مغامرة أن أكون هنا
خاص ألف
2014-02-22
1-
مُغَامَرَةٌ أَنْ أَكُوْنَ هُنَا
ذَائِبَاً في مَكَانِي
عُصَارَةَ هَذِي الْبِلادِ وَهَذَا الْجُنُوْنِ وَتِلْكَ الدِّيَانَاتِ!
أَنْ أَسْتَشِيْرَ الْمَقَاعِدَ حِيْنَ أَوَدُّ الْجُلُوْسَ عَلَيْهَا
وَأَنْ أَسْتَثِيْرَ الْحَوَاسَ جَمِيْعَاً
إِذَا شِئْتُ أَنْ أَخْتَلِيْ لَحْظَةً بِانْكِسَارَاتِ قَافِيَتِي...
مَرَّةً يَسْتَطِيْعُ الْوَلِيْدُ الْخُرُوْجَ مِنَ الْعَدَمِ الْمُنْقَضِي
مَرَّةً أَسْتَطِيْعُ الْكِتَابَةَ عَنْ ذَلِكَ الْجُرْحِ في دَفْتَرِي الْمَدْرَسِيِّ الْقَدِيْمِ!
يُقَاسِمُنِي الشَّكُّ بَسْمَةَ كُلِّ صَبَاحٍ
وَقَدْ يَصْطَفِيْنِي انْفِعَالاً
مُجَرَّدَ حُزْنٍ
وَقَدْ يَعْتَرِيْنِي – إِذَا جِئْتُ أَفْرَحُ – كَالْمَوْتِ
في قَشْعَرِيْرَتِهِ الْمُسْتَدَامَةِ
في صَوْتِ قَادِمَةٍ تَتَدَلَّى أَمَامَ احْتِضَارِي الأَلِيْمِ
لِتُعْلِنَنِي مَرْكَزَاً لِلسَّدِيْمِ
وَتُعْلِنَنِي عَالَمَاً مِنْ فَرَاغْ!
أَبِي لَمْ يَكُنْ يَتَحَمَّلُ أَوْجَاعَهُ
لَمْ يَعُدْ يَسْتَطِيْعُ التَّنَبُّؤَ..
كَادَ يُعَلِّمُنِي أَنَّ فِكْرَةَ فَرْدِيَّتِي تَضْمَحِلُّ لَوِ اخْتَرْتُ إِعْلانَ نَفْسِيْ نَبَيَّاً
وَأَنِّي سَأَرْدِمُ بَيْتَ الطُّفُوْلَةِ حَيْثُ تُقَامُ الْجَنَازَةُ وَالتَّضْحِيَاتُ الْفَقِيْرَةُ
أَوْ حَيْثُ تُعْلِنُ آنِسَةٌ فَضَّ عَهْدِ الْبَرَاءَةِ
لَكِنَّهُ اخْتَارَ أَنْ يَمْتَطِيْ صَهْوَةَ الصَّمْتِ وَالْمُنْتَهَى..
رُبَّمَا مَاتَ
أَوْ مَلَّ مِنْ قُدْرَةِ النُّطْقِ.. فَاخْتَارَهَا
(سَكْتَةً) في الدِّمَاغْ!
وَكَادَ يُعَلِّمُنِي فَنَّهُ في اسْتِبَاقِ الأُمُوْرِ
وَقَلْبَ الْمَوَازِيْنِ فَوْقَ رُؤُوْسِ شُيُوْخِ الْقَبِيْلَةِ
كِدْتُ أُوَافِقُ... لَكِنَّنِي
مِثْلُهُ اخْتَرْتُ أَلاَّ أُرَاقِبَ سَيْرَ الرَّصِيْفِ
وَأَلاَّ أَرَى.. أَوْ أَرَى الصَّمتْ!
