"وَقَالَ اللهُ نَعْمَلُ الإِنْسَانَ عَلَى صُوْرَتِنَا كَشَبَهِنَا فَيَتَسَلَّطُوْنَ عَلَى سَمَكِ الْبَحْرِ وَعَلَى طَيْرِ السَّمَاءِ وَعَلَى الْبَهَائِمِ وَعَلَى كُلِّ الأَرْضِ وَعَلَى جَمِيْعِ الدَّبَّابَاتِ الَّتِي تَدُبُّ عَلَى الأَرْض"
(التَّكوين 1: 26)
1-
في الْبَدْءِ كَانَ الرُّعْبُ!
كَانَتْ كِلْمَةُ الْعَرْشِ المَجِيْدِ تُزَلْزِلُ الآفَاقَ حتَّى تَخْتَفِيْ
خَلْفَ الْوُجُودْ( )
في الْبَدْءِ كَانَ السِّجْنُ.. كَانَ اللهُ يَصْفَحُ عنْ أَبِي
حِيْنَ اسْتَشَاطَ فَظَاظَةً
لَمَّا تَخَلَّفَ عنْ مُبَايَعَةِ الأَمِيْرِ
هُنَاكَ كَانَ أَبِي يُجَوِّدُ في الْمَسَاءِ صُرَاخَهُ
وَالْعَرْشُ يَقْبَعُ فَوْقَ آهَاتِ الْقُيُودْ!
دَمْعٌ تَجَلَّى في انْعِدَامِ الْكَوْنِ
يَصْنَعُنا، لِيَبْحَثَ عَنْ غَدٍ كَالْقَبْرِ يَعْصِرُنَا
وَيُخْفِيْنَا عَلَى خَطِّ ارْتِعَابٍ
أَوْ مَدَارٍ لِلْجُحُودْ
رُوْحٌ تُهَيَّأَ لاحْتِمَالِ الْمَوْتِ قَبْلَ وُجُوْدِهَا
وَتُرَى عَلَى أُفُقِ الْهُيُوْلَى..( )
رُبَّمَا مَا كَانَ رَبِّي لِلأَنَامِ مُعَذِّبَاً
لَكِنْ بِأَرْضِي قَدْ تَمَزَّقَتِ الْعُهُودْ!
في الْبَدْءِ كُنَّا، وَالسُّجُوْنُ بِأَرْضِنَا
أُفُقُ الْوُجُودْ!
2-
هُنَاكَ الرَّحِيلْ
هُنَاكَ التَّوَهُّجُ كَالْحُبِّ لا يَسْتَقِيلْ
هُنَاكَ الرَّحِيلْ
وَإِنَّ الرَّحِيْلَ هُنَاكَ ابْتِدَاءٌ لِكَوْنٍ جَدِيْدٍ
وَعُمْرٍ جَدِيْدٍ
وَإِنَّ الرَّحِيْلَ هُنَاكَ انْتِصَارٌ
غَدَاً يَسْتَحِيلْ!
سَأَرْحَلُ كَيْلا أُحِبَّكِ
كَيْلا أَغُوْصَ بِبَحْرٍ بِلا شَاطِئٍ
وَبِلا مَرْفَأٍ تَتَوَارَى بِظِلِّهِ رُوْحُ قَتِيلْ!
هُنَاكَ الرَّحِيْلُ يَمُوْجُ بِأَحْزَانِ تَكْوِيْنِنَا المُنْتَهِي
يَتَظَلَّلُ بِالشَّمْسِ حَتَّى انْعِدَامِ الْفُصُولْ
وَحتَّى انْقِرَاضِ الْحَيَاةِ عَلَى كُتُبٍ لِلْخُمُولْ!
هُنَاكَ أُحَاوِلُ مَدَّ الْجُسُوْرِ إِلى أَمَلٍ يَتَلاشَى
وَأَكْتُبُ نَفْسِيْ صَدِيْقَاً لِكُلِّ أُجَاجٍ( )
وَكُلِّ فُرَاتٍ، وَمِلْيَوْنِ نِيلْ
وَأَكْتُبُ نَفْسِيْ قَصِيْدَةَ حُزْنٍ
تُنَادِي عَلَيْكِ: هُنَاكَ الرَّحِيلْ!
من ديوان «أسفار الشرق الجديد» تحت الطبع
عمر حكمت الخولي
××××
مقابلة لبدايتي سفر التكوين "في البدء خلق الله.." (التكوين 1: 1) وإنجيل يوحنا: "في البدء كان الكلمة" (يوحنا 1: 1).
الهيولى: لفظة فلسفية يونانية الأصل، يُقصد بها الجوهر.
الأجاج: الماء المالح المر.