جمانة حداد خارج "جسد"ها (وحكاية الأرنب الذي نجا)
2008-10-21
فيما أتصفّح مقالاتٍ حول (الثقوب السوداء)، وأفكر في إمكانية ابتلاع (أو اجترار) أحدها لكوكب الأرض، أتت عيني على ما نشرته (الغاوون) متمثّلةً بالمحرّرين ماهر شرف الدين وزينب عسّاف بخصوص مجلة "جسد" التي تترأس تحريرها الشاعرة والإعلامية جمانة حداد والمزمع إصدار عددها الأول في خريف 2008. ليس كل ما هو قانونيّ أخلاقياً بالضرورة، بغض النظر عما إن كان ما نُشرَ صواباً أم لا فإنه استغلالٌ لِما للصحافة ـ في لبنان تحديداً ـ من حريةٍ، وتحويلٌ لها إلى معترك للمهاترات سيّما أنّ (الغاوون) تعنى بالشعر. كان في وسع السيد ماهر أن يفاتح السيدة جمانة بالقضية (أو بالفضيحة كما شاء لها هذه التسمية) وجهاً لوجهٍ لو أنّ الغاية نبيلةٌ، والحيلولة دون سفك المزيد من البياض بياضِ الورقِ.
الحادثة هذه لو قُدّرَ لها الوقوعُ في السحيق والغابر من الزمن، أَكان السيد ماهر سيلجأ إلى جمع جلود الحيوانات ـ بعد قتلها طبعاً ـ واتخاذِها مناشيرَ يصبُّ عليها جامَ غضبه؟؟
في الشرق ـ عقدةِ الجهاتِ، مازلنا صرعى بعضنا البعض.
اليدُ الضاغطة على الزناد هي يد صديق.. والـ "جسد" هو "جسد" صديق.. فيما منهمكون نحن المتشدّقين السفسطائيين بتحليل الرصاصة وتقصّي منشئها.الهجاءُ من ثيماتنا، وقد تلقّينا أساليبه وفنونه في مناهجنا المدرسية، حتى أمسى فيروساً يعيدُ تشكيلَ سلالاته في ذهنيتنا.
أيقونةُ النقد الذاتي مازالت غير مفعَّلةٍ، الأيقونةُ مصمَّمةٌ لكنّ خللاً ما (وراثيّاً ربما) يحول دون استخدامها الصائب.
اقتصادياً ربما ارتفعت نسبة مبيعات (الغاوون) في عددها الفضائحي، وهذا طبيعيٌّ في مجتمعٍ مهووسٍ بالقال والقيل، مجتمعٍ (سادوشيٍّ) يتدحرجُ كرةَ ثلجٍ على رصيف الحضارة، في انتظار دنوّ الشمسِ من الأرض.
ذلك اليوم، مثلاً، فيما كنتُ وأصدقاءَ لي في زيارة غير مقصودة لإحدى حدائق الحيوان (حديقة متنقّلة) في بلدتي/الحسكة حيث الأشياءُ متوحّدةٌ ـ خلافَنا نحن الأهالي ـ في قناعٍ من غبارٍ.
لم أتألم لرؤية الأسد هزيلاً .. ضئيلاً قدرَ ما آلمني العرضُ الذي تشدَّقَ به المروّضُ لاستنهاض الأسدِ خائرِ القوى، وجعلِه يزأرُ على مرأى من الجميع هناك أطفالاً وذكوراً ونساءً.
ببساطةٍ قال المروّضُ: ادفعوا لي 200 ل.س أُناولِ الأسدَ أرنباً حيّاً.
ونحن ستتسنّى لنا مشاهدة المناوشة الضارية بين الأرنب والأسد (الجائع)، في مسرحٍ ميلودراميّ. وبالتأكيد على الأرنب أن يتغلب على الأسد؛ فالخير دائماً ينتصر على الشرّ.. وكأننا أمام فيلم كرتون!! ولحسن الحظ يأتي جواب أحد الذكور الزائرين بالنفي؛ مستكثراً المبلغَ الواجب دفعه، وليس من قبيل الحرص على ذاكرة الأطفال أو عدمِ تشجيع ثقافة العنف. أما أنا، لم تكن لي أية أسهم نقدية تخوّلني للدخول في تلك البورصة.
للفقر محاسنه، والأرنب نجا بسببٍ اقتصاديٍّ محضٍ.
لطالما استوقفني ما كتبه شوقي بزيع/الشاعر اللبناني: "في الحرب ينتصر الغبار".
للحروب الجوهرُ ذاتُه وإن اختلفتْ أعراضاً، عجباً نطالب الآخر بمحبتنا فيما نحن كارهوننا.
ثمة فراغٌ/مِلاطٌ فاصلٌ ما بين الروح والـ"جسد"، لا تنكّشوه بالأقلام فيتداعى المنزل بِرمّته.
08-أيار-2021
12-نيسان-2014 | |
02-آذار-2014 | |
08-حزيران-2009 | |
25-آذار-2009 | |
29-تشرين الثاني-2008 |
22-أيار-2021 | |
15-أيار-2021 | |
08-أيار-2021 | |
24-نيسان-2021 | |
17-نيسان-2021 |