مُغَامَرَةٌ هِيَ لَحْظَةُ خَوْفٍ أَعِيْشُ عَلَى ضِفَّتَيْهَا
أَهِيْمُ عَلَى ضِفَّتَيْهَا
لِكَي أَصْعَدَ السُّلَّمَ الْمُخْتَفِيْ خَلْفَ أُفْقِ الْمَدِيْنَةِ
نَحْوَ الْبِدَايَاتِ
أَوْ كَي يُنَقِّحَ فَرْدِيَّتِيْ الْمَوتْ
إِذَا مَا الْتَقَيْتُ بِهِ حِيْنَ إِعْلانِهِ حَالَةً عَامَّةً في بِلادِي
فَفَاجَأَنِي سَاخِرَاً:
"مَا أَنَا في حَقِيْقَةِ أَمْرِي
سِوَى أَنتْ"!
2-
أَنَا الآنَ أُوْجِزُ حُلْمَاً
جَعَلْتُهُ خَمْسِيْنَ أَلْفَ احْتِمَالٍ
وَخُضْتُ بِتَأْوِيْلِهِ كُلَّ تَجْرِبَةٍ تَسْتَحِيْلُ..
هُنَا الْقَبْرُ يَكْتُبُنِي شَاعِرَاً
يَسْتَمِدُّ الْوِلايَةَ مِنْ دَفْتَرِي
يَنْزَوِي بِي
وَيُعْلِنُنِي لاجِئَاً خَالِدَاً فَوْقَ شَاهِدَةِ الْقَبْرِ
أَوْ نِصْفَ حَيٍّ
إِلى الْمَوْتِ – حَتْمَاً – أَمِيْلُ!
هُنَا الْقَبْرُ خَارِطَتِي في بِلادِ الْفَنَاءِ
أَعُوْدُ إِلى قَرْيَةٍ لَمْ أُشَاطِرْ بَسَاتِيْنَهَا دَمْعَةً
أَتَذَكَّرُ جَدِّي.. أَبِي، عَمَّتِي
رُبَّمَا بِتُّ أَخْتَرِعُ الآنَ ذَاكِرَةً لَمْ تَكُنْ!
أَأُنْكِرُهَا؟
رُبَّمَا الْقَبْرُ عَلَّمَنِي كَيْفَ أَرْسُمُهَا
كَيْفَ أُضْفِي عَلَى مِيْتَتِي نَكْهَةً
لِحُضُوْرِ الْوَطَنْ!
أَنَا الآنَ أُدْرِكُ أَلاَّ سَبِيْلَ لِمَوْتٍ إِذَا لَمْ تَزُرْهُ الْقَصَائِدُ وَالذِّكْرَيَاتُ
كَحُلْمٍ قَدِيْمٍ
إِذَا لَمْ تَكُنْ في الْحَيَاةِ وُجُوْهٌ تُلاحِقُنَا
وَوُجُوْهٌ نُحَاوِلُ أَنْ نَسْتَرِدَّ ابْتِسَامَاتِهَا لَحْظَةً
حِيْنَ نَحْتَلُّ جَوْفَ الْكَفَنْ...
3-
مُغَامَرَةٌ.. رِحْلَتِي في خَفَايَا التَّصَوُّفِ
أَحْتَلُّ زَاوِيَةً غَيْرَ مَادِيَّةٍ
جَسَدَاً لاحْتِمَالِي
وَأَسْتَنْطِقُ الرُّوْحَ حَتَّى أُعِيْدَ الْتِصَاقِي بِهَا حِيْنَ أَمْضِي
وَلَوْ في خَيَالِي!
أَنَا آخِرُ الْعَابِدِيْنَ لِطَيْفِ التَّأَمُّلِ
آخِرُ مُسْتَنْطِقٍ لِلسَّمَاءِ..
أَنَا آخِرُ الرَّاحِلِيْنَ إِلى (يَثْرِبٍ)
آخِرُ الْمُبْحِرِيْنَ إِذَا مَا اخْتَفَتْ أَبْحُرُ!
أَنَا آخِرُ الْـ.. لا
أَنَا آخَرُ!
4-
أَرْضِي وِسَادَةُ تَضْحِيَاتِي
أَسْتَمِرُّ وَتَسْتَمِرُّ عَلاقَةٌ مَا بَيْنَنَا
كَعَلاقَةِ امْرَأَةٍ بِشَرْشَفِهَا.. بِحُزْنِ الشِّعْرِ
أَوْ كَعَلاقَةِ امْرَأَةٍ بِكُلِّ مُخَلَّفَاتِ الشَّرْقِ مِنْ مَوْتٍ وَمِنْ كَذِبٍ..
هِيَ اللاَّشَيْءُ
وَثْبَةُ فِكْرَةٍ لَمَّا تُرَاوِدْنِي رُؤَاهَا
أَوْ مُجَرَّدُ حَالَةٍ نَفْسِيَّةٍ، كَالْخَوْفِ، كَالإِلْهَامِ، أَوْ كَالْحُبِّ
مَقْرُوْنَاً بِأَوْجُهِ مَا نُسَمِّيْهِ اعْتِبَاطَاً: عَالَمَاً!
قَدْ أَسْتَمِرُّ لِكَي أَصِيْرَكِ
غَيْرَ أَنِّي الآنَ أُدْرِكُ أَنَّ قَبْرِي لَحْظَةٌ سَأَعِيْشُهَا
سَأَمُوْتُهَا
سَأَجُوْلُهَا
وَأَجُوْلُ فِيْهَا مِثْلَمَا أَمْضَى (عَلاءُ الدِّيْنِ) آخِرَ أُمْسِيَاتِ الشَّرْقِ
مَصْلُوْبَاً إِلى مِصْبَاحِهِ!
قَدْ أَسْتَطِيْلُ لِكَي أَكُوْنَكِ
أَوْ أَصِيْرَ مُثَلَّثَاً كَالرَّبِّ في أَتْرَاحِهِ
لَكِنَّ قَبْرَاً في مَجَالِ الأُفْقِ يَنْظُرُنِي...
قَدْ يَنْقَضِي مَا كَانَ يَسْحَبُ ظِلَّهُ – سَنَوَاتِ عُمْرٍ – فَوْقَ أَخْيِلَتِي
وَقَدْ يَأْتِي إِليَّ كَكُوْبِ خَمْرٍ
غَيْرَ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا يُحَطِّمُ فِكْرَةَ التَّكْوِيْنِ إِسْفَافَاً
إِذَا مَا الْخَمْرُ.. عَاقَرَنِي!
5-
يَا أَيُّهَا الْمَغْرُوْزُ في جِيْدِ الْمَلَذَّةِ هَهُنَا
تَبَّتْ رُؤَاكْ!
لا تَحْتَضِرْ
لا تَبْصُقِ الْحُلُمَ الْمُبَعْثَرَ بَيْنَ أَشْتَاتِ الْمَوَاجِعِ..
هَا أَنَا طِفْلٌ
وَهَا الْمَشْلُوْلُ مِنْ مِئَةٍ يُعِيْدُ قِيَاسَ خَارِطَةِ التَّمَنِّي
بَعْدَمَا انْقَشَعَ ارْتِبَاكْ
فَأَحَارُ
هَلْ يَكْفِيْكَ عَامٌ كَي تُعِيْدَ قِرَاءَةَ التَّارِيْخِ فَوْقَ أَكُفِّ عَرَّافَاتِ ضَيْعَتِنَا الْفَقِيْرَةِ
أَمْ كَفَاكْ؟!
هِيَ بَسْمَةٌ
لا شَيْءَ تَذْكُرُهُ سِوَاهَا
لَحْظَةٌ لِلْحُبِّ عِشْتَ عَلَى رُؤَاهَا
فَارْتَحِ الآنَ اسْتَقِلْ
لا شَيْءَ يُحْصَدُ في مَدَاكْ...
