السيرة النسوية!
خاص ألف
2010-07-26
1-
وُلِدَتْ
في بَيْتِ نَجَّارٍ عَتِيْقٍ
أَحَدِ الْجِيْرَانِ في أَرْضٍ أَبِيَّه
قَالَتِ الأُمُّ بِسَعْدٍ:
"هَا هِيَ الأَقْمَارُ تَهْوِي نَحْوَ دَارِي
دَاخِلَ الْحُضْنِ الَّذِي صَارَ هَوِيَّه"
إِنَّمَا النَّجَّارُ يَبْكِي:
"وَيْلَتِي! في الْغَدِ قَدْ تُمْسِي صَبِيَّه!
جَاءَنَا الْعَارُ.. فَكَيْفَ السَّعْدُ يَرْوِي مُقْلَتَيَّا؟"
وُلِدَتْ في بَيْتِ جَزَّارٍ جَدِيْدٍ
أَعْلَنَتْهُ عَيْنُ بِنْتٍ عَرَبِيَّه!
2-
مَرَّ عَامٌ
لَفَظَتْ أُوْلى الْحُرُوْفِ الشَّاعِرِيَّه
قَالَتِ الْبِنْتُ: "مَامَا"
أَخَذَتْهَا الأُمُّ، تِلْكَ الْيَدُ تَحْنُو
وَعُيُوْنُ الأُمِّ تَرْعَى الْمَجْدَلِيَّه!
بَعْدَ عَامٍ
قَالَتِ الْبِنْتُ: "بَابَا"
وَمَشَتْ نَحْوَ أَبِيْهَا
فَرَمَاهَا
وَهَجَاهَا
وَهَجَا الْحَظَّ الَّذِي أَنْجَبَ في بَيْتِهِ تِلْكَ الْوِلِيَّه!
3-
كَبُرَتْ
وَالْحُسْنُ خَطَّ الْوَجْهَ نُوْرَاً
ذَهَبَتْ صُبْحَاً إِلى مَدْرَسَةٍ لِلرَّاهِبَاتْ
كَتَبَتْ في الْبَيْتِ: "إِنِّي كَالْحَيَاةْ"
سُرِقَتْ أَقْلامُهَا غَدْرَاً لِكَيْلا تُصْبِحَ الْبِنْتُ سَنَيَّه
وَسَبَاهَا الأبُ لَيْلاً
بِنْتُهُ الآنَ سَبِيَّه!
وَأَبُوْهَا الْيَوْمَ أَمْسَى ضَابِطَاً في بَيْتِهِ
وَالْبِنْتُ تُحْمَى
مِنْ أَيَادٍ لِلثَّقَافَاتِ الْخَفِيَّه!
أَوَّلاً:
لا تَقْرَئِي.. فِالْعِلْمُ جِرْمُ
ثَانِيَاً:
لا تَكْتُبِي.. فَالْحِبْرُ ظِلْمُ
ثَالِثَاً أَوْ رَابِعَاً... لا فَرْقَ مَا دُمْتِ صَبِيَّه!
وَأَبُوْهَا الْيَوْمَ أَمْسَى قَائِدَاً لِلْجُنْدِ في دَارِ الْخِلافَه:
"أَشْرَسُ الأَعْدَاءِ يَا بِنْتِي: ثَقَافَه
وَغَرَامٌ لِلْحَيَاةِ السَّرْمَدِيَّه"!
4-
بَاتَ عُمْرُ الْبِنْتِ عِشْرِيْنَ خَرِيْفَاً!
وَدَّعَتْ بِالأَمْسِ أَحْلامَ هَوَاهَا
وَتَبَاهَتْ بِاحْمِرَارٍ وِجْنَتَاهَا
فَهْيَ أَحْلَى مِنْ أَسَاطِيْرَ شَجِيَّه
مُزِّقَتْ مِنْ فَرْطِ عِشْقٍ شَفَتَاهَا
وَارْتَمَتْ كَالْعِطْرِ في جَوْفِ الْهَدِيَّه!
تِلْكَ عَيْنٌ عَرَبِيَّه
ذِي شِفَاهٌ مَغْرِبِيَّه
وَالنُّهُوْدُ السَّامِرِيَّه
كَفَرَتْ، فَارْتَدَّ صَوْتُ اللهِ فِيَّا!
