى ظننتُني أُهلك، وما أن صعدت إلى السطح، حتى تشكلَّ الضوء فوقه مساراً رفيعاً، لحقته.
تكشّف لي، أنه بازدياد سرعتي في العوم، تنفرج ساقا الضوء ويتسع المدى بينهما، عدا أن مقاومة جسدي للتيارات تصبح أخف، وفي الأعماق أقل، إلا أن الصعوبة تلاشت بعد أن نتأت من جلدي حراشف ملساء وقوية.
صرتُ سمكة بلا ذاكرة، بلا هوية .. حرة تماماً.
ركّبتُ في ذهني، في زقاقي المائي، قناطراً رومانية، وجسوراً حجرية معشبة في غاية الجمال، وعبرت تحتها بفرح طفولي سمكي، ثم زرعت على أحد جوانبه نواعيراً، وعلى أخرى طواحين هواء.
و حين ناديتُ انفتح صندوقك الأسود،
اندلق أزرقُ البحرِ سخي الموج،
ياله من مدد ... مدد!!
لكنني ما زلت متمسكة بفضة السماء
ليس خشية الغرق،
إنما تحسباً من ذاك المدد.,
**
لا تعوّلي على جريان الماء,
و لا تفرحي بسلسبيل رقراقه فتتغنجي,
همست السمكة لصغيرتها,
حرّكي زعانفك بسرعة و اهربي
قبل أن ألتهمك يا ابنتي....
كيف أصفه بالحبيب؟
الحبيب الذي حلمت به لا يحمل صفة واحدة من صفاته.
اعتقدت أنّه لا بدّ أن يشبهه بنسبة كبيرة-أعني من حلمت به-
اعتقدت أن رجلاً ما في هذا العالم يحبّني، فكان هذا الرجل هو شلاش الدّايخ.
ليس صحيحاً أنّ جميع الرّجال متشابهين.
عرض عليّ أحدهم الزواج. كان حقيقيّاً، يبدو أنّني كنت أفضل النوع المزيف من الرّجال، كوفئت برجل من نوع شلاش.
أقدّم له القهوة الأن، وأنحني، وأجلس قرب رجله اليمنى.
أليس الأفضل لو تلبس ثياب النّوم يا حبّي؟
-ليس لديّ وقت.
السّيد خرفان يريد أن أذهب معه إلى الصّحراء، نقيم هناك بضع ليال، أحبّ خرفان فتى من بني أبو السّبع، سيقيم معه عدّة ليال.