يَا أَيُّهَا الْمَبْثُوْثُ مِثْلَ قَصِيْدَةٍ بَيْنَ الدَّفَاتِرِ وَالسَّجَائِرِ وَالأَسَى
هَبْ أَنَّ طِفْلاً فِيْكَ يَبْسِمُ لِلَّذِيْنَ اسْتَعْمَرُوا كَلِمَاتِ شِعْرِكَ
فَانْكَفَأْ
هَبْ أَنَّها سَكَنَتْ هُنَاكْ
أَتُرَاكَ تُعْلِنُهَا النِّهَايَةَ حِيْنَ بَيْنِهِمَا دَقَائِقَ
أَمْ تَفِيْءُ لِحِيْنِ كَانَا يَسْأَلانِ عَنِ النَّبَأْ؟!
تَبَّتْ رُؤَاكْ..
لا شَيْءَ يُحْصَدُ
(أُورْشَلِيْمُ) تَئِنُّ.. تَبْحَثُ عَنْ (سَبَأْ)!
6-
اَلآنَ تَحْضُرُنِي جَمِيْعُ مَعَارِفِي الأُوْلى الَّتِي أَدْرَكْتُهَا طِفْلاً..
هُنَالِكَ مَا يُعِيْنُ الْمَرْءَ كَيْ يَسْطِيْعَ أَنْ يَجْرِي عَلَى قَدَمَيْهِ
بَعْضُ النَّاسِ قَالُوا الْجَاذِبِيَّةَ
آخَرُوْنَ رَأَوْهُ شَكْلاً لِلتَّجَلِّي الْحَقِّ.. مَقْدِرَةً مِنَ الرَّحْمَنِ
كَي يَجْثُوْ، يُصَلِّيْ.. أَوْ يَمُرَّ عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيْمِ
وَآخَرُوْنَ، هُنَاكَ، مِثْلِي، لَمْ يُبَالُوا مُطْلَقَاً!
وَأَبِي... سَيُؤْسِفُنِي السُّكُوْتُ هُنَا
فَلَمْ يَكُ يَسْتَطِيْعُ الْمَشْيَ أَصْلاً كَي يُعَلِّمَنِي الْمَزِيْدَ مِنَ الْحَقَائِقِ!
هَكَذَا تَمْتَدُّ ذَاكِرَةٌ إِلى الْمَا لانِهَايَةِ
تَقْرَعُ الأَبْوَابَ طَالِبَةً إِجَابَاتٍ مُحَدَّدَةً
تُحَاوِلُ أَنْ تُوَحِّدَ بَيْنَ مَا سَيَكُوْنُ أَوْ مَا كَانَ إِجْمَالاً
وَبَيْنَ دَقَائِقٍ تَنْشَقُّ
لا جَدْوَى مِنِ اسْتِنْبَاطِ بَاطِنِهَا
وَلا جَدْوَى مِنِ اسْتِقْرَاءِ أَشْكَالِ اسْتِحَالَتِهَا بَتَاتَاً...
هَلْ أَمُوْتُ وَكُلَّمَا شِئْتُ احْتِضَارَاً رُحْتُ أَبْحَثُ عَنْ يَقِينْ؟
لا شَيْءَ في نَفْسِي سِوَاكِ هُنَا
وَمَا مِنْ قِصَّةٍ مَا زِلْتُ أَرْغَبُ في قِرَاءَتِهَا..
تُرَى أَنْهَيْتُ مَا ذُرِئَتْ شَرَايِيْنِي لأَجْلِ بُلُوْغِهِ؟
هَلْ أَبْحَرَتْ سُفُنُ الْحَقِيْقَةِ؟
كُلُّ بَوَّابَاتِ عَصْرِ اللهِ قَدْ صُدَّتْ.. وَهَاجَرَتِ الْيَمَامَةُ
تَشْتَكِي صَلْبَ الْمَسِيْحِ
وَنَدْبَةً في صَدْرِ أَبْنَاءِ الْحُسَينْ!
أَأَمُوْتُ وَالْقَدَرُ الْمُؤَجَّلُ لَمْ يَزَلْ مُتَنَازَعَاً في ضِفَّتَينْ؟!
عمر حكمت الخولي
08-أيار-2021
22-شباط-2014 | |
17-تشرين الأول-2010 | |
24-آب-2010 | |
26-تموز-2010 | |
22-أيار-2010 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |