سأهتدي قليلاً إلى قلبكَ :
ــ وأعدُّ الحاضرينَ بخَرَسي
وعقارب الثواني في ساعة الجدار ..!
وإن لم يرَ الجالسُ في خرائبِ المدينةِ والأراجيحِ ... لونَ صوتكَ
حين قلتَ لي
( لا تلتفت لقلبكَ.. فلسوفَ يرديكَ الحبُ جليّاً حين تلتفت للهاجس )!
... كلُّ هذا لا يكفي ...
اللون الأسود
اللون الأحمر
اللون الرمادي
اللون المطري الشفّاف الأكثر من الدمِ والقهرِ وبكاءِ الأمهاتِ والحبيباتِ النائماتِ على الذكرياتِ لعودةِ الجنودِ العاشقين من المعركة !
كلّ هذا .... ولنبكِ أكثر ....!
القناصُ في اللوحة .......وأقصد
في الزاوية المُعتمة
هنااااك حيث كنتَ تريد أن ترسمَ سبّابةً تناغي الشفةَ السفلى
للقتيلِ ذاته ..رسمتَ سبّابةً رتّبَتْ قبرَ القتيلِ قبلَ أنْ يرى قبره والزائرين!
صدفة كان اللقاء وبمكان الصدفة اشتد المطر على غير احتمال. ومامن حاضر إلا أواخر الناس المسافرة وكوبين من الشاي الدافىء شاهدين على لقائها الصدفة. سلام بحرارة الشاي واحتضانة تفوقها حرارة . وبث أشواق ولهفة للقاء ذاك الوسيم سيد الصدفة.فتاة برهافة قطرة ندى .وبزي فراشة, ومليك ساحر, يتقن خلق الفرح وإبداعه.وشاطىء لتوه ودع كل زائريه .ومامن مقيم إلا فراشة ومليك.. غزل يفوق الشعر والأدب.وذكاء فراشة يفوق براءات الاختراع. بخفة الفراشة فتحت الصبية أبواب النافذة وبحركة رقيقة منها جعلت قطيرات المطر تلامس الفستان المعانق للجسد الرطب الثلجي. فأي سحر أصاب المليك العاشق ,هلا حدثتموني أحبتي عن الغزل ,عن الحب ,عن خلق الفرح.وعن إبداعه كل احداث الطبيعة وتفاعلاتها حدثت على شاطىء لايتكرر.بصدفة لاتتكرر.مع حب ووله لايتكرر. ذوبان وانصهار وخلق واعادة تشكيل ,كل هذه الأحداث شهد ولادتها الشاطىء الصدفة.
من الطابق العشرين
تبدو السيارات المركونة قبورًا مغطّاة بمظلاتٍ ملوّنة
الأبنية قطع حلوى صغيرة
الناس أيضاً يبدون مثل نملٍ يذرع الجهات بين الحياة والموت
أبصق
أبصق ثانية
دون أن ألمح أثرًا لبصاقي
لاأحد يرفع رأسه ليشتمني،
لا أحد يلتفت إلى إلهٍ في الطابق العشرين !
يرفع صوته كي أسمع: البارحة رآني أبو الثعلبان، وزوجته. قالوا لي: يا لك من وسيم، ومتمدّن.
-أنت متمدّن؟
كيف يكون المتخلّف إذاً؟
-أغلقي فمك أيتها الفاجرة؟
-نظّف خلفك، فأنا لست خادمة.
-وهل تعتقدين نفسك امرأة؟ تزوجتك من أجل أن تكون زوجة تعرف واجباتها.
رائحة المحشي تفوح منك.
-بفضل عطورك الباريسيّة. ارحل إلى أمّك، دعها تعتني بك.
أحدهم يقرع الباب.
-احزري يا سوسنتي من أتى؟ إنّهم أصدقاؤنا.
تفضّلوا.
يا أمّ النّمر! حبيبتي سوسنة .أ حضّري لنا الطّعام.
الثورة في الخارج ...وقصرهُ بدون ِ شبابيك ..!!
أمامه صولجان الضوء ولا يتحسّـس أشجارَ الحرية الباسقة بشفتيه الخشبيتين ؟!
مَــن يدري ؟ لربما رأى حُـلما ً حقيقيا ً
أنّ (غيوتين ) أعادَ شحذ َ مقصلته ِ .. أو أنّ ـ فرانكو ـ يصافحه ُ بخجل ٍ تاريخي ..!
مَــن يدري ؟ لربما ( لويس )
لربما هذه الثورة خَرجَـتْ من وجرِ ذئاب .... بظنـّــه ؟!
ومحكمتُــها ستكون بلا أرقام كما كنا لديه ..!
ثم نقول لك َ أيها الـــ :
هذا شعبُ سورية خَــلت من بعده ِ الشعوبُ ...
امض ِ ... وادفع فاتورة َ دمائنا
كما ندفع ثمنَ الكهرباء مع الضرائب .
أي عرافة ستقرأ حزن فنجاني
ابق معي لوهلة
فالقهوة بنكهة أرض
لاترحل
ابق معي نكمل كوخ القصب
نزينه بالشعر والغناء
ابق معي
فالرقص على بعد مسافة
لاتحتمل الهجرة
وسنونوة وشت لي
الضوء على مقربة
مثلما الغناء
يا أيّها العشق الحزين:
هل تذكر أغنيتنا؟
كان يرددها معنا الكون، ونحن نسابق الرّيح والمطر.
قلتُ لك: توقّف
أمسكت قلبك بيدين مرتجفتين، وكاد أن ينفطر.
اختبأنا بين الظّلال خوفاً أن تنتهي بنا لحظة جنون، وخوفاً من النهار.
هل تذكر ذلك السّياف الذي ضرب عنق الحبّ، فانبتر؟
تهاوى العشاق بعدها إلى القبر.
أعتذر منك، ومن العشاق. أخطأت. ليس للحبّ عمر.
يحاول الزّيف أن يخطفه، يسجّله باسمه.
حين أتحدث عن اليرموك أصاب بنوبة تعالي و نرجس....فقد ولدت هناك حيث تبنى الأوطان من خيمة مقهورة.. ونحترف ذاكرة أطفالنا بالمعنى من وجودنا.. شراسة محارب و سلام الزيتون.
على جدران المخيم تجد عبارة..
( كل الشعوب تسكن أوطانها إلا الشعب الفلسطيني يسكن وطنه فيه ).
حتى المخيم يعلم أنه ذاكرة جرح مؤقت ..
فللمخيم صفات ..هو لا ينام كآلهة قلقة.. مشهور كالمدن العظمى.. ضجيج بسطائه يدعو لمؤامرات و مؤتمرات ..و المخيم يربي أبناءه على شراسة محارب و عشق بقلوب يمام…
ولدت هناك حيث ثقافة الموت تسلية فدائي و عاشق… اسمه مخيم و أثره كوطن…
ابني ... هذا
كان يقصُّ على الغيبِ قبل أن يأتي حكايا الجنود القساةِ
وأوارَ الحروبِ في أكبادِ الأمهاتِ !
كان يلوي عنقه إلى وردة الله وفي زاويةِ عينه دمعةٌ دافئة ..
في زاوية عينه كان يرى صرخاتِ المغتصباتِ
وصوتَ ارتطامِ الجماجمِ في السجون على الجدران !
.... قهقهاتِ السجّانينَ وأحذيتهم فوق الخدود ...
كان يشمّ بقلبهِ صريرَ الأبوابِ التي تُفتحُ على الركبِ المشدودةِ إلى جدارين !
إلى شهوةِ الخنازير والضباعِ واللعابِ اللزجِ في الظلام !
كان يعرف أنّ الحياةَ مجرّد سبابة قناص
وتنتهي ..................في منتصف الطريق .. أو
قبل أن تعبره !
... ابني هذا الذي لن يأتي .. أذكى مني !
لا أتى هو بعينين زرقاوين .. على سبيل المثال .. مثلي !
ولا رأى الحربَ
لا يحتاج قبول الأخر في السويد إلى فلسفة. هو قانون ، وطريقة حياة، والشّرح النّظري لا يعطي دليلاً.
أتيح لي أن أختلط قليلاً في المجتمع السّويدي بعد أن أصبحت أفهم الكلام، ولديّ صديقان سويديان في نفس البناء الذي أقيم فيه. أحدهما مدرسة كيمياء، والثاني متقاعد في التّسعين. أما المعلّمة، وزوجها البروفسور، فقد علّمتهما شرب المتّة، علمّاني شرب القهوة مع الفيكا" البسكويت" وقد زرت معهم متحف المدينة، وفي المتحف هناك زاوية مخصّصة للغجر، ويسمونهم "رومر" تحدثوا لي بحماس عن معاناة بعضهم، وشرحوا لي بالتّفصيل عن أسماء الأشخاص في الصّور ومعاناتهم.