قَالَتِ الْبِنْتُ: "أُحِبُّكْ"
وَكَرَعْدٍ قَدْ أَتَاهَا
صَوْتُ رَبٍّ لا يَرَاهَا
سَجَدَتْ فَوْقَ تُرَابِ الأَرْضِ تَبْكِي:
"وَيْلَتِي إِنِّي تَنَاسَيْتُ الْوَصِيَّه"!
5-
بَاتُ عُمْرُ الْبِنْتِ عِشْرِيْنَ خَرِيْفَاً
وَجَمَالُ الْكَوْنِ يُرْوَى في سَنَاهَا
كَارْتِوَاءِ النُّوْقِ مِنْ عَيْنٍ زَكِيَّه
أَلْفُ شَابٍ في بِلادي سَوْفَ يُهْدِي الْبِنْتَ شِعْرَاً
أَلْفُ ثَغْرٍ يَشْتَهِي لَثْمَ الشِّفَاهِ الْمُخْمَلِيَّه
فَاقْتُلُوْهَا، وَادْفِنُوْهَا
وَاجْعَلُوا الدِّيْنَ سِتَارَاً لِلْجَرِيْمَه!
وَابْعَثُوْهَا، حَاسِبُوْهَا
وَاخْنُقُوا الرَّحْمَةَ في أُمٍّ رَحِيْمَه!
صَلَوَاتِ اللهِ يَرْنُو أَبَوَاهَا
وَالْبِلادُ الْمَشْرِقِيَّه
وَسُيُوْفُ الْقَوْمِ تَجْتَاحُ هَوَاهَا
إِرَباً قَدْ مُزَّقَتْ تِلْكَ الصَّبِيَّه!
6-
بَعْدَ آلافِ السِّنِيْنِ اخْتَارَتِ الْبِنْتُ الْقِيَامَه
نَفَضَتْ عَنْ نَهْدِهَا أَضْغَاثَ طِيْنٍ
حَطَّمَتْ أَحْجَارَ قَبْرٍ فِيْهِ أَمْسَى الْعِشْقُ هَامَه
وَتَهَادَتْ، وَتَوَالَتْ كَهُطُوْلِ الْمَطَرِ الْمَحْبُوْسِ مِنْ مِلْيَوْنِ عَامٍ
فَوْقَ أَجْدَاثٍ حَيِيَّه!
جَعَلَتْ مِنْ دَمِهَا الْمُنْسَابِ خَمْرَاً
صَنَعَتْ مِنْ لَحْمِهَا الْمَطْعُوْنِ خُبْزَاً
فَشَرِبْنَا، وَأَكَلْنَا، وَشَبِعْنَا
آهِ مِنْ طَعْمِ الْمَقَابِرْ
حِيْنَ يَحْتَلُّ شِفَاهِي بِرَوِيَّه!
دَمْعُهَا مَا زَالَ يَرْوِي أَرْضَ (قَانَا)
وَ(إِمِيْسَّا)، أَرْضَ (بِرْلِيْنَ وَلُنْدُنْ)
أَرْضَ (دِيْغُوْلَ وَنَاصِرْ)
بَلْ وَيَرْوِي كُلَّ ذِكْرَى لِهَوَانَا
كُلَّ حَرْفٍ قِيْلَ يَوْمَاً في الْمَنَابِرْ
كُلَّ سِكِّيْنٍ لِعَاصٍ أَوْ لِثَائِرْ
وَيُصَلِّي في انْتِحَارِ الْقَادِسِيَّه!
وَيُغَنِّي دَمُهَا الْمَسْكُوْبُ في جَوْفِ الْحَنَاجِرْ:
"بُعِثَ الإِنْسَانُ مِنْ جَوْفِيَ حَيَّا"!
23 أيلول 2008م
عمر حكمت الخولي
من ديوان "عندما زرتُ القدر" الصادر 2009م
×××××××××××××××
نقل المواد من الموقع دون الإشارة إلى المصدر يعتبر سرقة. نرجو ممن ينقلون عنا ذكر المصدر ــ ألف
08-أيار-2021
22-شباط-2014 | |
17-تشرين الأول-2010 | |
24-آب-2010 | |
26-تموز-2010 | |
22-أيار-2010 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |