ننام ونستفيق على عشرات الأرواح التي لم يتح لنا أن نقول لها وداعاً.. أيّها العام الجديد، لا نريد هداياك.. لا نريد ألعاباً لأطفالنا.. نريد القليلاً من الودّ والرحمة.. قبوراً دافئة نكتب عليها أسماء الشهداء، مناديل ورقيّة أو خرقيّة من أجل دموع ما تبقى من الأمّهات ، وأكفاناً مزهّرة لمجهولي الأسماء، نريد حطباً وخبزاً حتى لو كان يابساً، ولا تفكّر بالماء، سيتكفّل به المطر!! هل نطلب الكثير أيّها العام الجديد؟ ونحن نعيش كما تعرف في بلد مفرمة. هل طلبنا الكثير؟
أقول «كادوا»، لأن الشهور الماضية، منذ سرق الإخوانُ مصرَ، كانت عسرة ومُرّة. شهدنا المصرىَّ يُخوِّن المصرىَّ ويُكفّره. ودخلت معجمَنا النقىَّ مفرداتٌ بلهاءُ، مثل: «فلول- عميل- عدو الدين- إسلاموفوبيا- إخوانوفوبيا»، وهلمّ جرا من مصطلحات صكّها الإخوانُ ليكسّروا بها عظامَ المعارضة التى ترفض مرسى والشاطر والمرشد وجماعتهم، مثلما رفضنا مبارك وحزبه، لأن كليهما أحبَّ نفسَه، ولم يحبّ مصرَ والمصريين
صباحاً... وقبلَ الموتِ بقليل
تتعالى أصوات الغرفة
فأُقلبُ قنوات التلفاز
أبالغ في البحث عن قناةِ (غنوة) علّني
أرى الإبراهيمي والله
عن مسيرتهم التعليمية. لقد تم اختزال طلبتنا، ككل السوريين، في دوامة الصراع الذي يكتسح البلاد، عوضاً عن أن نستثمر في كفاءاتهم الكامنة في مستقبل بلادنا المُنْهَكَة. وفي زمن البحث عن رغيف الخبز والقراءة على ضوء الشموع، صار البحث العلمي "ترفاً غير قابل للتفكير فيه
مرّي بسرعة القتل و شهقة الموت,
خذي كلّ ما أغدقتِ علينا من أحمر اللوعة,
و اتركي الباب مفتوحاً,
شهورك لوّثت أجساد أطفالنا,
هدرت ماء شبابنا أيقونات دم جارٍ
قررت الاستقالة من عملي لأسباب كثيرة ومن ضمنها: أن أعيش تجربة على الأرض ، لايمكن أن تمرّ تلك الثورة الكبيرة بقيمها وأهدافها دون أن يكون لي رأيّ في وضعِ الداخل . هو قرارٌ شخصي .قرّرتُ الرحيل . الرحيل إلى الموت . والسفر إلى سورية .
سأمارسُ جنوني حتى الثّمالة ، ماذا يعني أن أموت في الطريق ؟ أو على بابِ بيتي أو بتفجير ؟ الشّعبٌ السّوري المظلوم يقتلُ في كل دقيقة . سأكونُ منهم . وأكون على الأرض التي أحببتٌ أن أكملَ عليها حياتي ولم أستطعْ . وربما لن أستطيعَ .
نبقى أحياء دوماً، فهناك فائض من الشهداء في الثورة يتكفّلون باضطراب سوقها،
وهناك الكثير من الأسهم – الأجساد ستلقى في السوق وتباع وستبقى الثورة بخير ونبقى أحياء..
يا للرأسمالية ...!
يا لدفق سلاحها وإيمانها
حتي لا يستيقظ زلزال حنين غاضب
لا أسمي بلادي
حتي لا تتحرّك السكين التي علي عنقها
وتكتب مجزرة بدمها الحار
لا أسمي الوقت
ذات نهار في دمشق، لم تصدق أذنيها حين سمعت في حيها الصغير أصداء أصوات تهتف: الموت ولا المذلة...تناهى صوتهم إلى مسامعها، سرت قشعريرة باردة في جسدها، نزلت دمعة من عينيها، فتحت النافذة، غدا الصوت أقوى، هي جنازة لشهيد، كانت الشمس حارقة في ذلك اليوم الصيفي، توجهت إلى الثلاجة وأخذت ما فيها من عبوات ماء بلاستيكية ورمتها لهم لتخفف من ظمأهم، بكت بحرقة، زغردت، رشت الجنازة بالأرز والملح، صاحت معهم من نافذتها الصغيرة: ليش خايفين، ليش خايفين!
اختفت «برقوقة» من القرية. أين ذهبت؟ راحت إلى القصر المحترق، ودخلت تتجوّل فى أروقته وشرفاته وممراته الطولى. تدخل الغرف الموحشة بلا بشر، المتشحة بالسواد. تتأمل بقايا الأثاث المتفحم والتماثيل القيمة المهشمة، فتملؤها نشوة الشعور بالانتصار. لكن شعورها باللذة لم يكتمل إلا بعدما عاشت بين ركامه وأطلاله متوهمة أنها الملكة صاحبة هذا الثراء، الذى كان. أنا الآن ملكةٌ جميلة متوّجة، ولم أعد تلك النكرةَ المنبوذةَ